تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية على سوريا: حقيقة مشاركة قوات خاصة أوكرانية في درعا
في خضم الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، انتشرت شائعات وتكهنات حول تدخل القوات الأوكرانية في مناطق الصراع في سوريا. أحدث هذه الادعاءات جاء من صحيفة “كييف بوست” الأوكرانية التي نشرت مقطع فيديو قالت إنه يظهر تعاوناً بين القوات الخاصة الأوكرانية ومقاتلين من المعارضة السورية في استهداف القوات الروسية جنوبي سوريا. فهل هذه الادعاءات صحيحة أم أنها مجرد تكهنات؟
تفاصيل الفيديو المنشور
نشرت “كييف بوست” مقطعاً مصوراً زعمت أنه يظهر فرقة “خيميك” التابعة للمخابرات العسكرية الأوكرانية وهي تنفذ عمليات ضد القوات الروسية في جنوب سوريا، بالتعاون مع مقاتلين سوريين. ووفقاً للصحيفة، فإن هذه اللقطات التقطت في آذار 2024، وتظهر عمليات استهداف لنقاط تفتيش ودوريات ومركبات عسكرية روسية باستخدام القنابل الصاروخية وقذائف الهاون وعبوات ناسفة يتم التحكم بها عن بعد.
للتحقق من صحة هذه الادعاءات، قام “تلفزيون سوريا” بالتواصل مع مصادر محلية وعسكرية في محافظة درعا، الذين نفوا بشكل قاطع وجود أي قوات أوكرانية في المنطقة. وأفادت المصادر أن اللقطات التي نشرتها “كييف بوست” تعود إلى معارك سابقة بين فصائل المعارضة والنظام السوري قبل سيطرة النظام على المحافظة في تموز 2018، بالإضافة إلى اشتباكات حديثة بين فصائل محلية في بلدة محجة بريف درعا الشمالي.
أكدت المصادر المحلية أن الهجمات التي تستهدف قوات النظام والدوريات العسكرية تنفذها غالباً مقاتلون معارضون سابقون بدون أي تنسيق مع جهات خارجية. واعتبرت هذه الهجمات رد فعل على الانتهاكات المستمرة التي تقوم بها قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية.
تخطيط غير منفذ لضرب القوات الروسية في سوريا
في سياق متصل، كشفت وثيقة استخبارية أميركية مسربة في نيسان 2023 عن تخطيط أوكراني لشن هجمات سرية على القوات الروسية في سوريا بالتعاون مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد). إلا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمر بوقف هذه الخطط في كانون الأول 2022، كما أفادت صحيفة “واشنطن بوست“. كانت الخطة تهدف إلى إلحاق خسائر بالقوات الروسية وميليشيات “فاغنر” لدفع موسكو إلى تحويل مواردها من أوكرانيا إلى سوريا.
أكد المتحدث باسم “قسد“، فرهاد شامي، عدم صحة ما ورد في الوثيقة المسربة، ونفى أي علاقة لقواتهم بالحرب الروسية الأوكرانية. وأوضح أن “قسد” لم تشارك في أي أنشطة عسكرية مرتبطة بالصراع الأوكراني الروسي او أي عمليات ضد روسيا.
الأبعاد العسكرية والسياسية لهذه الادعاءات
الادعاءات حول وجود قوات خاصة أوكرانية في سوريا تحمل رسائل سياسية وعسكرية متعددة الأطراف:
- رسالة لروسيا: توضيح أن أوكرانيا قادرة على توسيع ساحة المعركة لتشمل مناطق نفوذ روسية أخرى، مما يزيد من الضغط على موسكو.
- رسالة للمجتمع الدولي: تأكيد أن أوكرانيا ليست فقط في وضع الدفاع بل قادرة على تنفيذ عمليات هجومية معقدة، مما قد يؤدي إلى زيادة الدعم العسكري والاقتصادي لها.
- رسالة للمعارضة السورية: إظهار أن هناك دعماً خارجياً مستمراً لهم، مما قد يعزز صمودهم وموقفهم التفاوضي.
ردود الفعل الدولية
إطلاق مثل هذه الشائعات قد يهدف إلى اختبار ردود الفعل الدولية وتحديد مواقف الدول المختلفة من التدخلات الخارجية في الصراع السوري. قد يؤدي هذا إلى زيادة التعقيد في العلاقات الدولية ويعزز مناصب بعض الدول بينما يضعف مواقف أخرى.
الدعاية والحرب النفسية
تعد الشائعات جزءاً من الحرب النفسية والدعاية التي تهدف إلى زعزعة استقرار العدو وخلق حالة من الشك والفوضى. من خلال نشر هذه الشائعات، يمكن للطرف المعني تحقيق الأهداف التالية:
- إرباك العدو: إرباك القوات الروسية وحلفائها في سوريا حول حقيقة الوضع العسكري على الأرض.
- رفع المعنويات: رفع معنويات القوات الأوكرانية والمعارضة السورية من خلال إظهار القدرة على تنفيذ عمليات نوعية.
- تضليل الإعلام: تضليل وسائل الإعلام والجمهور العام لخلق تصورات معينة تؤثر على الرأي العام والسياسات الدولية.
الخاتمة:
بينما تبدو الادعاءات حول وجود قوات خاصة أوكرانية في درعا غير مؤكدة ومشكوك في صحتها، فإنها تسلط الضوء على الديناميكيات المعقدة والمتشابكة للحرب الأوكرانية الروسية وتأثيراتها على سوريا. يعكس هذا الاستخدام الاستراتيجي للإشاعات مدى تعقيد الصراعات الحديثة حيث تتداخل التكتيكات العسكرية مع الحرب النفسية والسياسة الدولية. في النهاية، تظل المنطقة ساحة لصراعات متعددة الأبعاد، حيث يمكن لأي تطور جديد أن يعيد تشكيل التوازنات والتحالفات بشكل دراماتيكي في سوريا.