تصريحات حاكم المصرف المركزي عبد القادر الحصرية:
«نقوم بدمج المصرف المركزي بالنظام المالي العالمي للمرة الأولى في تاريخ الاقتصاد السوري»
«حذف الصفرين من الليرة السورية أمر محسوم ولن يؤثّر في قيمتها»
«الليرة السورية اليوم رمز التحرر وتجسيد للجمهورية الثانية»
أعلن حاكم المصرف المركزي عبد القادر الحصرية أن إعادة التسمية النقدية (حذف صفرين من العملة) ستجري عبر مرحلة انتقالية مزدوجة، مع تداول الفئات القديمة والجديدة لمدة عام كامل. الهدف هو تبسيط المعاملات اليومية وتقليص حجم النقد المتداول، دون تغيير فعلي في القوة الشرائية.
بحسب مصادر اقتصادية، طباعة العملة الجديدة ستتم عبر أكثر من مطبعة خارجية متخصصة، مع تطبيق معايير أمنية متقدمة لمكافحة التزوير.
البنك الدولي يتوقع نمواً اقتصادياً لا يتجاوز 1% في 2025، بعد انكماش في 2024.
التضخم، الذي كان في خانة المئات بالمئة، بدأ يتراجع في 2024–2025 لكنه يبقى هشاً وقابلاً للانتكاس.
الليرة السورية فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ 2011، واستقرت أخيرًا عند نحو 10,000 ليرة للدولار.
ماذا يعني «الاندماج بالنظام المالي العالمي»؟
يربط خبراء نجاح الخطوة بثلاثة شروط أساسية:
استقلال السياسة النقدية مع شفافية البيانات واستهداف التضخم.
تعزيز الاحتياطيات الأجنبية عبر تحويلات المغتربين وتوسيع الصادرات.
إصلاح القطاع المصرفي لتقليص حجم النقد المتداول وتحفيز الشمول المالي.
إنّ ما نشهده اليوم ليس مجرّد إجراء تقني لحذف صفرين من الليرة السورية أو طباعة أوراق نقدية جديدة، بل هو انعطافة كبرى في المسار الاقتصادي السوري. فالتحرر المالي الذي يعلن عنه حاكم المصرف المركزي، عبد القادر الحصرية، هو استكمال لمسار التحرر السياسي، وتجسيد لإرادة الانفتاح على النظام المالي الدولي بعد سنوات طويلة من العزلة والانكماش.
لقد عانت الليرة السورية من انهيارات متتالية وفقدت معظم قيمتها الشرائية، حتى غدت رمزاً للأزمة بدل أن تكون رمزاً للسيادة. أما اليوم، ومع الإعلان عن الاندماج بالنظام المالي العالمي، تعود الليرة لتكتسب معناها الجديد: عملة وطنية حديثة، أكثر أمناً، وأكثر قدرة على خدمة المواطن والتاجر والمستثمر.
صحيح أن الطريق ما زال مليئًا بالتحديات، من ضبط معدلات التضخم وتثبيت الاستقرار المالي، إلى إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي وتعزيز الاحتياطيات الأجنبية. لكنّ الخطوة الأولى قد اتُّخذت بالفعل، وهي الأهم: قرار الاندماج العالمي، وتبنّي معايير الحوكمة الحديثة، والإصرار على ألا تكون طباعة العملة وسيلةً لتمويل العجز بل أداةً لإعادة البناء.
إنّ ولادة العملة الجديدة، بعد حذف الصفرين، تحمل أكثر من دلالة. فهي ليست مجرد ورق وأرقام، بل إشارة إلى بداية عهدٍ جديد: عهد تُبنى فيه السياسات النقدية على قواعد علمية، وتُدار فيه المالية العامة بعقلانية، ويُعاد فيه الاعتبار إلى المواطن الذي يستحق عملة تحافظ على مدخراته وقوته الشرائية.
ومثلما شكّل سقوط النظام البائد نقطة تحوّل سياسي، فإنّ هذه الخطوة النقدية تمثل بداية التحوّل الاقتصادي الحقيقي. فاليوم لا تُقاس قوة سوريا فقط بمواردها الطبيعية أو بموقعها الجغرافي، بل أيضًا بقدرتها على الانفتاح المالي والاندماج العالمي، وبقدرة مؤسساتها على الاستفادة من تجارب الأمم التي سبقتها في الإصلاح النقدي.
إنّ الأمل مشروع، بل وضروري. فإذا ما التزمت السلطات بوعودها، وأُديرت هذه المرحلة بحكمة وشفافية، فإنّ المواطن السوري لن يرى في العملة الجديدة مجرد أوراق بألوان وأشكال حديثة، بل سيشعر أنها جواز عبور نحو استقرار نقدي، ورافعة لاقتصاد أكثر انفتاحًا، وعنوانًا لمرحلة عنوانها الأمل والنهضة.