في مشهد عظيم، رفعت سوريا صوتها في مجلس الأمن الدولي، متهمةً إسرائيل بسرقة مواردها المائية والتدخل في شؤونها الداخلية، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ خطوات حازمة لردع “العدوان الإسرائيلي المستمر“.
خلال جلسة طارئة دعت إليها الجزائر والصومال بطلب من البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، وجه المندوب السوري، قصي الضحاك، اتهامات مباشرة لإسرائيل، مشدداً على أن الأخيرة “سيطرت على الموارد المائية في الجنوب السوري، وحولت مجاري الأنهار بما يهدد الأمن المائي والغذائي لملايين السوريين”.
وأضاف الضحاك أن دمشق تجدد تمسكها بحقها السيادي على كامل أراضيها، وترفض بشكل قاطع كل أشكال التدخل الإسرائيلي. كما حذر من استمرار عمليات الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف بنية الدولة السورية، في إشارة إلى توغل إسرائيلي في ريف درعا مطلع نيسان/أبريل الجاري، أسفر عن استشهاد تسعة مدنيين وإصابة آخرين.
أمن غذائي مهدد وسدود محتلة
التقارير تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يحتل فعلياً عدداً من أهم السدود في محافظة القنيطرة، من بينها:
سد المنطرة: داخل المنطقة العازلة، وتصل سعته إلى 40.2 مليون متر مكعب.
سد الرويحنية: على الحدود الشرقية للمنطقة العازلة، بسعة نحو مليون متر مكعب.
سد بريقة: بمحاذاة المنطقة العازلة، بسعة 1.1 مليون متر مكعب.
سد كودنا: شرق المنطقة العازلة، بسعة تصل إلى 31 مليون متر مكعب.
واعتبر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في دراسة حديثة أن استمرار سيطرة إسرائيل على هذه الموارد يشكل تهديداً وجوديًا للسكان السوريين، ويزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية والبيئية، في ظل أزمة مستفحلة يعاني منها قطاع المياه في سوريا منذ بداية الحرب.
طالب الضحاك خلال كلمته مجلس الأمن بـ”إدانة واضحة للاعتداءات الإسرائيلية، وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها فوراً”، لافتاً إلى أن استمرار هذه السياسات يقوّض الجهود الدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.
وكان المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، قد شدد خلال الجلسة على أهمية احترام السيادة السورية، وأكد أن الاعتداءات المتكررة، أيّاً كان مصدرها، تضعف فرص الحل السياسي وتزيد من معاناة الشعب السوري.
هذا التصعيد الدبلوماسي يأتي في ظل حالة من الجمود السياسي في الملف السوري، واستمرار التجاذبات الإقليمية والدولية حول مستقبل البلاد. وتُظهر هذه التطورات كيف أن الصراع على الموارد – لا سيما المياه – بات جزءاً أساسياً من النزاع السوري، خصوصاً مع تزايد الحديث عن التغير المناخي وتأثيره على الأوضاع البيئية في الشرق الأوسط.
بينما ترفض دمشق أي تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وتصرّ على التمسك بكامل حقوقها، يبقى السؤال مطروحاً: هل يتحرك مجلس الأمن فعلاً لوقف ما تعتبره سوريا “عدواناً مائياً”؟ أم أن الملف السوري سيظل رهينة حسابات القوى الكبرى؟