في خطوة استراتيجية حاسمة تعكس التزام الولايات المتحدة الثابت بعدم التطبيع مع نظام بشار الأسد في سوريا، أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون ميزانية وزارة الدفاع لعام 2025. يتضمن هذا المشروع بنوداً تهدف بشكل صريح إلى منع أي تطبيع للعلاقات مع النظام السوري الحالي، الذي يعتبره المجتمع الدولي مسؤولاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم حرب ضد المدنيين السوريين. جاء هذا القرار بعد موافقة لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب على إضافة هذه البنود إلى مشروع الميزانية، مما يعكس توافقاً واسعاً بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول ضرورة محاسبة النظام السوري وتعزيز حماية القوات الأميركية وحلفائها في المنطقة. هذه الخطوة تمثل جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى الحد من نفوذ إيران وروسيا في سوريا، والتأكيد على موقف الولايات المتحدة الثابت في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط.
تفاصيل المشروع
قانون الأمل لسوريا
أقرت لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي “قانون الأمل لسوريا“، والذي يتضمن ملحقاً خاصاً بسوريا ضمن ميزانية وزارة الدفاع لعام 2025. يهدف هذا القانون إلى حظر اعتراف أو تطبيع الحكومات الأميركية الحالية والمستقبلية مع أي حكومة سورية يرأسها بشار الأسد. يمثل هذا الإجراء خطوة قوية تعكس التزام الولايات المتحدة بموقفها الحازم تجاه النظام السوري، ويأتي في إطار جهود أوسع لتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية في سوريا، وضمان عدم منح الشرعية لنظام متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
موقف التحالف الأميركي لأجل سوريا
أكد التحالف الأميركي لأجل سوريا، وهو ائتلاف يضم جماعات سورية ومنظمات أميركية متعددة الديانات تدعو إلى سوريا حرة وديمقراطية، أن الولايات المتحدة لن تطبّع أبداً العلاقات مع سوريا تحت حكم بشار الأسد. في بيان صدر اليوم الخميس، أعلن التحالف أن مشروع الميزانية يلزم الإدارة الأميركية بتطوير إستراتيجية لحماية القوات التي تدعمها الولايات المتحدة في قاعدة التنف من التهديدات التي يشكلها نظام الأسد. تشمل هذه الإستراتيجية أيضاً التعامل مع التهديدات من الوكلاء المدعومين من إيران وروسيا، وتطلب تقديم تقرير شامل عن علاقات نظام الأسد بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والجماعات المدعومة من إيران والدعم الروسي للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
محتوى البنود المضافة
يشتمل مشروع القانون على بنود أساسية تحظر تطبيع الحكومة الحالية أو أي حكومة مستقبلية للولايات المتحدة العلاقات مع أي حكومة سورية يكون على رأسها بشار الأسد أو الاعتراف بها. وأوضح محمد علاء غانم، مسؤول السياسات بالتحالف الأميركي لأجل سوريا، أن هذا البند حظي بموافقة أغلبية مطلقة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في المجلس، حيث وافق عليه 57 عضواً مقابل اعتراض عضو واحد فقط.
أهمية الخطوة
مرحلة مهمة في التشريع
رغم أن هذا التصويت لا يعني إقرار القانون في نسخته النهائية، إلا أنه يمثل مرحلة مهمة على طريق إقراره قبل أن يصبح قانوناً نافذاً في الولايات المتحدة. يبرز هذا التحرك التزام الولايات المتحدة بمواصلة الضغط على نظام الأسد والجهات الداعمة له، بما في ذلك إيران وروسيا، والعمل على منع أي محاولات لتطبيع العلاقات مع النظام السوري في المستقبل القريب.
تأثير القانون على السياسة الأميركية تجاه سوريا
يعتبر هذا الإجراء جزءاً من سياسة أميركية أوسع تهدف إلى منع الأسد من الاستفادة من أي شكل من أشكال الشرعية الدولية أو الدعم الدولي، خصوصاً في ظل التقارير المتزايدة عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري ضد المدنيين. كما يعكس هذا القانون تصميم الولايات المتحدة على حماية حلفائها المحليين في سوريا وتأمين مصالحها في المنطقة.
التحديات المستقبلية
إقرار القانون بشكل نهائي
رغم التقدم الذي حققه مشروع القانون في مجلس النواب، فإن التحدي الأكبر يكمن في الحصول على موافقة مجلس الشيوخ وإدارة الرئيس قبل أن يصبح قانوناً فعلياً. هذه الخطوة تتطلب دعماً مستمراً من كلا الحزبين وضغوطاً متواصلة من منظمات المجتمع المدني والجماعات الداعمة للديمقراطية في سوريا.
تنفيذ البنود على أرض الواقع
التحدي الآخر يتمثل في تنفيذ البنود على أرض الواقع، خاصة في ظل التعقيدات الميدانية والوجود العسكري المتداخل في سوريا. يتطلب تطبيق هذه البنود تعاوناً وثيقاً بين الأجهزة العسكرية والاستخباراتية الأميركية وشركائها في المنطقة لضمان فعالية الإستراتيجيات المقررة.
خاتمة:
إقرار مجلس النواب الأميركي مشروع ميزانية وزارة الدفاع لعام 2025، متضمناً بنوداً تحظر تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد، يمثل خطوة حاسمة في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا. هذا التحرك يعزز الالتزام الأميركي بدعم حقوق الإنسان والديمقراطية في سوريا، ويؤكد على عدم التسامح مع أي محاولات لمنح الشرعية لنظام متورط في انتهاكات جسيمة. ومع ذلك، يظل الطريق طويلاً ومعقداً لضمان تنفيذ هذه السياسات وتحقيق الاستقرار والسلام في سوريا.