تعزيزات عسكرية تصل السويداء لليوم الرابع على التوالي: هل تتجه الأحداث نحو اقتحام محافظة السويداء؟
محافظة السويداء في جنوب سوريا تشهد تطورات ملحوظة في الأيام الأخيرة، حيث وصلت تعزيزات عسكرية تابعة لنظام الأسد لليوم الرابع على التوالي دون إعلان رسمي عن أسبابها.
هذه التحركات العسكرية تثير تساؤلات وتخوفات حول مستقبل المحافظة وسلامة سكانها، ما يجعلنا نتساءل: هل تتجه الأحداث نحو اقتحام محافظة السويداء؟
سياقات مستجدة
كي نستطيع فهم الوضع الحالي بشكل أفضل، يجب التعرف أولاً على السياق السياسي والاجتماعي الذي يحيط بالسويداء. تشهد المحافظة منذ تموز 2023 حراكاً شعبياً ومظاهرات مستمرة ضد نظام الأسد، لم يكن النظام يتوقع حدوثها. وهو ما أثار توترات وتحديات أمنية في المنطقة. وقد كانت مطالب المظاهرات بإسقاط الأسد وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 صادمة للنظام، مما جعل هذه المحافظة -ذات الحساسية الخاصة- تعيد سريان الدم للثورة مجدداً في عموم مناطق الثوار في سوريا، وأعادت تصعيد الاحتجاجات والمطالبات بالتغيير.
في هذا السياق، تميل كل التحليلات بأن ما يصل تعزيزات عسكرية بشكل مستمر من دمشق إلى السويداء، يثير مخاوف الأهالي من إمكانية شن حملات عسكرية أو اقتحام المحافظة. ومن الواضح أن هذه التحركات تأتي في إطار محاولة النظام للسيطرة على التصاعد الشعبي وضمان استقرار المنطقة بمواجهة التحديات الأمنية.
وفي تطور أخير، وصل رتل عسكري ضخم يضم أكثر من 50 آلية عسكرية إلى مطار خلخلة العسكرية شمال المحافظة خلال الساعات الماضية، وتضمّن هذا الرتل دبابات وعربات عسكرية متنوعة، فضلاً عن حافلات المبيت وسيارات مزودة برشاشات متوسطة.
مع وصول التعزيزات العسكرية، يتزايد قلق الأهالي في السويداء من احتمال شن حملات إعتقالات ومداهمات، وتأسيس حواجز أمنية داخل المدينة. ورغم ذلك، لم يصدر أي إعلان رسمي من قبل نظام الأسد حول أسباب هذه التحركات العسكرية.
تزامناً مع وصول التعزيزات، جاء الإفراج عن الطالب الجامعي داني عبيد من مدينة السويداء بعد اعتقاله لعدة أشهر في محافظة اللاذقية، حيث توجهت له تهمة “النيل من هيبة الدولة“. وقد أطلق سراحه بعد تدخل وساطات محلية.
هذا التطور يأتي بعد أيام من احتجاز فصائل محلية في السويداء عدد من ضباط وعناصر النظام، بينهم ضابط برتبة عقيد، وتم إطلاق سراح بعضهم بعد تدخل وساطات محلية.
مع وصول عبيد إلى السويداء، شارك في المظاهرات ضد نظام الأسد، مؤكداً استمرار التحركات الشعبية والمطالبة بالتغيير والإصلاح.
تظل الأسباب الحقيقية وراء وصول هذه التعزيزات العسكرية إلى السويداء غير معروفة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل المحافظة وتطورات الأوضاع فيها، في ظل استمرار الحراك الشعبي وعمق التحديات التي تواجهها.
هل تعتبر التعزيزات العسكرية مجرد تخويف أم تهديد حقيقي للسكان؟
يعتقد بعض النشطاء أن التعزيزات العسكرية التي وصلت الى محافظة السويداء قد تكون مجرد ترهيب للسكان والنشطاء، دون أن يكون للنظام القدرة الفعلية على “اقتحام محافظة السويداء بالدبابات“. يستند هؤلاء النشطاء إلى عدة عوامل في تحليلهم للوضع، منها الحالة الجيوسياسية للمحافظة وتنوع التضاريس فيها، إلى جانب الدعم الشعبي الواسع للحركات الاحتجاجية ورفض السكان لتدخل النظام.
من جانب آخر، يؤكد هؤلاء النشطاء أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب التطورات في السويداء، ومن المرجح أن أي محاولة لاقتحام المحافظة بالقوة ستواجه ردود فعل قوية من المجتمع الدولي، مما قد يجعل النظام يفضل استخدام الحوار والتفاهم كأدوات لحل الخلافات بدلاً من الاعتماد على القوة العسكرية.
على الرغم من هذه الاعتقادات، يظل القلق ماثلاً بين السكان والنشطاء في السويداء، حيث لا يمكن تجاهل التعزيزات العسكرية التي تصل إلى المحافظة بانتظام، والتي قد تزيد من التوترات والقلق بين السكان، خاصة في ظل استمرار الحراك الشعبي والمظاهرات المطالبة بالتغيير وإسقاط النظام.
استخدام النظام السوري لسياسة العزل في السويداء
قطع الاتصالات عن محافظة السويداء، يشير إلى استمرار سياسة النظام السوري في تعتيم الأخبار وعزل المنطقة عن العالم الخارجي. هذا الإجراء يُعد جزءاً من استراتيجية النظام لتقييد انتشار المعلومات ومنع التواصل بين سكان المحافظة وباقي البلاد، مما يعطل قدرتهم على تبادل الأخبار والتواصل مع العالم الخارجي. ويعتبر هذا العمل الأخير إشارة جديدة إلى تصاعد التوترات في المنطقة، ويثير مخاوف بشأن حجم التحديات التي قد تواجه السكان في ظل هذا العزل الإعلامي والتقني.
أماكن توزيع وانتشار التعزيزات العسكرية الأخيرة في السويداء
تظهر التقارير الواردة من محافظة السويداء توزيعاً متنوعاً للتعزيزات العسكرية التي انتشرت في غالبية المقرات الأمنية بالمحافظة. تشير المعلومات إلى انتشار القوات في مطاري “خلخلة” و”الثعلبة” العسكريين، حيث توزعت الفوج “127” من القوات الخاصة بين قريتي رساس والعفينة جنوب السويداء.
كما أظهرت التقارير أنتشار القوات في عدة مواقع أخرى، بما في ذلك الفوج “404” من القوات الخاصة شرق القريَّات قرب سد العين، والفوج “44” من القوات الخاصة على طريق قنوات شرق نادي الرماية، والفوج “405” من القوات الخاصة شرق المجدل على طريق الحج، بالإضافة إلى الفوج “١٥٧” في الريف الشمالي الغربي بين قريتي الصورة ولاهثة.
وقد شملت التعزيزات الجديدة أفرع المخابرات العسكرية، وأمن الدولة، والأمن السياسي، والأمن الجوي، والكتيبة “٥٠” من الشرطة العسكرية، وسرية حفظ النظام جانب السجن المدني، وشرطة النجدة، وفرع الأمن الجنائي، مما يعكس استعداد النظام للقيام بحمة دهم واعتقال كما كان يفعل سابقا بالمحافظات السورية لكبح جماح الثورة باستخدام العنف .
وخلاصة القول، أنَّ الأحداث التي استجدت مؤخراً تشير إلى أنَّ السويداء دخلت في مرحلة المخاض دون أن نستطيع التكهن في طبيعة الوليد القادم. علينا الإنتظار الحذر من حدوث تغوِّل للنظام آتٍ خلال أيام بلا ريب.
تعليقات 1