التأثير المحتمل لاستدعاء الضباط الجامعيين على الهيكلية العسكرية والاستقرار في سوريا ..
أصدر رئيس النظام ، بشار الأسد، في 11 ديسمبر 2023، القانون رقم 28، الذي يتعلق بالاستدعاء الاحتياطي لحمَلة الشهادات الجامعية (الدكتوراه والماجستير والإجازة) للخدمة العسكرية، ويمكن تمديدها حتى سن السبعين، دون التقيد بالسن المحددة للشطب. يأتي هذا القانون في سياق حزمة القوانين الأخيرة التي أصدرها النظام، وترتبط بتغيّرات هيكلية في القوات المسلحة السورية، ويشير إلى تأثير روسيا في هذا السياق.
يظهر أن روسيا تسعى إلى استفادة من خبرات الضباط الجامعيين المتقاعدين في مهام داخل سوريا، وربما فيما خارجها، لتعزيز التحولات الميدانية في القطاع العسكري، وذلك في إطار خطط روسيا التي قد لا تظهر بشكل واضح في الإعلانات والقرارات. يشكل الضباط الجامعيون نسبة صغيرة في صفوف القوات النظامية، ولكنهم يحملون أهمية بالغة بالنسبة لروسيا، حيث تم تدريب الكثير منهم في الأكاديميات العسكرية الروسية، ويشكلون إضافة إلى العسكريين الجدد الذين تم تدريبهم بمشاركة روسية.
في سياق التغييرات الميدانية، قام النظام بحل فرع التدريب التابع للأمن العسكري ودمجه مع فرع فلسطين، بالإضافة إلى دمج وحداته العسكرية بسبب الخسائر في مواجهات المعارضة المسلحة، مثل دمج الفرقة الخامسة والفرقة 15. يسعى النظام من خلال هذه التغييرات إلى إظهار استجابته لمسار التطبيع العربي، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين وإطلاق سراح المعتقلين.
تعكس هذه التغييرات توسّع تأثير روسيا على القطاع العسكري في سوريا، حيث يتم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام: الوحدات الأمنية والعسكرية التابعة للنظام، والتي تخضع لإشراف روسيا من خلال المدربين والبرامج التدريبية، والقسم الثاني الذي يشمل القوات المسلحة التي تتلقى تدريبًا وتسليحًا من روسيا، والقسم الثالث الذي يتكون من الميليشيات الإيرانية.
في النهاية، تظهر هذه التغييرات كإعادة هيكلة للأجهزة العسكرية والأمنية التابعة للنظام، تتماشى مع تأثير روسيا في المنطقة، دون إجراء إصلاحات دستورية أو قانونية تحدد صلاحيات هذه الأجهزة وترفع الحصانات الممنوحة لها عند ارتكاب انتهاكات.
النظام السوري يستدعي الضباط الجامعيين المتقاعدين: لماذا؟
استدعاء النظام السوري للضباط الجامعيين المتقاعدين يمكن أن يكون ناتجًا عن عدة عوامل واعتبارات، منها:
تجديد الخبرات: يمكن أن يكون الهدف من استدعاء الضباط الجامعيين المتقاعدين هو الاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم في مجالات محددة، خاصة في ظل التحولات والتغييرات العسكرية والأمنية التي تشهدها سوريا.
تعزيز القدرات العسكرية: قد تكون هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية لتعزيز القدرات العسكرية للنظام السوري. الضباط الجامعيين ذوي الخبرات العالية يمكن أن يسهموا في تحسين أداء القوات المسلحة وتكتيكاتها.
تعبئة عسكرية إضافية: في حالة استمرار الأوضاع الأمنية التي تتطلب تعزيزًا إضافيًا للقوات المسلحة، قد يتم استدعاء الضباط الجامعيين المتقاعدين لتعبئة عسكرية إضافية وتعزيز التواجد العسكري.
تنفيذ تغييرات هيكلية: قد تكون هناك حاجة إلى تنفيذ تغييرات هيكلية داخل الجيش أو الأجهزة الأمنية، ويمكن أن يلعب الضباط الجامعيون المتقاعدون دورًا في هذه العملية.
تأمين الاستمرارية: بمرور الوقت، قد يتطلب النظام السوري تأمين استمرارية الخبرات والكفاءات في القوات المسلحة، واستدعاء الضباط الجامعيين المتقاعدين يمكن أن يشكل جزءًا من هذه الاستراتيجية.
يجب أن يتم فهم هذا القرار في سياق الأحداث الراهنة في سوريا وتحدياتها العسكرية والأمنية، والتي قد تتطلب تدابير إضافية لتعزيز القوات المسلحة وضمان استمرارية النظام.