كذبة المقاومة.. انكشاف الحقائق
في السابع والعشرين من سبتمبر 2024م، شهدنا حلقة جديدة من حلقات الانكشاف الاستراتيجي لحزب الله اللبناني، عندما نجح الجيش الإسرائيلي في اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله وعدد من كبار قيادات الحزب، في غارات جوية دقيقة استهدفت مقر الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت. العملية، التي أدت أيضاً إلى مقتل شخصيات إيرانية بارزة مثل العميد عباس نيلفروشان، مساعد القائد العام للحرس الثوري الإيراني، كشفت عن حجم الوهم الذي تروج له إيران ونظام الأسد وحزب الله تحت شعار “المقاومة”.
على مدار عقود، روج حزب الله وإيران لفكرة “المقاومة” ضد إسرائيل وتعتبر نفسها درعاً للدفاع عن الشعوب العربية والإسلامية. لكن، الحقيقة تختلف كثيراً عن هذا التصور. الحزب الذي تم تأسيسه وتوجيهه من قبل إيران، ليس سوى أداة لتحقيق مصالح قم التوسعية في المنطقة، وهو يخدم مشروع الهيمنة الإيرانية من خلال زرع الفوضى والتوتر في الساحة اللبنانية، وساحات أخرى كالعراق وسوريا واليمن والمنطقة بالكامل.
حسن نصر الله لم يكن زعيماً وطنياً بقدر ما كان عميلا لمشروع أجنبي. الحزب الذي يتلقى الدعم المالي والعسكري من إيران، يقوم بتنفيذ أجندة تهدف إلى إضعاف الدولة اللبنانية وتعزيز سيطرة الميليشيات المسلحة على مفاصل الحكم. وهذا ليس فقط انتهاكاً لسيادة لبنان، بل هو خيانة لقضية المقاومة ذاتها.
حليفان تحت الحصار
مقتل نصر الله يضع رأس العصابة الحاكمة بشار الأسد في موقف حرج، فهو كان يعتمد بشكل كبير على حزب الله وإيران في حماية نظامه الذي يتهاوى تحت ضربات المعارضة السورية وتدخلات القوى الدولية. بشار الأسد، الذي طالما تباهى بتحالفه مع ما يسمى “محور المقاومة“، يجد نفسه اليوم أمام تحدٍّ مزدوج؛ فقدان الحليف الأهم في لبنان واستمرار الهجمات الإسرائيلية على المواقع العسكرية الإيرانية والسورية والاهم هو تعريه امام أنصاره وكشف كذبة المقاومة والممانعة.
النظام السوري ليس سوى جزء من لعبة إيرانية كبرى. الأسد، الذي يعاني من عزلة دولية، أصبح أداة في يد إيران لتنفيذ استراتيجياتها في المنطقة، سواء من خلال دعم ميليشياتها أو تسهيل توسعها العسكري داخل سوريا. وكلما تصاعدت التوترات الإقليمية، يكون النظام السوري هو الخاسر الأكبر، حيث يتعرض لضربات إسرائيلية متكررة دون أي قدرة على الرد وكما يعبر العامة النظام أخذ وضع المزهرية.
اغتيال نصر الله يمثل ضربة قوية للمشروع الإيراني في المنطقة، خاصة أن حزب الله كان يُعدّ أهم أدوات إيران في لبنان وسوريا. الأسئلة الآن تدور حول مدى قدرة الحزب على الاستمرار في ظل هذه الضغوط المتزايدة. كيف سيحافظ الحزب على تماسكه الداخلي بعد فقدان زعيمه ومعظم قادات الصف الأول والثاني وفقدان منظومة الاتصال؟ وما هو مصير الميليشيات المدعومة من إيران في بقية مناطق النفوذ، مثل العراق واليمن وسوريا؟
إيران تجد نفسها اليوم أمام تحدٍّ كبير. فهي تواجه ضغطا داخلياً وخارجياً غير مسبوق، مع تزايد العزلة الدولية وتفاقم الأزمة الاقتصادية. في ظل هذه الظروف، سيكون من الصعب على طهران الحفاظ على نفوذها الإقليمي. السياسة الإيرانية التي تعتمد على استخدام الميليشيات المسلحة لفرض هيمنتها الإقليمية قد بدأت في التراجع حيث تسعى إسرائيل وامريكيا لقص اجنحتها في المنطقة، وهو ما يهدد مستقبل كذبة “المقاومة” وحلم ايران بدولة الهلال الشيعي.
سيناريوهات المستقبل: هل انتهى دور حزب الله؟
بعد اغتيال نصر الله، سيكون حزب الله أمام مفترق طرق. الحزب الذي كان يعتمد على الكاريزما القيادية لنصر الله لتوحيد صفوفه وتحقيق أهدافه، سيواجه صعوبة في إيجاد بديل يمتلك نفس القدرات. الفوضى الداخلية والانقسامات السياسية ستصبح السمة الأبرز داخل الحزب، مما يضعف من قدرته على مواجهة التحديات الإسرائيلية والإقليمية.
بالإضافة إلى ذلك، إسرائيل لن تتوقف عند هذا الحد. الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على مواقع حزب الله والنظام السوري تشير إلى نية واضحة لأنهاء هذا التحالف بشكل كامل. النظام السوري وحزب الله باتا في مرمى النيران، والاستراتيجية الإسرائيلية تهدف إلى إنهاء النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا بشكل كامل.
الخاتمة: المقاومة وهم كشفته الحقائق
اغتيال نصر الله يكشف زيف مفهوم “المقاومة والممانعة” الذي طالما استخدمه النظام السوري وحزب الله وإيران لتبرير وجودهم وقمعهم للشعوب في المنطقة. إسرائيل استطاعت توجيه ضربة قاضية لكل من يدعي المقاومة، واغتيال نصر الله يعري المحور الإيراني-السوري ويكشف أنه ليس سوى مشروع سياسي وعسكري لخدمة مصالح قم في المنطقة.
النظام السوري، الذي كان يستخدم ذريعة المقاومة لتمكين نفسه من السيطرة على سوريا، يجد الآن نفسه في موقف ضعيف. لا مقاومة حقيقية، بل هو نظام تابع لإيران يستخدم شعارات المقاومة لتبرير القمع والقتل الذي يمارسه ضد شعبه.