في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه السوريين المقيمين في تركيا، وخاصة أولئك الذين نشأوا وتعلموا في البلاد، قدم الباحث التركي عمر أوزكيزيلجيك مقترحاً مبتكراً يهدف إلى تحسين وضعهم القانوني والاقتصادي. هذا المقترح، الذي نشره في مقالة على موقع (Yeni Şafak)، يدعو إلى منح السوريين المؤهلين “البطاقة الزرقاء” كبديل عن “الكيمليك” (بطاقة الحماية المؤقتة) والجنسية التركية.
وصل العديد من الأطفال السوريين إلى تركيا قبل 11 عاماً، ونشأوا وتعلموا في نظامها التعليمي. يتحدثون اللغة التركية بطلاقة ودرسوا تاريخ البلاد ونشيدها الوطني. مع اقترابهم من التخرج من الجامعات والمعاهد المهنية، يواجه هؤلاء الشباب مشكلة كبيرة تتمثل في عدم قدرتهم على الحصول على إذن عمل، مما يحد من فرصهم في بناء مستقبل مستقر ومزدهر داخل تركيا.
وفقاً لأوزكيزيلجيك، يوجد حالياً مليون و561 ألفاً و416 سورياً تحت سن 18 عاماً في تركيا، يتلقون تعليمهم في المدارس التركية. بالإضافة إلى ذلك، يدرس 58 ألفاً و213 سورياً في الجامعات التركية. ورغم حصولهم على شهادات معترف بها دولياً، إلا أن عدم قدرتهم على العمل قانونياً في تركيا يشكل عائقاً كبيراً أمامهم.
يجب على الشبان السوريين الحصول على إذن عمل من وزارة العمل التركية، ولكن الطلبات تُرفض في معظم الأحيان. ويرجع ذلك إلى أن الأشخاص تحت الحماية المؤقتة لا يمكنهم العمل بدون تصريح عمل، وهو ما يعتبره أوزكيزيلجيك عائقاً غير منطقي.
اقترح أوزكيزيلجيك منح البطاقة الزرقاء للسوريين الذين يستوفون معايير معينة. هذه البطاقة ستتيح لهم العمل والحياة بشكل قانوني في البلاد، مما يساعد على دمجهم في الاقتصاد التركي بشكل فعال. البطاقة الزرقاء ليست بديلاً عن الجنسية، لكنها توفر وضعاً قانونياً يسمح لهم بالمساهمة في نظام الصحة والتقاعد التركي، وهو ما يعود بالفائدة على كلا الطرفين: السوريين والدولة التركية.
فوائد البطاقة الزرقاء
- الاستفادة من الكفاءات: يسمح هذا النظام لتركيا بالاستفادة من المهارات والمعارف التي اكتسبها السوريون خلال فترة إقامتهم في البلاد، بدلاً من تركهم يهاجرون إلى أوروبا بحثاً عن فرص عمل.
- دعم الاقتصاد: بتمكين السوريين من العمل بشكل قانوني، يمكنهم المساهمة في الاقتصاد المحلي من خلال دفع الضرائب والمشاركة في برامج الضمان الاجتماعي.
- تخفيف الضغط على نظام الحماية المؤقتة: بإدخال نظام البطاقة الزرقاء، يمكن تقليل الاعتماد على نظام الحماية المؤقتة، مما يتيح للدولة التركيز على الحلول الدائمة والفعالة لمشكلة اللاجئين.
رغم الفوائد المحتملة لنظام البطاقة الزرقاء، قد يواجه هذا المقترح بعض التحديات. قد يتطلب الأمر تغييرات في القوانين الحالية وتنسيقاً بين مختلف الجهات الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه المقترح بعض المعارضة من المجتمع التركي الذي قد يشعر بالقلق من تأثير تدفق المزيد من اللاجئين على فرص العمل والمجتمع بشكل عام.
الخاتمة
مقترح البطاقة الزرقاء للسوريين يمثل حلاً مبتكراً يمكن أن يساهم في تحسين الوضع القانوني والاقتصادي للسوريين في تركيا. من خلال منح هؤلاء الشباب الفرصة للعمل والعيش بشكل قانوني، يمكن لتركيا الاستفادة من مهاراتهم ومعارفهم، مما يعزز الاقتصاد ويقلل من مشكلات الهجرة غير النظامية. ومع ذلك، يتطلب تنفيذ هذا المقترح تعاوناً وثيقاً بين الجهات المعنية وتوعية المجتمع بالفوائد المحتملة لهذا النظام.