في خطوة تشير إلى تغيرات جذرية في المشهد السياسي السوري، أعلنت الحكومة السورية الجديدة عن سلسلة من الأهداف الطموحة في سياساتها الداخلية والخارجية. وتهدف هذه السياسات إلى مواجهة التحديات الراهنة وإعادة بناء الدولة بعد سنوات من الحرب والصراع.
أحد الأهداف الرئيسية للحكومة الجديدة هو إنهاء المشروع الإيراني في سوريا ووقف تمدده، في إشارة واضحة إلى الرغبة في استعادة سيادة القرار الوطني السوري. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود تقليص النفوذ الأجنبي على الأراضي السورية، والذي كان له تأثيرات سلبية على استقرار البلاد.
كما تعمل الحكومة على معالجة ملف اللاجئين السوريين، خاصة في تركيا ودول الجوار، من خلال وضع خطط لإعادتهم بشكل آمن وكريم. هذا الملف يعتبر أولوية نظراً لتأثيره الكبير على العلاقات مع الدول المضيفة وعلى مستقبل الاستقرار الاجتماعي داخل سوريا.
وفي سياق آخر، تسعى الحكومة إلى وقف عمليات تهريب المخدرات التي أصبحت تهدد أمن الأردن ودول الخليج. يأتي ذلك في إطار التعاون الإقليمي لمكافحة الجريمة المنظمة التي استفحلت خلال سنوات الحرب.
في الجانب الإقليمي، تركز الحكومة الجديدة على تبديد مخاوف الأمن القومي التركي، لا سيما تلك المتعلقة بالمشاريع الانفصالية في الشمال السوري. تهدف هذه الجهود إلى تعزيز الاستقرار على الحدود الشمالية وتخفيف التوترات مع تركيا، التي تعتبر لاعباً رئيسياً في الأزمة السورية.
كما شهدت دمشق تحركات دبلوماسية مكثفة، حيث أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خططاً لزيارة العاصمة السورية ولقاء المسؤولين الجدد. يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتعزيز التعاون الثنائي وبحث ملفات أمنية وسياسية معقدة.
عربياً، أعرب مجلس التعاون الخليجي عن دعمه للجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والازدهار في سوريا. وأكد أمينه العام، جاسم البديوي، على أهمية تكاتف المجتمع الدولي لتحقيق حل شامل يُنهي معاناة الشعب السوري.
من جانبها، أكدت الولايات المتحدة، عبر مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، أن إيران لن يكون لها دور في مستقبل سوريا. جاء هذا التصريح خلال زيارتها إلى دمشق، حيث وصفت النفوذ الإيراني بأنه “سلبي للغاية”، مما يعكس توافقًا دولياً على ضرورة تقليص هذا الدور.
تحديات أمام الحكومة الجديدة
رغم الطموحات الكبيرة، تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات جسيمة تتعلق بإعادة بناء الثقة بين الشعب والحكومة، والتعامل مع تعقيدات الملف الإقليمي والدولي.
من جهة، يتطلب إنهاء النفوذ الإيراني مقاربة دقيقة تشمل التنسيق مع القوى الكبرى في المنطقة. ومن جهة أخرى، فإن معالجة ملف اللاجئين وتهريب المخدرات تحتاج إلى دعم دولي وإقليمي لتأمين الموارد وضمان التنفيذ الفعّال.
تمثل السياسات الجديدة للحكومة السورية محاولة جادة لطي صفحة الصراع وبناء مستقبل أكثر استقراراً. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستتمكن الحكومة من تحقيق هذه الأهداف الطموحة وسط تعقيدات المشهد السوري والإقليمي؟
التوجهات الجديدة تبعث برسائل إيجابية، لكن نجاحها يعتمد على مدى قدرتها على تحويل الأهداف إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع.