الذكرى الحادية عشرة لمجزرة حي التضامن في سوريا
في الذكرى الحادية عشرة لمجزرة حي التضامن في دمشق، واحدة من المجازر التي يصعُبُ وصف مشاهد الرعب والوحشية، لذلك عندما تنقل وسائل الإعلام صوراً لها تقوم بتغشية الأشلاء المثطعة خشية على قلوب البشر.
في هذه الذكرى نستعيد تذكّرة العالم بمأساة الشعب السوري وألمه العميق.
لم تكن “مجزرة حي التضامن” مجرد حادثة في تاريخ إجرام النظام الأسدي، بل كانت نقطة تحول مؤلمة تبيّن أقسى درجات الوحشية وممارسة القمع والقتل الجماعي بحق طالبي الحريَّة.
تفصيل الحدث
في السادس عشر من نيسان/2013، تصاعدت أحداث القتل العشوائي في حي التضامن بدمشق، حيث قتل أكثر من 280 مدنياً من الأهالي الأبرياء بدم بارد على أيدي القوات الأسد المجرمة.
الأسباب:
- موقع استراتيجي: يقع حي التضامن جنوب دمشق، وكان يُعدّ معقلًا هامًا للمعارضة السورية خلال الثورة.
- خطة عسكرية: سعت قوات النظام السوري إلى استعادة السيطرة على الحي بشكل كامل، وذلك لقطع خطوط الإمداد عن المعارضة في دمشق، وقبل بدء معركة عسكرية واسعة النطاق.
- كان هدف المجزرة واضحاً، هو القمع والترهيب لمنع دخول الثوار إلى العاصمة. وكما جرت العادة، تم تصوير الجريمة البشعة، فرصد التسجيل أفراداً من الجيش السوري يقومون بإعدام المدنيين وإلقاء جثثهم في مقابر جماعية.
التداعيات:
مقتل المدنيين: قُتل 280 شخصاً، معظمهم من المدنيين، على يد قوات النظام.
انتهاكات جسيمة: شملت عمليات القتل عمليات إعدام جماعية، وذبحاً، وحرقاً للبيوت، وتدمير الكثير منها.
نزوح جماعي: فرّ العديد من سكان الحي خوفًا من العنف، مما أدى إلى أزمة إنسانية.
ردود فعل المجتمع الدولي:
- إدانة واسعة: كعادتها الروتينية، أدانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المجزرة، ووصفوها بـ”جريمة حرب”.
- مطالبات بمحاسبة المسؤولين: طالبت جهات دولية بفتح تحقيق مستقل في المجزرة ومحاسبة المسؤولين عنها.
- فرض عقوبات: فرضت -بعد حين- الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على مسؤولين سوريين -من الصغار- متورطين في المجزرة، ولم تمسُّ العقوبات الرؤوس الكبيرة.
ورغم مرور هذه الأعوام الطويلة على حدوث المجزرة، لا تزال المعلومات عنها محدودة، وذلك بسبب صعوبةوصول خبراء دوليين إلى مكان المجزرة لإجراء تحقيقات مستقلة. لكنَّ صدى تلك الجريمة البشعة لا يزال يموج في أذهاننا، ونعمل على تذكير العالم بواقع الألم والمعاناة التي يعيشها الشعب السوري يوماً بعد يوم. ومع كل عام يمر. ورغم تلك الجهود، ما زال الصمت الدولي سيد الموقف، وكأنه إقرار يُمكن الأسد بتنفيذ المزيد من جرائم الظلم لسحق من يطلب الحرية!
أصداء خجولة في الإعلام الغربي على مجزرة حي التضامن في سوريا
ننقل إليم بعض الاقتباسات التي صدرت في حينها من الإعلام العالمي ومن أهمها:
“نيويورك تايمز”: “مجزرة التضامن هي مأساة مروعة تُظهر وحشية النظام السوري.”
“بي بي سي”: “مجزرة التضامن تُعدّ تذكيرًا قاتمًا بوحشية الحرب الأهلية السورية.”
“الغارديان”: “الفيديو المُسرّب يُظهر فظاعة جرائم جنود الأسد في حي التضامن بدمشق.”
الغارديان كانت السبَّاقة:
كانت صحيفة “الغارديان” البريطانية أول من كشف عن التسجيل المروع الذي أعاد للذاكرة فظاعة مجزرة حي التضامن. كان الفيلم المصور لتلك اللحظات الرهيبة، الذي انتشر على نطاق واسع، صدمة للعالم بأسره، فقد تم توثيق فيه جريمة قتل جماعية بحق المدنيين العزل على يد عناصر النظام السوري. ولم يكن هذا التسجيل الوحيد، بل كان واحداً من بين 27 تسجيلاً مصوراً آخر، يكشف عن مجازر مماثلة أودت بحياة مئات السوريين.
نجح باحثو جريدة الغارديان في تحديد بعض المتورطين في مجزرة حي التضامن، حيث أكدت الصحيفة البريطانية في تقريرها وجود الجندي الذي ظهر في مقطع الفيديو بالاسم “أمجد يوسف”، والذي ينتمي إلى شعبة الاستخبارات العسكرية. قام يوسف بإعدام عدد من السوريين وهو يظهر في التسجيل، وشارك مع آخرين في تجميع الجثث في حفرة وحرقها. بدأ يوسف تدريبه في مدرسة المخابرات العسكرية في منطقة ميسلون بضاحية الديماس في دمشق عام 2004، وقضى تسعة أشهر في تلك التدريبات المكثفة. انضم يوسف إلى الفرع 227 عام 2011، وهو فرع معروف بسمعته السيئة نتيجة دوره في اعتقال وتعذيب وقتل عدد كبير من الشعب السوري.
فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات على أمجد يوسف ومسؤولين آخرين في جيش النظام السوري. تأتي هذه الخطوة في سياق جهود متواصلة لتذكير العالم بالأسباب التي ينبغي أن تمنع الدول من التطبيع مع نظام ارتكب جرائم حرب وانتهك حقوق الإنسان بشكل وحشي ومستمر.
الائتلاف يتنطح ليؤكد ضرورة محاسبة النظام السوري
أكد “الائتلاف الوطني السوري” على ضرورة القيام بخطوات حاسمة نحو محاسبة النظام السوري وشركائه على جرائمهم الوحشية التي ارتكبوها بحق الشعب السوري. في هذا السياق، شدد رئيس الائتلاف الوطني، هادي البحرة، على أهمية تحقيق العدالة والإنصاف للضحايا، خصوصاً وأننا نحتفل بالذكرى الحادية عشرة لمجزرة التضامن.
يعتبر يوم الذكرى هذا مناسبة لإحياء ذكرى المآسي التي عاشها الشعب السوري، حيث تبادلت القلوب الدموع والأحزان، وتذكرت النفوس المظالم التي لحقت بهم. باتت مجزرة حي التضامن، التي أصبحت تعرف بمجزرة حفرة التضامن، رمزًا للوحشية اللا إنسانية التي ينتهجها النظام السوري تجاه شعبه، ولقد أحرزت مكانة خاصة في ذاكرة الشعب السوري وفي محطات تاريخه المؤلم.
رسالتنا الى العالم:
بين ظلمة الظلم وانبثاق فجر الحرية، تترقب القلوب يوماً جديداً يحمل معه نور الحرية وأمل السلام. وفي ذكرى مجزرة حي التضامن، نجدد التزامنا بالنضال من أجل تحقيق هذا الحلم الذي يترنح بين الأمل واليأس. لقد كانت مجزرة حي التضامن، بكل وحشيتها وبشاعتها، دافعاً لنا للوقوف بقوة وتصميم أكبر في مواجهة ظلم واضطهاد النظام الاسدي.
نحن، القبة الوطنية السورية، نجدد التزامنا بمواصلة النضال، برفع شعار الحرية والسلام عالياً، وبالتصدي لكل من يحاول إسكات صوت العدالة والحق. فلنكن صوتاً واحداً يتحدث بإيمان وثقة بأن الحرية والسلام ليست مجرد أحلام بل هي حقوق لكل إنسان. ولنستمر في النضال، بكل قوتنا وإصرارنا، حتى يشرق فجر جديد على سوريا وعلى كل بقاع العالم المظلمة.
لذا يجب أنْ يتجدد النداء ويستمر لحين تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين، وتوفير الإنصاف للضحايا، وذلك بالتوافق مع المعايير القانونية والأخلاقية التي يفرضها القانون الدولي. إن مطالبة العالم بتحمل المسؤولية تجاه الشعب السوري وضمان إنصافهم تأتي في ظل الحاجة الملحة لتطبيق القانون وتنفيذ القرارات الدولية، خاصة القرارين 2254 و2118 التي تشكل ركيزةً أساسيةً للحل السياسي المستدام والعادل.
الرحمة لشهداء الحرية
والصبر والسلوان للمكلومين والثكالى
والنصر للشرفاء المتمترسين وراء ثوابت الثورة
الله يعين هالشعب شو بدو يتحمل تايتحمل