لقد فاجأت كتائب شاهين وسرايا العقاب جبهات القتال التي قامت باستخدامها غرفة ردع العدوان كسلاح مسيَّرات في الهجوم الذي شنَّته الفصائل الثورية على ميلشيات إيران وقوات نظام الأسد حيث جاء ظهور هذين الفصيلين الجديدين باسم «كتائب شاهين» و«كتائب سرايا العقاب» المتخصصين في الطيران المسيّر ليزيد التساؤلات حول حجم تأثيرهما في سير العمليات العسكرية مع تحقيق الفصائل المسلحة تقدماً سريعاً ومفاجئاً في حلب وريفها وريف إدلب والوصول إلى ريف حماة الشمالي في أقل من أربعة أيام.
سجلت طائرات “الشاهين” المسيرة، والكتائب المسؤولة عن تشغيلها وتسييرها حضوراً لافتاً في عملية “ردع العدوان” ضد قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، نظراً للمكاسب التي تحققها “الشاهين” في الميدان وقدرتها بالتعاون مع القوات البرية للفصائل الثورية السورية المسلحة، على كسر الخطوط الدفاعية بأسلوب تمهيدي وإضعاف قدرة قوات النظام على المقاومة أو الثبات في مواقعها الدفاعية عند أي خط دفاعي عن أي منطقة خاضعة لسيطرتهم ، وخلال عملية “ردع العدوان” التي أطلقتها الفصائل الثوار السورية، أعلنت “كتائب شاهين” بشكل رسمي لأول مرة استخدام المسيّرات في هجماتها، وهو ما يمثل نقطة تحول في استراتيجيات فصائل الثورة السورية.
أثبتت كتائب شاهين ومسيرات عقاب سلاح الطائرات المسيرة بدون طيار، تأثيرها الفعال وفعاليتها في قلب موازين الحروب وفرض معادلات عسكرية جديدة بتكلفة قليلة الثمن وبفاعلية كبيرة في المعارك التي يخوضها مقاتلو غرفة عمليات ردع العدوان وغرفة فجر الحرية في الشمال السوري على جميع المحاور والاتجاهات القتالية حيث شكلت نقطة تحول استراتيجية في الهجوم ،التي كانت تعتمد سابقا على الأسلحة التقليدية، كما شكلت المسيرات الانتحارية رسائل مفادها بأن الفصائل أصبحت تمتلك تقنيات متطورة قد تغير معادلة المواجهة على الأرض، وأصبحت تدخل في واقع كجزء من الحروب غير التقليدية، وأنها قادرة على تغيير الموقف في ميزان الهزيمة والانتصار في حسم المعارك ، وأظهرت قدرة غير تقليدية على استخدام الطائرات المسيرة في العمليات العسكرية مما أدى الى تحولاً كبيراً في مجريات المعركة ، وقلب موازين القوى لصالح قوات الإدارة العسكرية القتالية لردع العدوان والتي استطاعت تحييد الكثير من القوى والوسائط من سلاح الدبابات والعربات الميكانيكية المدرعة ومرابض المدفعية، وكانت الطائرات المسيرة الانتحارية أكثر تأثيرا من حيث الاستهداف للدبابات والعربات الميكانيكية, ودخول شاهين في المعركة يمثل استراتيجيات جديدة للفصائل الثورية، أجبرت تشكيلات نظام الأسد على الهروب من المدن والقرى قبل دخول المقاتلين اليها
إن ما حققته مسيرة شاهين من إنجازات على الأرض من تدمير عشرات المواقع الدفاعية في مدينة حلب وعدة مواقع دفاعية قيادية في الفوج 46 في الريف الغربي لحلب يعكس اهتماما متزايدا لدى الفصائل بتطوير قدراتها القتالية، خصوصاً في ظل تزايد أهمية الطائرات المسيرة في الحروب الحديثة مما يجعلها جزءً من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تغيير قواعد المعركة مع نظام الأسد.
كتائب شاهين وكتائب سرايا العقاب هي محلية الصنع طورتها الفصائل الثورية بقدرات محلية ذاتية وخبرات عناصر الفصائل الثورية التي أدخلتها للخدمة في بداية ردع العدوان وتعتبر الذراع التخصصي في صناعة الطائرات المسيرة وهي مؤلفة من طرزان:
الطراز الأول: يطلق الياً بواسطة محرك نفاث من فوق منصة أرضية خاصة
الطراز الثاني : يطلق بواسطة الدفع اليدوي في الهواء
يتم تذخير هذه المسيرات بحشوات متفجرة وتسمى المسيرة الإنقضاضية ونوع أخر يحمل قنابل وقذائف يتم اسقاطها على الأهداف بشكل مباشر، كما تمتلك قدرة عالية ودقة في إصابة الأهداف ومزودة بكاميرات دقيقة عالية الجودة ومروحيات وأجنحة تساعد مشغلها في توجيهها ورصد الهدف وسحقه بدقة فائقة مع الاحتفاظ بالقدرة التدميرية والانفجار بشدة بالهدف المراد تدميره والموجهة اليه من مبانٍ عسكرية محصنة وغرف عمليات ميدانية ودبابات واليات عسكرية مصفحة.
كانت المهام الرئيسية من استخدام المسيرات استهداف مقرات القيادة والسيطرة وبدأ ذلك جلياً عندما استهدفت رئيس الأمن العسكري بحماه قائد العمليات العسكرية في مدينة صوران، ومقر قيادة الفرقة السادسة، ومقر فرع الأمن العسكري بحماه، ومقر قيادة الفرقة 25 قوات خاصة المسماة فرقة النمر، وتدمير الدبابات في المرائيب والمخازن ومستودعات الذخيرة، وساهمت في تدمير الأهداف الاستراتيجية الهامة في نقاط الاستناد في قطاع الدفاع الأنساق الأولى والثانية ومؤخرة القوات في القطاعات الدفاعية وتدمير الأرتال القتالية على محاور التحرك وطرق الإمداد ومستودعات الذخيرة ومناطق تجمعات الشبيحة، والقدرة على الوصول إلى الأهداف الدقيقة و المخفية في العمق الاستراتيجي وكل ذلك ساعد على تحرير المحافظات الكبرى بمدنها وبلداتها وقراها وأراضي شاسعة، وإجبار قوات نظام الأسد إلى الهروب تاركين خلفهم العتاد الثقيل دون أن يأخذوه أو يستفيدوا من الميزات التعبوية الكبيرة الهامة من هذا السلاح.
يتميز سلاح الطائرات بدون طيار ذلك السلاح القديم الجديد الذي شهده العالم أول مرة في عام 1917في بريطانيا وسميت بالدرونز و التي يجري التحكم فيها من بعد، أو بالتحكم الذاتي، ومن ثم تم تطويره تدريجيا حتى بلغت في نهاية الربع الأول من القرن العشرين عندما استخدمته الجيوش كسلاح فتاك لا يُستهان كـــ الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، ولحق بها الاتحاد السوفياتي في ثلاثينيات القرن العشرين، واستخدمته كصواريخ موجهة في الحرب، وفي التصدي للطائرات الحربية.
لعبت المسيرات على تغيير موازين المعارك ومفهوم الحروب وهذا التغيير الذي يصنف أحد ابرز التحولات الجيوسياسية منذ عام 2010 بناء على عدة عوامل:
سهولة تحرك هذه المسيرات وقادرة على حمل كمية لا يستهان بها من المتفجرات قادرة على تدمير أهدافها بدقة ، كما أنها رخيصة الأثمان وفي حال تم التصدي لها بصواريخ دفاع جوي، فإن تكلفة الصاروخ يفوق مئات الأضعاف ثمن هذه المسيرة قليلة التكاليف مع عدم الحاجة الى التدريب المعقد من قبل المتحكم بها مما يسهل عملية القيادة وسهولة الهبوط في أي موقع دون الحاجة الى مدرج هبوط ودون الحاجة الى ميزات فنية وتقنية كبيرة كــــ الطائرات التقليدية.
هناك أنواع متعددة من الطائرات المسيرة منها طائرات استطلاع وتجسس ولديها القدرة ان تمسح وتصور أماكن العدو وإعطاء معلومات حية ومباشرة عن مقرات القيادة وغرف العمليات وعدم صعوبة رصدها في كثير من الآحيان من قبل رادارات الدفاع الجوي، كما تُصنَّف الطائرات المسيرة من دون طيار من حيث الشكل إلى أشكال مختلفة منه ذات أجنحة ثابتة، على شكل طائرة مروحية ومنها ذات أشكال خداعية. ومنها رباعية الأجنحة ومنها محلية الصنع مزودة بقنابل أو قذائف.