في خطوة تاريخية ومهمة، صادقت محكمة الاستئناف في باريس اليوم على مذكرة توقيف بحق الرئيس السوري بشار الأسد. تأتي هذه المذكرة نتيجة اتهامات موجهة إليه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية باستخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية بدمشق عام 2013، حيث يعتبر بشار الأسد القائد العام للجيش والقوات المسلحة السورية. بناء على شكوى جنائية قدمها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير والأرشيف السوري ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح ومنظمة المدافعين عن الحقوق المدنية.
تعتبر الهجمات الكيماوية في الغوطة الشرقية عام 2013 كانت واحدة من أبرز الجرائم التي أثارت استنكاراً دولياً واسعاً. أسفرت هذه الهجمات عن مقتل أكثر من ألف شخص وإصابة المئات، مما دعا المجتمع الدولي إلى المطالبة بتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم الوحشية.
منذ عام 2021، باشرت وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس القضائية التحقيق في هذه الجرائم. تمت متابعة التسلسل القيادي الذي أدى إلى تنفيذ هذه الهجمات الكيماوية، وخلصت التحقيقات إلى إصدار أربع مذكرات توقيف في نوفمبر 2023 بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. استهدفت هذه المذكرات بشار الأسد وعدداً من كبار المسؤولين في النظام السوري، بمن فيهم شقيقه ماهر الأسد.
أثار قرار إصدار مذكرة التوقيف ضد بشار الأسد جدلاً كبيراً حول مسألة “الحصانة الشخصية” التي يتمتع بها رؤساء الدول أثناء توليهم مناصبهم. في مايو الماضي، نظرت غرفة التحقيق في طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا لإلغاء هذه المذكرة بناءً على الحصانة، إلا أن محكمة الاستئناف قررت المضي قدماً في المصادقة على المذكرة، مما يمثل سابقة قانونية مهمة.
قرار المحكمة لاقى ترحيباً كبيراً من منظمات حقوقية ومحامين، الذين يرون فيه خطوة نحو تحقيق العدالة ومساءلة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. أكد المحامون المدافعون عن الضحايا أن هذا القرار يعكس التزام المجتمع الدولي بمحاسبة الجناة وتعزيز سيادة القانون.
أهمية القرار
يمثل قرار محكمة الاستئناف في باريس اليوم خطوة حاسمة في مسار العدالة الدولية، حيث يفتح الباب لمزيد من المحاكمات ضد القادة الذين يرتكبون جرائم جسيمة. يعزز هذا القرار من جهود مكافحة الإفلات من العقاب ويؤكد على أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ولا يمكن تبريرها بالحصانة الدبلوماسية.
في حال تم تنفيذ مذكرة التوقيف، سيزيد ذلك من الضغط الدولي على النظام السوري، وقد يؤدي إلى تغييرات في الموقف السياسي والدبلوماسي تجاه سوريا. قد يشجع هذا القرار أيضاً دولًا أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.
خاتمة
يُعتبر قرار محكمة الاستئناف في باريس اليوم بمثابة علامة فارقة في مسار العدالة الدولية، مؤكداً أن الجرائم ضد الإنسانية لن تمر بدون محاسبة. هذا القرار يعزز من مبدأ المساءلة ويبعث برسالة قوية مفادها أن المجتمع الدولي يقف ضد الإفلات من العقاب وسيواصل السعي لتحقيق العدالة للضحايا. الأيام القادمة ستكون حاسمة في متابعة تنفيذ هذا القرار وتأثيره على الساحة الدولية وعلى مستقبل العدالة في سوريا.
نعم هناك عيون لا تنام هم السوريات والسوريين الذين يناضلون في معركه قانونيه من أجل الحق والحريه