إنهاء الأزمة السورية وفق القرار 2254 شعارات رنانة تتناقض مع الأفعال على الأرض
في ختام القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عُقدت في البحرين، أكد مشروع البيان الختامي، الذي سُرِّب إلى وسائل الإعلام، على ضرورة إنهاء الأزمة السورية وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254. وقد شدد البيان على أهمية الحفاظ على أمن سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها، وتحقيق طموحات شعبها، والتخلص من الإرهاب، وتوفير البيئة المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين. كما أكد البيان رفض التدخل في الشؤون الداخلية السورية وأي محاولات لإحداث تغييرات ديمغرافية فيها.
استضافة رأس الإرهاب في القمة العربية
في خطوة أثارت الكثير من الجدل والاستياء، استضافت القمة العربية الثالثة والثلاثين في البحرين رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي يُعد رمزاً للإرهاب وداعماً رئيسياً له في المنطقة. لقد جلب الأسد آلاف الإرهابيين من ميليشيات فاطميون وزينبيون إلى سوريا، مما حول البلاد إلى مرتع للإرهابيين، وجعل منها مركزاً رئيسياً لصناعة المخدرات وتهريبها إلى مختلف دول العالم. إن هذه الخطوة تعكس تناقضاً صارخاً مع الأهداف المعلنة للقمة، والتي شددت على مكافحة الإرهاب والتطرف.
مكافحة الإرهاب والتطرف وخطاب الكراهية
رغم الاستضافة المثيرة للجدل، أكد مشروع البيان الختامي لقمة 2024 على رفض أي دعم للجماعات المسلحة أو الميليشيات التي تعمل خارج نطاق سيادة الدول، وتنفذ أجندات خارجية تتعارض مع المصالح العليا للدول العربية. وجاء في البيان أن الدول العربية تقف موقفاً ثابتاً ضد الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، وترفض قاطعاً دوافعه ومبرراته. كما دعا البيان إلى تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، ودعم الجهود الدولية لمحاربة التنظيمات الإرهابية المتطرفة ومنع تمويلها، ومواجهة التداعيات الخطيرة للإرهاب على المنطقة وتهديده للسلم والأمن الدوليين.
إلا أن هذا الموقف يتناقض بوضوح مع وجود بشار الأسد في القمة، والذي لعب دوراً بارزاً في دعم الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة. فبدلاً من محاسبة النظام السوري على جرائمه، تُمنح له منصة للتحدث والنقاش مع الزعماء العرب.
دعم القضية الفلسطينية
من ناحية أخرى، تضمن البيان دعوة الدول العربية إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين. وأكد الزعماء العرب على ضرورة وضع سقف زمني للعملية السياسية والمفاوضات، لاتخاذ إجراءات واضحة لتنفيذ حل الدولتين. وشدد البيان على ضرورة إصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع لإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتواصلة في أراضي ما قبل الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء أي وجود للاحتلال على أرضها. كما حمّل البيان إسرائيل مسؤولية تدمير المدن والمنشآت المدنية في قطاع غزة.
التناقض بين الأقوال والأفعال
إن تأكيد البيان على مكافحة الإرهاب والتطرف وخطاب الكراهية يظل مجرد شعارات جوفاء في ظل استضافة رئيس النظام السوري، الذي استخدم الإرهاب كأداة لبقاء نظامه القمعي في السلطة. إن دعوة بشار الأسد للقمة هي بمثابة تبييض لجرائمه، وتتناقض تماماً مع الجهود المعلنة لمكافحة الإرهاب والتطرف.
الخاتمة:
تعد القمة العربية الثالثة والثلاثين في البحرين محطة هامة في مسار العمل العربي المشترك، لكنها تعاني من تناقضات واضحة بين ما تعلنه من مبادئ وما تتبناه من مواقف. ففي حين يشدد البيان الختامي على رفض الإرهاب ودعم القضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية، فإن استضافة بشار الأسد تقوض هذه الجهود وتبرز ازدواجية المعايير التي تتبعها بعض الدول العربية. على القادة العرب أن يدركوا أن مكافحة الإرهاب والتطرف تتطلب مواقف واضحة وصارمة، وليس مجرد شعارات رنانة تتناقض مع أفعالهم على الأرض.