في خطوة استفزازية جديدة تُضاف إلى سجل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة السورية، نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، مساء الثلاثاء، صوراً توثق تجوله في أراضٍ سورية تحتلها إسرائيل منذ عقود، في سلوك يحمل أبعاداً سياسية وعسكرية ورسائل واضحة للداخل السوري والإقليمي.
أدرعي، الذي لم يتوقف يوماً عن استخدام منصات التواصل الاجتماعي لترويج الرواية الإسرائيلية، نشر عبر حسابه في منصة “إكس” صورة له وخلفه لافتة تشير إلى مدينة القنيطرة السورية. وكتب معلّقاً على الصورة: “جولة في الجنوب السوري، حيث تنتشر قوات الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية”، في تأكيد واضح على استمرار الاحتلال وتعمده إظهار التواجد العسكري في المنطقة.
واستند أدرعي في تبرير هذا التواجد إلى مزاعم “منع التهديدات المحتملة وضمان أمن مواطني إسرائيل”، في محاولة لتبرير الاحتلال العسكري المتواصل للجولان السوري، الذي يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار رقم 497 لعام 1981، الذي يرفض ضم إسرائيل للجولان ويعتبره لاغياً وباطلاً.
توغل عسكري في ريف القنيطرة وتكثيف الطلعات الجوية
وقبل يوم من نشر الصور، شهد ريف القنيطرة تحركاً ميدانياً خطيراً، حيث توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مدعومة بعدة آليات عسكرية، إلى منطقة تل الصيفر، تزامناً مع تحليق طائرات مسيرة إسرائيلية في أجواء المنطقة، وفق ما أفاد به مراسل تلفزيون سوريا.
ويأتي هذا التحرك بعد ساعات من دخول قوة من بعثة حفظ السلام الدولية إلى منطقة حرش الجبيلية غربي مدينة نوى في ريف درعا، لمعاينة موقع تعرض مؤخرًا لقصف إسرائيلي، في مؤشر على تصاعد النشاط العسكري الإسرائيلي في الجنوب السوري.
وبحسب مصادر ميدانية، أجرت القوة الدولية استطلاعاً للمنطقة التي سبق وشهدت توغلات إسرائيلية أسفرت عن استشهاد وإصابة عدد من المدنيين، في انتهاك إضافي للقانون الدولي الإنساني، الذي يوجب حماية المدنيين في أوقات النزاعات.
التحركات العسكرية الإسرائيلية لم تقتصر على القنيطرة ودرعا. ففي الأربعاء الماضي، شنت قوات الاحتلال توغلاً برياً في غربي درعا أسفر عن استشهاد 9 مدنيين سوريين وإصابة 23 آخرين، بالتوازي مع غارات جوية استهدفت مطاري حماة العسكري وT4 في ريف حمص الشرقي، إضافة إلى قصف مركز البحوث العلمية في منطقة برزة بالعاصمة دمشق.
وفي بيان رسمي، أدانت وزارة الخارجية السورية هذه العمليات، مؤكدة أن إسرائيل نفذت خمس هجمات متزامنة خلال 30 دقيقة فقط، ما أدى إلى تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري. واعتبرت أن هذا التصعيد الممنهج يهدف إلى تقويض جهود إعادة الإعمار والتعافي في سوريا، داعية المجتمع الدولي إلى الضغط على تل أبيب لوقف عدوانها والانصياع للاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية فصل القوات الموقعة برعاية أممية بعد حرب عام 1973.
خلاصة: الاحتلال مستمر والاستفزاز يتصاعد
الجولة التي قام بها أفيخاي أدرعي ليست مجرد دعاية إعلامية، بل تعكس منهجاً متعمداً في استعراض السيطرة العسكرية وتأكيد الهيمنة على أراضٍ سورية محتلة. ومع استمرار التوغلات والقصف واستهداف البنية التحتية المدنية والعسكرية السورية، تتجلى السياسة الإسرائيلية في الجنوب السوري كعنصر دائم للتصعيد وتخريب أي مسعى نحو الاستقرار.
ومع غياب ردع دولي حقيقي، يبقى الشعب السوري هو الضحية الأكبر لهذا العدوان المتواصل، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى كل مقومات التعافي، لا إلى مزيد من الخراب.