في خطوة مفصلية تعكس توجهاً جديداً نحو الوحدة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية عن توقيع اتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة السورية. ويؤكد هذا الاتفاق على وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم، مما يمثل تحولاً مهماً في المشهد السياسي والميداني.
بنود الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية: خارطة طريق نحو الوحدة
جاء الاتفاق بعد اجتماع عُقد في دمشق بين رئيس الجمهورية أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وأسفر عن التوصل إلى ثمانية بنود رئيسية تهدف إلى تحقيق الاستقرار وتعزيز الاندماج الوطني:
- ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل السياسي والمشاركة في مؤسسات الدولة على أساس الكفاءة، بعيداً عن أي تمييز ديني أو عرقي.
- الاعتراف بالمجتمع الكردي كمكوّن أصيل في الدولة السورية، وضمان حقوقه الدستورية والمواطنة.
- وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية والعمل على إنهاء النزاع المسلح بشكل شامل.
- دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما يشمل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز، مما يعزز سيادة الدولة على كامل ترابها.
- ضمان عودة جميع المهجرين السوريين إلى مناطقهم وتوفير الحماية اللازمة لهم، بما يضمن إعادة الاستقرار إلى المجتمعات المحلية.
- دعم الدولة السورية في مواجهة التهديدات الخارجية التي تمس أمنها ووحدتها، وتعزيز التعاون بين جميع القوى الوطنية.
- رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري، تأكيداً على التعايش المشترك.
- تطبيق الاتفاق في مدة أقصاها نهاية العام الحالي من خلال لجان تنفيذية مختصة لضمان تنفيذ البنود المتفق عليها.
أهمية الاتفاق: خطوة نحو إنهاء الانقسام
يُعد هذا الاتفاق تطوراً هاماً في المشهد السياسي السوري، حيث يعكس رغبة الأطراف الفاعلة في إنهاء حالة الانقسام وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس موحدة. كما أنه يشكل ضربة قوية لمحاولات تقسيم البلاد، إذ يكرّس وحدة الأراضي السورية ويؤكد على سيادة الدولة المركزية.
ومن الناحية الميدانية، فإن دمج المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال وشرق سوريا تحت إدارة الدولة السورية سيساهم في استعادة الأمن والاستقرار، لا سيما في المناطق التي شهدت صراعات ونزاعات خلال السنوات الماضية.
التحديات المتوقعة وآفاق المستقبل
رغم أهمية الاتفاق، إلا أن هناك تحديات عدة قد تواجه عملية تنفيذه، من أبرزها:
- مدى التزام جميع الأطراف بتطبيق البنود المتفق عليها، خاصة في ظل تعقيدات المشهد السياسي والعسكري.
- الموقف الدولي والإقليمي من هذا الاتفاق، خصوصاً من قبل الأطراف التي لديها مصالح في المنطقة.
- آلية دمج القوات العسكرية والإدارية وضمان تنفيذ الاتفاق بسلاسة دون نشوب خلافات أو توترات جديدة.
لكن، في حال نجاح هذا الاتفاق في تحقيق أهدافه، فإنه سيمهد الطريق أمام مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي والميداني، وسيعزز من فرص الحل السياسي الشامل في سوريا.
خاتمة
توقيع الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية يشكل منعطفاً هاماً في الأزمة السورية، حيث يمثل خطوة نحو إنهاء النزاع وإعادة توحيد البلاد تحت مظلة الدولة السورية. ومع بدء العمل على تنفيذ البنود المتفق عليها، يبقى الأمل معقوداً على قدرة الأطراف المعنية على تجاوز التحديات وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، بما يخدم مستقبل سوريا وأبنائها.