التجمع الوطني الديمقراطي هو إطار عمل سياسي سوري، اتحدت فيه قوى وطنية وديمقراطية وشخصيات مستقلة من مشارب مختلفة، للعمل على إنجاز الانتقال بالبلاد من نظام الاستبداد والقمع إلى دولة المواطنة والحريات.
نينار برس أرادت إضاءة واقع عمل هذا الإطار السياسي، فتواصلت مع رئيس التجمع الدكتور صلاح وانلي حيث طرحت عليه أسئلتها فكان هذا الحوار.
السؤال الأول:
شاركتم في تأسيس إطار عمل وطني تحالفي موسع اسمه “التجمع الوطني الديمقراطي”.
من هي القوى المنضوية في هذا الإطار الوطني؟
وهل بين هذه القوى رؤى متقاربة حول طبيعة سورية القادمة على مستوى بناء الدولة والسلطة؟
هل يمكنكم إضاءة هذه الرؤى؟
نعمل لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية
يقول الدكتور صلاح وانلي المقيم في المانيا والذي ينتمي إلى أسرة دمشقية عريقة:
لقد أُسِّسَ “التجمع الوطني الديمقراطي” في عام 2012، ليكون كياناً سياسياً يتفق مع الخط الجماهيري الوطني الذي يطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وأُعلن عنه رسمياً في عام 2013 ليكون منبراً يجمع الطاقات الوطنية التي تسعى لبناء سورية حرة وموحدة، متجاوزةً أجواء الاستبداد والفساد التي نخرت جذور الدولة.
ومنذ ذلك الحين، لم ندخر جهداً في محاولاتنا لجمع شتات القوى السياسية الوطنية التي تؤمن بذات المبادئ، غير متقيّدة بضرورة أن تكون نسخاً مكررة عن بعضها البعض، بل على العكس، ندرك تماماً أن التنوع هو ما يثري النسيج الوطني.
ويضيف الدكتور وانلي:
التجمع الوطني الديمقراطي أشبه بلوحة فسيفساء كبيرة، كل شخصية منضوية فيه تمثل حجراً في هذه اللوحة.
لقد جمعنا الهم الوطني المشترك، حيث التقينا على ثوابت واضحة: سورية التي نحلم بها، هي سورية الحرية والكرامة، دولة مؤسسات خالية من قيود الاستبداد.
هذه القوى قد تتباين في الرؤى والتوجهات، لكنها تتوحد حول الهدف الأسمى، كلٌ منا يُثري هذه الوحدة من موقعه، سواءً كان ممثلاً لعشيرته أو منطقته، أو شخصية عامة تتمتع بتأييد شعبي واسع في الشارع الثوري.
إن مشروعنا السياسي ليس مجرد لقاء عابر بين قوى متعددة، بل هو التقاء جذري على مسار طويل الأمد يهدف إلى بناء مستقبل جديد لسورية، حيث تُطرح الاختلافات كعوامل قوة وتنوع تساهم في صقل رؤية متكاملة وشاملة لسورية الغد.
ويوضح الدكتور وانلي رؤيته في بنية وتكوين التجمع الوطني الديمقراطي السوري فيقول:
لقد كان “التجمع الوطني الديمقراطي” منذ تأسيسه ليس مجرد كيان سياسي محلي، بل قوة فاعلة ومؤثرة شاركت بفعالية في العديد من المؤتمرات والفعاليات الوطنية والدولية التي تسعى إلى إيجاد حل عادل وشامل للقضية السورية.
كان حضورنا في تلك المحافل بمثابة رفع شعلة الأمل، والإصرار على أن الحل لا يمكن أن يكون إلا من خلال مسار يعيد للشعب السوري حقوقه ويحقق طموحاته في الحرية والعدالة.
ومثلما تشارك التيارات في نهر واحد، عملنا مع مختلف القوى الوطنية ضمن التجمع على توحيد الصوت السوري في تلك المنصات، مؤكدين على ثوابتنا الوطنية.
فقد كنا جزءاً من كل جهد يُبذل لإعادة رسم ملامح الدولة السورية الجديدة، دولة تقوم على العدالة والمساواة، وليس على ركام الاستبداد.
كل مؤتمر حضرناه كان محطة جديدة نضع فيها لبنة نحو هذا الهدف، نتحاور، نتشاور، ونُثري المشهد السياسي بأفكار تُعبّر عن تطلعات الشعب السوري.
إن دورنا في هذه الفعاليات ليس مجرد دور شكلي، بل هو مشاركة فاعلة تُعزز مكانة التجمع كإطار وطني ملتزم بمسؤولياته التاريخية في مواجهة تحديات المرحلة، وجعل صوت الشعب السوري حاضراً بقوة على طاولة أي حل سياسي.
السؤال الثاني:
لا يزال القرار 2254 هو السقف الممكن للحل السياسي للصراع السوري.
كيف يمكنكم كتجمع وطني ديمقراطي العمل على الأرض من أجل الضغط على القوى المنخرطة بالصراع السوري لتنفيذ القرار الدولي المذكور؟
هل هناك برنامج لإدارة هذا الضغط؟
القرار 2254 يحتاج قوّة ضغط شعبية
يحدّد رئيس التجمع الوطني الديمقراطي السوري الدكتور صلاح وانلي موقف تجمعه من القرار 2254 فيقول:
هذا القرار يشكل اليوم حجر الزاوية في أي حل سياسي للصراع السوري، وهو الإطار الدولي الذي يتيح للسوريين فرصة استعادة دولتهم على أسس من الحرية والكرامة.
بالنسبة لنا في “التجمع الوطني الديمقراطي”، فإن العمل على تفعيل هذا القرار ليس مجرد شعار سياسي، بل هو التزام وطني يتطلب نهجاً استراتيجياً على الأرض.
ويوضح الدكتور وانلي:
نعمل ضمن خطة متعددة المحاور، تستهدف أولاً توحيد القوى السياسية الوطنية خلف مطلب تطبيق القرار 2254 كإطار لا يمكن تجاوزه. نتحرك كما يتحرك التيار الجارف، نقوم بالعمل الميداني مع قواعدنا الشعبية، ونؤكد أن الضغط الشعبي هو الركيزة الأولى، من خلال المؤتمرات والندوات والحملات التوعوية، نحرص على جعل هذا القرار حاضراً في وعي الشارع السوري، ليكون قوة دفع حقيقية تضغط على الأطراف المنخرطة في الصراع.
ثانياً، نسعى لاستثمار علاقاتنا السياسية مع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة لتذكيرها بمسؤولياتها تجاه تنفيذ القرار.
نحن ندرك أن المعركة ليست فقط داخل حدود الوطن، بل هي أيضاً معركة دبلوماسية تحتاج إلى حراك مستمر في كل المنصات الدولية.
ويضيف الدكتور وانلي:
برنامجنا لإدارة هذا الضغط يعتمد على ثلاث ركائز:
تعبئة الشارع، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتفعيل القنوات الدبلوماسية.
كل خطوة نقوم بها، سواء من خلال المشاركة في الفعاليات الوطنية أو التواصل مع الجهات الدولية، تسعى لتقريب اليوم الذي يصبح فيه القرار 2254 حقيقة واقعة على الأرض، لا مجرد وثيقة في أدراج الأمم المتحدة.
بعبارة أخرى، نحن التجمع الوطني الديمقراطي، نسعى بخطى ثابتة لنكون الجسر الذي يعبر عليه السوريون من حالة الصراع إلى حالة السلام، من خلال الضغط المتواصل الذي لا يتوقف حتى نصل إلى سورية الجديدة.
ويرى الدكتور وانلي أنّ:
لقرار 2254 يمثل نافذة أمل لإنهاء الصراع السوري، ولكن إذا استمر المجتمع الدولي في التباطؤ أو التغاضي عن تنفيذه، فإننا أمام مستقبل قاتم تسيطر عليه الفوضى والسلاح.
سوريا ليست مجرد دولة، بل هي قلب المنطقة، تتوسط العالم، وتؤثر في استقراره ( فإن لم يكن القلب معافىً فلن تكون بقية الأعضاء بخير) .
إن استمرار الوضع الراهن سيجعل البلاد بؤرةً لعدم الاستقرار، وهو ما لن يتوقف تأثيره عند حدود الإقليم فقط، بل سيمتد ليهزّ أمن العالم بأسره.
مضيفاً:
على سبيل المثال، ما نشهده اليوم من تصعيد خطير بين إسرائيل وإيران وما نتج عنه من اصطفافات دولية يُظهر بوضوح أن غياب الحل السياسي في سوريا سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الكبرى.
القوى الإقليمية والدولية بدأت تتخذ مواقف متشددة وخطيرة، مما يضع المنطقة على حافة الانفجار.
إذا لم يتم التحرك بسرعة لتطبيق القرار 2254، فإن سوريا قد تصبح شرارة لمزيد من النزاعات، مما سيهدد النظام العالمي برمته.
نحن في “التجمع الوطني الديمقراطي” ندرك هذه المخاطر، ونعمل على استثمار هذه الحقائق في برامجنا لإدارة الضغط.
لا نكتفي بتعبئة الشارع وتوحيد القوى الوطنية والدبلوماسية فقط، بل نستخدم هذا الواقع الجيوسياسي المتفجر كورقة ضغط على المجتمع الدولي، لنقول لهم: إن مستقبل العالم نفسه على المحك. فإما أن يتم التحرك الآن لإيجاد حل سياسي شامل لسوريا، أو أن المنطقة والعالم سيدفعان ثمن الفوضى التي ستزداد يوماً بعد يوم.
إن لم يتحرك العالم اليوم، فسوريا قد تكون بداية لعاصفة لا تهدد المنطقة فحسب، بل ستهز أمن العالم واستقراره.
السؤال الثالث:
التجمع الوطني الديمقراطي يسعى لعقد المؤتمر السوري للإنقاذ. وهذا يتطلب درجة من التوافقات مع القوى السورية الأخرى.
ما التوافقات الممكنة بالنسبة لتجمعكم كي تدخلوا إلى المؤتمر السوري للإنقاذ؟ هل توافقون على مشاركة حزب PYD بوضع تبعيته الحالي لل PKK؟ أم لديكم شروط حول هذه المشاركة؟ سيما وأن كوادر PKK هي ليست سورية أصلاً.
نلتزم بثوابت وطنية
يجيب الدكتور وانلي على سؤالنا الثالث فيقول:
بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي، نحن نلتزم بثوابت وطنية واضحة ومحددة في الوثيقة السياسة الخاصة بنا. ونرحب بمشاركة كل من يؤمن من السوريين، وبشكل حصري، بوحدة سوريا واستقلالها، وكذلك بقيم الديمقراطية، الحرية، والعدالة الاجتماعية. ونؤكد أن موقفنا يرتكز على العمل من أجل بناء سوريا بعيدة عن الاستبداد والفساد الذي يمثله النظام الحالي في دمشق.
فيما يتعلق بالأطراف أو الحركات التي تعتمد نهجاً يتجاوز الإطار الوطني، أو تسعى إلى تحقيق مشاريع انفصالية أو إنشاء كانتونات سياسية تحت أي مسمى، فإننا نرى أن مثل هذه الأطروحات لا تتماشى مع المبادئ الوطنية التي نؤمن بها.
وبالتالي، نرى أن التوافق والمشاركة يجب أن يتمحورا حول الالتزام بهذه القيم الوطنية التي تعتبر أساساً للتعاون المشترك.
السؤال الرابع:
عقد المؤتمر السوري للإنقاذ يحتاج إلى توفير ما يلي:
إجماع وطني على ضرورته كمخرج من حالة انسداد الأفق، القدرة على توفير دعم دولي لانعقاده دون وجود ضغوط، أن تكون قاعدة قرارته مرتبطة بالانتقال السياسي من حالة نظام الاستبداد إلى دولة المواطنة والمؤسسات الديمقراطية وفق القرارات الدولية الخاصة بالقضية السورية.
هل يمكنكم توفير تلك الشروط؟
المؤتمر السوري للإنقاذ ضرورة:
في إجابته على سؤالنا الرابع يقول الدكتور صلاح وانلي:
التجمع الوطني الديمقراطي يؤمن بأهمية عقد المؤتمر السوري للإنقاذ كحل ضروري للتغلب على حالة انسداد الأفق السياسي في سوريا.
نحن نعتقد أن تحقيق الإجماع الوطني حول ضرورة هذا المؤتمر يتطلب توافقاً واسعاً بين القوى الوطنية السورية على الأسس الثابتة، مثل وحدة سوريا واستقلالها، بالإضافة إلى الالتزام بمبادئ الانتقال السياسي.
فيما يتعلق بالدعم الدولي، نرى أن توفير بيئة دولية داعمة وخالية من الضغوط يتطلب جهداً دبلوماسياً مستمراً، مبنياً على الانفتاح والتعاون مع المجتمع الدولي، مع التأكيد على الالتزام بالقرارات الدولية المتعلقة بالقضية السورية، وخصوصاً تلك التي تتعلق بالانتقال السياسي نحو دولة المواطنة والمؤسسات الديمقراطية.
السؤال الخامس:
كلنا نعرف أن المجتمع الدولي يعترف بالائتلاف الوطني السوري كممثل لقوى المعارضة. وهناك تحالفات تنشأ الآن بين القوى السورية مثل تحالف استقلال سورية وغيره.
هل تنوون الحوار مع هذه القوى وغيرها لعقد مؤتمر سوري للإنقاذ دون وصاية أية جهة؟
نؤيد الحوار مع كافة القوى الوطنية
يقول الدكتور صلاح وانلي في إجابته على سؤالنا الأخير:
نحن ندرك أن المجتمع الدولي يعترف بالائتلاف الوطني السوري كممثل للمعارضة السورية، وأن هناك تحالفات ناشئة بين قوى المعارضة مثل تحالف استقلال سوريا.
في هذا السياق، نؤكد أننا نؤيد الحوار مع كافة القوى الوطنية التي تلتزم بالمبادئ الوطنية المشتركة، دون استثناء أو إقصاء أو تهميش، وهنا أود أن أشير إلى أن هيكل المعارضة الموجودة اليوم وإن كان لديه الكثير من العثرات ولديه الكثير من الرافضين له في الشارع الثوري إلا أنه بالتأكيد يضم كفاءات وطنية مطلوبة وبالتالي عندما تتوفر البيئة المناسبة لإصلاح الهيكل التنظيمي والسياسي بالتشارك بين مختلف الأطياف المعارضة، فهذا قد يشكلّ إطاراً جيداً للوصول إلى الحل السياسي المنشود في سوريا.
ونحن نسعى إلى تحقيق تفاهمات مشتركة مع هذه القوى لعقد المؤتمر السوري للإنقاذ.
هدفنا هو خلق بيئة جامعة تضمن استقلالية القرار الوطني السوري بعيداً عن أي وصاية خارجية، بما يحقق مصلحة الشعب السوري ويعزز فرص الانتقال إلى دولة ديمقراطية تضمن حقوق جميع مواطنيها.