أصبح الخطاب الموحد لدى قادة و جمهور حزب الله وأمينه العام يعتمد على الاستدراج الإيديولوجي للفصائل الحليفة له العابرة للحدود التي عملت معه جنباً إلى جنب في سوريا والعراق، والعزف على وتر الشعور بالفناء الوجودي من الجغرافية اللبنانية من الجنوب الى بيروت، وصولاً إلى الإبادة الجوية في المعسكرات المنتشرة على الأراضي السورية من دير الزور الى القصير، والاستنجاد بالأفغان الفاطميون، والباكستانيون الزنبيون وحزب الله العراقي و الحوثيين، للقتال داخل الأراضي اللبنانية مجسدين وحدة السلاح والساحات وإرسال رسائل داخلية الى اللبنانيين يُعلِمونُهُ بها بأنهم سَيدْخُلون مئات الآلاف من الأجانب الى داخل لبنان، وان الخطة جاهزة تشابه خطة سليماني في سوريا والتي يمكن تنفيذها في أي وقت، مفادها التغيير الديموغرافي في لبنان في نهاية المطاف، من أجل مجتمع لبناني جديد متجانس، يشابه المجتمع المتجانس في سوريا الذي يفضي الى توطين عائلات المرتزقة الأجانب كمستوطنين جدد بدل سكان لبنان الأصليين، ورسائل خارجية تنذر العلم الغربي بأنه في حال توسع العدوان عليه في جنوب لينان سينضم الأف المقاتلين إلى الجبهة اللبنانية الى حزب الله في حال ما إذا تعرض لخطر وجودي فسينضم عشرات آلاف المقاتلين الأجانب للقتال إلى جانبه والدفاع عنه، سواء بشكل مباشر أغير مباشر، لأن الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني بأن كل هذه الميلشيات هي أذرع إيرانية عابرة للحدود سلاحها من إيران وأموالها من إيران وانتمائها إلى إيران.
هذا الخطاب الديماغوجي ليس بجديد فهو اجترار مستمر على لسان الأمين العام لحزب الله بإغراق لبنان بمئات الألاف من أجل توحيد الجبهات والساحات والسلاح، وأن القيادة الإيرانية المتشددة الأن بوجود الرئيس المؤقت محمد مخبر هي من ستقود معركة هذه الميلشيات في معركتها الوجودية للتصدي للهجوم الإسرائيلي.
لقد وصلت الرسالة الى إسرائيل ،والتي قامت بدورها بزياد نشاطها الاستطلاعي و تدقيق مراقبتها وتعقبها للقادة في هذه الميلشيات وتكثيف عملياتها القتالية ضد قادة هذه الميلشيات في سوريا ولبنان، خوفا من نقل ما يقارب مائة الف عنصر من الميلشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق وحتى المتطوعين من اليمن المتحمسون بشدة بالقتال على الجبهة الجنوبية اللبنانية، وإن أركانات حزب الله مستنفرة من أجل تجهيز البنى التحتية والتحضيرات اللوجستية لاستقبال مئات الألاف من هذه الميلشيات.
العقيدة الإسرائيلية تعتمد على نقل المعركة إلى خارج أراضيها، وهذا من صلب نظام قتال القوات البرية الإسرائيلية التكتيكية، في خوض العمليات خارج أراضيها و المعركة القادمة بين حزب الله وإسرائيل ستكون مختلفة تماما عما هو في غزة، فهي ستخوض المعارك خارج أراضيها على شكل معارك شبه نظامية وليست معارك قريبة كماهي المسافة الصفر في غزة، وسيكون هناك دور للتمهيد الناري الجوي والصاروخي والمدفعي من أجل تدمير أهداف الأفضلية الأولى ذات البعد الإستراتيجي وإسكات منصات إطلاق الصواريخ، وإنشاء نطاق حيطة واسع يبعد خطر منصات الصواريخ عن مستوطنات الشمال، ريثما تبدأ ساعة الصفر و يبدأ تنفيذ الاجتياح برياً.
ستكون إسرائيل قادرة على استخدام أسلحة تحقق حزام امني حول المستوطنات أكثر دقة من السلاح الذي استخدمته في غزة، ولديها بنك اهداف دقيقة ومكثفة في الجنوب والضاحية و المربعات الأمنية في أحياء بيروت التي تصطاد إسرائيل خلاله قادة حزب الله بشكل دقيق ومنتقى، وقادرة على شل شبكة الكهرباء والمياه ويبدو أن إسرائيل لن تتوقف قبل أن تفجر الحرب الكبرى، ليس فقط للقتال في رفح واستعداء مصر، بل تجهز للتحضير من أجل اجتياح لبنان.
تحاول إسرائيل جاهدة استطلاع وتحديد إحداثيات مواقع هامة كمنصات إطلاق الصواريخ والطيران المسير، وبعض أسلحة الدقة العالية التي أدخلها حزب الله من سوريا، من اجل ضمها إلى بنك الأهداف الجوي الإسرائيلي وتدميرها في الضربة الجوية الكثيفة الأولى التي ستقوم بها في الدقائق الأولية للبدء بالتمهيد الناري، ومن المحتمل بأن تكون بعض الأسلحة الكيماوية التي لوحظت عمليات نقلها من سوريا باتجاه مناطق مختلفة من الحدود السورية اللبنانية، لكن لم يعرف بصورة مؤكدة الجهة النهائية سوى مطار الضبعة العسكري، وبعض الوية الحرس الجمهوري ليصار نقلها أو إخفاءها بين حدود الدولتين.
من الناحية الاختصاصية الكيمائية المتعلقة بدرجات الخطورة لأسلحة الدمار الشامل، ليس بالأمر الصعب نقل سلاح كيماوي لحزب الله ( ضمن شروط نقل صارمة)، فهي ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة، لأن إتهام الغرب نظام الأسد إخفاء كميات من الكيماوي يجعله يشعر بالقلق، بهد ف التخلص من ما تبقى من ترسانته الكيماوية، والمناورة بما تبقى من ترسانته الكيماوية بينه وبين حزب الله.
أما على صعيد الأمن السيبراني أنّ التفوّق الاستخباراتيّ – التكنولوجيّ الإلكتروني، هو الفصل في هذا الصراع ، والجانب الإسرائيلي استطاع خرق شبكة الإيصال الأمني لحزب الله ومتفوق من حيث القوة الاستطلاعية الاستخباراتية السيبرانية، حيث استطاعة إسرائيل من خلال توسع الحزب أفقيا على الجغرافية السورية من تجنيد أكبر عدد من العملاء، وهذا سبب الانكشاف الاستخباراتي في حزب الله وكان تواجده في سوريا سبب رئيسي لذلك، وكان اخرها، قتل طالب عبدالله، القيادي الكبير في حزب الله اللبناني، مع ثلاثة مقاتلين آخرين من الجماعة في غارة على مركز للقيادة والتحكم (ذو الطابع الحرب السري لأبعد درجات السرية) في جنوب شرق لبنان والسبب هو التواجد في سوريا، لان وجوده في سوريا اخرج العديد من قياداته وعناصره تحت أضواء المسرح العملياتي في قتال شبه منظم داخل سوريا وهذا اعطى هدية استخباراتية كبيرة لإسرائيل، وهذا يعني أن إسرائيل اصبح لديها مفاتيح رموز الشيفرة للوحات العامل اللاسلكي والترددات اللاسلكية الرئيسية والاحتياطية ،والقدرة على التقاط الموجات اللاسلكية و الصوتية للقادة وقادرة على الدخول من خلال الترددات السابحة على التصنت على شبكة اتصالات الميلشيات، والحزب لا يوجد لديه جدار ناري ( هو جدار الحماية الذي يقوم عمال الحواسيب والاتصالات بتنصيبه على مدخل الخوادم ) لأنّ برامج عالم التشفير في تطور مستمر، وإسرائيل تعمل على احدث الوسائل التقنية بمساعدة أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية بالإضافة للجواسيس والعملاء الذين يمتلكون وسائط متطوّرة مستعينة بالذكاء الاصطناعي من أجل تحليل المعلومات وتقاطع المعطيات بشكل دقيق للوصول في النهاية إلى خرق نقاط الشبكة المقفلة المجهولة والمحصنة والوصول إليها بكل سهولة.
السباق السيبراني بين الجانبين شكل قلق كبير لدى حزب الله، وأصبح يشك بكل من حوله ولقطع الشك باليقين أعطى كل عناصره إجازات طويلة، من أجل حصر أمر المخبرين في المواقع الحساسة، وعلى محاور التحرك المتبعة لنقل شحنات السلاح، وخاصة في صحراء تدمر ودير الزور، وقام بتمشيط البادية مرات عديدة بدوريات استطلاع قتالية كاملة الصلاحيات في الاشتباك و قتل كل من يعترض طريقهم ممادى الى مقتل العديد من رعاة الأغنام وأغنامهم.
في نهاية المطاف هل ستشهد سوريا ولبنان صيف حار كما وعد إيدي كوهين في حديثه عن الحرب الكبرى المباركة عملية (عصا موسى في لبنان وسورية) سيأتي يوم يقال فيه كان هناك مدينة هنا اسمها بيروت وما بعد بيروت وما بعد بعد بيروت في الضربات والزحف لن يتوقف عند أي حاجز و أكاد أجزم أن لبنان الذي تعرفونه بحدوده الحالية قد انتهى في الشمال والبقاع وربما مناطق أخرى ستعود لسيادة سورية بعد رحيل الأسد.