في الأول من شهر أيار، أصدرت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا ما أسمته قانون التقسيمات الإدارية، مما أدى إلى تقسيم المنطقة إلى 7 مقاطعات رئيسية، وهو تطور يشير إلى تغييرات جذرية في الخريطة السورية، وربما يمهد للمزيد من الفعاليات نحو الفيدرالية.
هذا القانون يأتي كترجمة لما جاء في العقد الاجتماعي الذي أقرته “الإدارة الذاتية” نهاية العام الماضي، والذي يهدف إلى توفير الشرعية لسيطرتها على المنطقة، وتعزيز حقوق الأقليات العرقية والثقافية فيها.
ومع إعلان “قسد” عن تنظيم انتخابات بلدية في المنطقة، أثيرت تساؤلات حول شروط هذه الانتخابات وشموليتها. وقد أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها بشأن مدى حرية ونزاهة هذه الانتخابات، مؤكدة على ضرورة توفير الشروط اللازمة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
تحاول “قسد” من خلال هذه القرارات إعطاء شرعية لسيطرتها على المنطقة وإدارتها، ولكن تلك الخطوة لاقت اعتراضاً من قبل العديد من القوى السياسية السورية، التي ترى في هذه الخطوة تهديداً لوحدة البلاد وتماسكها.
التقسيمات الإدارية: أداة لفرض السيطرة
وضحت التقسيمات الإدارية الجديدة التي أقرتها “قسد” توزيع المدن بشكل غير متوازن بين المكونات السكانية. حيث توجد ثلاث مناطق رئيسية للمكون العربي هي الرقة ودير الزور ومنبج. وتم تقسيم دير الزور إلى خمس مدن، الرقة إلى ثلاث مدن، الطبقة إلى ثلاث مدن، ومنبج إلى مدينتين، ليصبح المجموع 13 مدينة. بينما إقليم الجزيرة وحده يشمل 15 مدينة، مما يجعل محافظة الحسكة مساوية لمحافظتي دير الزور والرقة ومدينة منبج، رغم الفروق الشاسعة في المساحة.
هذا القانون أعطى وزناً أكبر لبعض الكتل الأخرى، وهناك مناطق غير موجودة على الجغرافيا أعطيت أصواتاً وحضوراً مثل منطقتي عفرين والشهباء، المتمثلة بسبع مدن، ما يجعلها أكثر من دير الزور أو منبج، وهي نفس طريقة النظام الذي حول طرطوس من مدينة صغيرة إلى محافظة ليزيد وزنها وأصواتها.
يشار إلى أن القانون شمل مناطق خارج سيطرة “قسد”، مثل رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة، وتل أبيض التابعة لمحافظة الرقة، التي خسرتها في عملية “نبع السلام” في تشرين الأول 2019، إضافة إلى مدينتي عفرين وجنديرس اللتين خسرتهما في عملية “غصن الزيتون” في كانون الثاني 2018، وجميعها تقع حالياً تحت سيطرة الجيش الوطني والقوات التركية.
وفي سياق متصل، يبدي بعض الباحثين والمحللين القلق من التأثيرات الديموغرافية لهذه التقسيمات الإدارية، حيث يعتقدون أنها قد تؤدي إلى تغييرات في توزيع السكان والموارد، مما قد يثير الاضطرابات ومزيد من الصراعات الداخلية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن “قسد” تستغل الظروف الراهنة في سوريا، وتسعى من خلال هذه الخطوات إلى تحقيق أهدافها السياسية على المستوى الوطني والإقليمي، وربما الدولي.
وعلى الرغم من المعارضة الداخلية والخارجية لهذه الخطوات، إلا أن “قسد” تبدو واثقة من قدرتها على تحقيق أهدافها، وتواصل العمل نحو الفيدرالية المزعومة.
بماذا علقت وزارة الخارجية الأميركية على الانتخابات التي تعتزم “الإدارة الذاتية” إجراؤها في شمال شرقي سوريا
في إشارة لانتخابات PYD.. الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد عدم توفر شروط الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة في مناطق سيطرة ميليشيات قسـد.
أكدت الولايات المتحدة الأمريكية على أن شروط الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة والشاملة غير متوفرة في الانتخابات المزمع أجراؤها في شمال شرقي سوريا ( انتخابات PYD ). قال ، فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية إن: “أي انتخابات تجري في سوريا يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة، كما يدعو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
وأضاف ، فيدانت باتيل، أن الولايات المتحدة “لا تعتقد أن هذه الشروط متوفرة بالانتخابات المزمع أجراؤها في شمال شرقي سوريا ( انتخابات إدارة PYD ).
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن وزارة الخارجية الأميركية نقلت ذلك إلى مجموعة من الجهات الفاعلة في شمال شرقي سوريا.
وأجلت إدارة PYD موعد إجراء الانتخابات في المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى الـ 11 من حزيران 2024، بعد أن كان من المقرر إجراؤها في نهاية شهر أيار الجاري.
من خلال هذا التصريح، تعكس الولايات المتحدة تحفظاتها بشأن عملية الانتخابات في شمال شرق سوريا، وتؤكد على ضرورة وجود بيئة مناسبة تضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تعبر عن إرادة الشعب وتحقق مصالحهم الديمقراطية.
الحكومة السورية المؤقتة تؤكد عدم شرعية انتخابات “قسد” وتقسيماتها الإدارية
في بيان رسمي، أكدت الحكومة السورية المؤقتة أن الانتخابات التي تنوي ميليشيات “قسد” إجراءها في المناطق التي تسيطر عليها تتعارض بشكل صارخ مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وتعتبر الحكومة المؤقتة أن هذه الانتخابات تهدف إلى تعزيز إقامة كيان انفصالي في شمال شرق سوريا، مما يعمق الانقسامات داخل البلاد.
أوضح البيان أن التحضيرات لهذه الانتخابات تجري بناءً على تقسيمات إدارية أنشأتها “قسد” لفرض سيطرتها على مقدّرات الشعب السوري. وأكدت الحكومة المؤقتة أن هذه الممارسات مشابهة تمامًا لما قام به نظام الأسد في محاولاته لإضفاء الشرعية على حكمه عبر إجراء انتخابات غير نزيهة وتغيير التقسيمات الإدارية لتناسب مصالحه.
تشمل التحضيرات التي تجريها “قسد” تقسيم المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سبع مقاطعات رئيسية: الجزيرة، دير الزور، الرقة، الفرات، منبج، عفرين والشهباء، والطبقة. ووفقًا للحكومة المؤقتة، فإن هذه التقسيمات تهدف إلى تعزيز السيطرة على المنطقة وإضفاء طابع رسمي على إدارة “قسد”، مما يمهد الطريق لإقامة كيان انفصالي.
انتقدت الحكومة المؤقتة بشدة ممارسات “قسد”، مشيرة إلى أنها تتبع نفس النهج القمعي الذي اتبعه نظام الأسد في التعامل مع الشعب السوري. حيث تسعى “قسد” من خلال هذه الانتخابات والتقسيمات الإدارية إلى فرض سلطتها بالقوة، مع تجاهل كامل لحقوق السكان المحليين ورغباتهم.
بيان صادر عن حركة التحرير والبناء التابعة للجيش الوطني بشأن ما يسمى بإجراء انتخابات بلدية في شمال وشرق سورية التي تعتزم ميليشيات “قسد” إجراؤها
إننا في حركة التحرير والبناء التابعة للجيش الوطني السوري نعلن موقفنا الثابت والواضح تجاه ما يسمى بالانتخابات البلدية التي تعتزم ميليشيات “قسد” إجراءها في المناطق التي تسيطر عليها في شمال وشرق سورية. ونؤكد أن هذه الانتخابات تفتقر إلى الشرعية القانونية والدولية وتأتي ضمن محاولات “قسد” لتكريس سيطرتها وفرض واقع انفصالي في تلك المناطق.
نرفض رفضاً قاطعاً هذه الانتخابات التي تتعارض مع قرارات الشرعية الدولية، وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يدعو إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وشاملة في سوريا. إن هذه الانتخابات المزعومة هي محاولة من “قسد” لإضفاء شرعية على سيطرتها غير القانونية على مقدّرات الشعب السوري، وتعزيز مخططاتها الانفصالية التي تهدد وحدة الأراضي السورية وسلامة شعبها.
على طريقة شبيحة الأسد.. ميليشيات قسـد تهدد المدنيين بقطع الخبز والغاز والمازوت عنهم في حال لم يستخرجوا بطاقة انتخابية.
إعلان الكومين خديجة يشير بوضوح إلى أن الحصول على الخدمات الأساسية مثل المازوت مرتبط بامتلاك بطاقة انتخابية، مما يعرض السكان لضغوط غير عادلة لإجبارهم على المشاركة في الانتخابات. هذا الأسلوب يعيد إلى الأذهان الممارسات القمعية التي استخدمها النظام السوري سابقاً، حيث كانت الخدمات الأساسية تُستخدم كوسيلة لإخضاع السكان وضمان ولائهم السياسي.
تهديد المدنيين بقطع الخدمات الأساسية مثل الخبز والغاز والمازوت إذا لم يستخرجوا بطاقة انتخابية يعتبر تجاوزاً لحقوق الإنسان وتحدياً صريحاً للمبادئ الأخلاقية والقانونية. إن توجيه التهديدات بالعنف والمضايقات ضد المدنيين لتحقيق أهداف سياسية يجب أن يثير القلق الدولي ويدفع إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية حقوق الإنسان وسلامة المدنيين.
تشير هذه التطورات إلى أهمية زيادة الضغط الدولي على “قسـد” للالتزام بمعايير حقوق الإنسان وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، بما يضمن مشاركة جميع الأطياف السياسية ويعكس إرادة الشعب السوري بشكل شفاف ومن دون تهديدات أو انتهاكات. فعلى الرغم من التحديات السياسية والأمنية، يجب أن تكون حقوق الإنسان والحريات الأساسية في صميم أي عملية سياسية أو انتخابية في سوريا وفي أي مكان آخر.
تعليقات 2