ضربة جديدة على رئس نظام الأسد
في ضربة جديدة للنظام السوري، أصدرت محكمة الاستئناف في العاصمة الفرنسية باريس حكماً يقضي بإسقاط الحصانة عن أديب ميالة، حاكم مصرف سوريا المركزي السابق. جاء هذا القرار على خلفية التحقيقات الجارية بشأن دوره في تمويل الجرائم التي ارتكبها النظام السوري، مما يفتح الباب أمام محاكمته بتهم تتعلق بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
أكدت المحكمة في حكمها أن الحصانات الوظيفية لا يمكن تطبيقها في حالات الجرائم الدولية، مشددة على أن “هذه الجرائم الدولية لا يمكن أن يشملها مبدأ الحصانة للسماح بإفلات مرتكبيها من العقاب”، وذلك حسبما ذكر المركز السوري للإعلام وحرية التعبير. هذا القرار يعكس موقف وحدة جرائم الحرب التابعة لمحكمة باريس القضائية، التي أصدرت سابقاً عشرة أوامر اعتقال بحق مسؤولين سوريين كبار.
لاقى هذا الحكم تأييداً واسعاً من قبل منظمات حقوقية دولية ومحلية. فقد صرحت كليمانس بيكتارت، المحامية الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بأن هذا القرار يمثل “إشارة قوية على أنه لم يعد من الممكن التذرع بالحصانة الوظيفية لعرقلة مكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية”. من جهته، أكد مازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، أن هذا القرار جاء “نتيجة معركة قانونية طويلة خاضتها منظماتنا والضحايا السوريون لضمان عدم تمكن المسؤولين المفترضين عن ارتكاب جرائم دولية من الهروب من العدالة بحجة الحصانة”.
خلفية الاتهامات ضد أديب ميالة
تعود الاتهامات ضد أديب ميالة إلى دوره المزعوم في دعم النظام السوري مالياً واقتصادياً خلال فترة قمع الحركة الاحتجاجية في سوريا. فقد شغل ميالة منصب حاكم مصرف سوريا المركزي من 2005 إلى 2016، ثم تولى حقيبة الاقتصاد والتجارة الخارجية حتى عام 2017. وفي كانون الأول 2022، وُجهت إليه السلطات الفرنسية تهم تتعلق بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، إضافة إلى غسل عائدات هذه الجرائم. ورغم إسقاط لائحة الاتهام عنه في أيار الماضي ووضعه في مصاف الشاهد المتمتع بالمساعدة، إلا أن النيابة العامة لمكافحة الإرهاب استأنفت القرار.
الأبعاد الدولية للقرار
يمثل هذا الحكم خطوة هامة في سبيل تحقيق العدالة الدولية، حيث يبعث برسالة قوية بأن الجرائم الدولية لا يمكن أن تمر دون عقاب، حتى لو كان مرتكبوها يتمتعون بحصانات وظيفية. كما يعزز هذا القرار الأمل لدى الضحايا السوريين في تحقيق العدالة أمام القضاء الدولي، في ظل محدودية القدرة على ملاحقة مرتكبي الجرائم في سوريا.
خاتمة
يعكس قرار محكمة الاستئناف الفرنسية بإسقاط الحصانة عن أديب ميالة تحولاً نوعياً في مسار العدالة الدولية، مؤكداً على مبدأ عدم الإفلات من العقاب في الجرائم الدولية. إن هذا القرار لا يقتصر فقط على حالة ميالة، بل يحمل دلالات أوسع على التزام المجتمع الدولي بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، مهما كانت مناصبهم أو حصاناتهم.