إسرائيل و حزب العمال الكردستاني (PKK)
تثير العلاقات بين إسرائيل وحزب العمال الكردستاني (PKK) العديد من التساؤلات والجدلات، حيث تتقاطع المصالح السياسية والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط بشكل يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. وفي ظل التغيرات الجيوبوليتيكية المستمرة في المنطقة، تأتي تلك العلاقات لتعكس مشهداً متجدداً للتحالفات والتباينات والمستقبل المشترك.
نشر موقع “ميدل إيست مونيتور” مقالاً للكاتب محمد حسين يناقش دور إسرائيل في دعم حزب العمال الكردستاني، وتعزيز موقفهم في شمال سوريا. واستناداً إلى هذا المقال، يبدو أن إسرائيل لديها مصالحها الخاصة لدعم الأكراد، ليس فقط كأداة لمواجهة التهديدات الإيرانية، ولكن أيضاً لتعزيز تأثيرها في المنطقة.
في تموز/يوليو 2023، طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة منع عملية عسكرية تركية جديدة في شمال سوريا، مما يبرز استراتيجية إسرائيل في دعم الميليشيات الكردية. هذه الخطوة تكشف عن التحالفات المعقدة في المنطقة، حيث تبدي إسرائيل اهتمامها بحزب العمال الكردستاني التي تسعى لتشكيل دولة مستقلة.
إلى جانب الدعم السياسي، يشير المقال إلى وجود دعم مادي وعسكري من إسرائيل للجماعات الكردية، مما يجسد الارتباط العميق بين الجانبين. وقد أظهرت تصريحات عدة، بما في ذلك من الجنرالات الإسرائيليين، دعماً مباشراً للمطالب الكردية بالاستقلال.
من الواضح أن هذا الدعم الإسرائيلي يثير قلقاً في تركيا، التي ترى في الأكراد تهديداً لوحدتها الوطنية. ومع ذلك، تظل العلاقة بين تركيا وإسرائيل معقدة أيضاً، حيث تسعى أنقرة إلى تحقيق توازن بين مصالحها في المنطقة.
رغم الدعم الإسرائيلي الصارخ للأكراد، يجب على الجميع أن يفهموا أن إسرائيل تتبع مصالحها الوطنية والإقليمية، وقد تتغير الأولويات في أي وقت مستقبلي.
حقيقة علاقة إسرائيل بحزب العمال الكردستاني (PKK)
تعتبر إسرائيل وجود دولة كردية مستقلة يعدُّ ضرورة استراتيجية تتماشى مع مصالحها، حيث من المتوقع أن تلعب دولة كردية دوراً مهماً في تعزيز توازن القوى في المنطقة وتقوية التحالفات الإسرائيلية. وقد اتخذت إسرائيل العديد من الإجراءات لدعم هذا الهدف على مر العقود، بدءاً من تقديم المساعدة العسكرية والاستخباراتية إلى الأكراد في مختلف البلدان حتى تقديم الدعم السياسي واللوجستي.
بعض الأمثلة التي توضح تحولات العلاقة بين إسرائيل وحزب العمال الكردستاني عبر التاريخ:
- بداية الدعم الإسرائيلي لوجستياً للأكراد: في الستينات من القرن الماضي، كانت إسرائيل تقدم دعماً مباشراً للأكراد في العراق، بما في ذلك توفير التسليح وتدريب القوات. وهذا الدعم جاء في إطار سعي إسرائيل لزعزعة استقرار الحكومة العراقية وتحقيق مصالحها الإستراتيجية في المنطقة. وقد تزايدت العلاقات السرية بين الجانبين، مما أثار التوترات مع الحكومات العربية الرئيسية.
- دعم إسرائيل للأكراد في الثمانينيات: خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية، قدمت إسرائيل دعمًا للأكراد الذين كانوا يقاتلون نظام صدام حسين في العراق، وذلك كجزء من استراتيجية لمواجهة تمدد النفوذ العراقي.
- . تباعد العلاقة في التسعينيات: شهدت العلاقة بين الطرفين تباعدًا بسبب التطورات الإقليمية والتغيرات في الأولويات الاستراتيجية، بما في ذلك عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية وتغير الوضع السياسي في تركيا.
- التقارب اللوجستي في العقد الأخير: على الرغم من التوترات السياسية، تم تبادل الدعم اللوجستي بين إسرائيل وبعض الجماعات الكردية في سوريا والعراق في مواجهة تنظيمات مثل “الدولة الإسلامية”.
- تصاعد التوتر مع تركيا: شهدت العلاقة بين إسرائيل وحزب العمال الكردستاني تصاعدًا في العلاقة مع تصاعد التوتر بين إسرائيل وتركيا، خاصة بعد مواجهة بين البلدين في قطاع غزة عام 2010.
وهذه الأمثلة توضح كيف تأثرت العلاقة بين إسرائيل وحزب العمال الكردستاني بالأحداث الإقليمية والدولية عبر العقود الأخيرة، مما أدى إلى تقلبات في التعاون والتوتر بين الطرفين.
مآرب خفيَّة أخرى
تتمثل إحدى المآرب الرئيسية لإسرائيل في دعم الاستقلال الكردي في تقويض نفوذ الدول المجاورة، بما في ذلك تركيا وإيران وسوريا. وتعتبر إسرائيل أن إقامة دولة كردية مستقلة ستؤدي إلى تحولات إستراتيجية في المنطقة تخدم مصالحها، بما في ذلك ضعف نفوذ تلك الدول وتقوية العلاقات الإسرائيلية مع الأكراد المتمثلين في حزب العمال الكردستاني (PKK).
لكن، يظل الطريق نحو إقامة دولة كردية مستقلة محفوفاً بالتحديات والمعوقات. فقد تتصادم هذه المطالب مع مصالح الدول العربية والإيرانية والتركية، مما يجعل التحقيق فيها أمراً صعباً للغاية. بالإضافة إلى ذلك، تبقى قضية الأراضي والتوزيع العادل للثروات والموارد من بين التحديات الرئيسية التي تعترض سبيل تحقيق هذا الهدف.
تدوير الزوايا بين إسرائيل وتركيا المُعَادية للأكراد
علاقات إسرائيل وتركيا شهدت تقلبات كبيرة على مر السنوات، وهي علاقات معقدة تتأثر بعوامل سياسية، اقتصادية، وأمنية. فيما يلي نظرة عامة على تطور هذه العلاقات:
العلاقات الأولية: في بداية تأسيس إسرائيل في عام 1948، كانت العلاقات بين البلدين جيدة ولكنها لم تكن وثيقة. كانت تركيا واحدة من الدول القليلة التي لم تطرد السفير الإسرائيلي بعد حرب 1948.
فترة التوتر: تصاعدت التوترات بين البلدين في الفترة بين عامي 1950 و 1990، حيث انخرطت تركيا في الحملة العربية ضد إسرائيل بعد حرب 1967، وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر 1973.
تحسن العلاقات: في عام 1996، تحسنت العلاقات بين البلدين بشكل كبير، مما أدى إلى إبرام اتفاق تعاون عسكري وتبادل عسكري وتعاون أمني.
التوترات المتزايدة: بدأت العلاقات بين إسرائيل وتركيا تتدهور مجدداً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بسبب تصريحات سياسيين وقادة في كل من البلدين، وتأييد إسرائيل للأكراد في سوريا وتركيا.
تطبيع مؤقت: في عام 2016، توصلت البلدين إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بعد سنوات من التوتر. تضمن الاتفاق تعويضات مالية لأسر ضحايا أحداث مركبة مرتبطة بمواجهة سفينة إغلاق غير مسلحة تركية في عام 2010.
تصاعد التوتر مرة أخرى: للأسف، تصاعدت التوترات بين البلدين مرة أخرى في السنوات الأخيرة، مع تبادل الاتهامات والتصريحات العلنية العدائية بين القادة السياسيين في كل من البلدين.
بالنسبة لإسرائيل، فهي تعتبر دعم حزب العمال الكردستاني (PKK) في سوريا جزءاً من استراتيجيتها للحفاظ على نفوذها وتأثيرها في المنطقة، وربما ترى في دعم الأكراد في سوريا فرصة لإحداث توتر في العلاقات بين تركيا والأكراد، مما قد يخدم مصالحها الجيوسياسية في المنطقة.
من الجدير بالذكر أن العلاقات بين إسرائيل وتركيا كانت تشهد توتراً في السنوات الأخيرة، وقد تراوحت بين التوتر والتطبيع في فترات مختلفة، ولكن مع تغيرات الأحداث الإقليمية والدولية قد يتغير أيضاً توجه إسرائيل في دعم الأكراد.
على المقلب الآخر، تعتبر تركيا حزب العمال الكردستاني “PKK” منظمة إرهابية، وترى أن أي دعم له يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي، وهو ما يفسر تصعيدها العسكري ضد الأكراد في سوريا وغيرها من الأماكن.