تأثير اعتماد الرصيد بدلاً من النقد على اللاجئين السوريين في ألمانيا
تثير الخطوة الجديدة التي تنوي الحكومة الألمانية اتخاذها، والتي تتمثل في تشديد الرقابة على التحويلات المالية للاجئين، جدلاً واسعاً في البلاد. يأتي هذا الإجراء كجزء من محاولات الحكومة للحد من الاحتيال وتقليل التحويلات غير الشرعية إلى الخارج، ولكنه يثير في الوقت نفسه مخاوف من تأثيره السلبي على اللاجئين وعائلاتهم في بلادهم المنكوبة.
تتزامن التصريحات الحالية مع تعهد السلطات الألمانية بتشديد الرقابة على التحويلات المالية للاجئين، بهدف الكشف عن أي محاولات لإرسال جزء من مساعداتهم المالية إلى الخارج. وتهدف هذه الخطوة إلى استبدال المساعدات النقدية ببطاقات الدفع، وقد بدأت هيئة الرعاية الاجتماعية في مدينة هامبورغ بإصدار هذه البطاقات لطالبي اللجوء الجدد، وبذلك تكون أول ولاية ألمانية تدخل هذا النظام بعد مناقشات طويلة وجدل واسع.
هذه الخطوة جاءت بعد اتفاق رؤساء حكومات الولايات مع المستشار الألماني أولاف شولتس في نوفمبر 2023، على أهمية منح طالبي اللجوء جزءاً من مساعداتهم كرصيد على بطاقة الدفع بدلاً من تقديمها نقداً. يهدف هذا القرار إلى منع تحويل أموال المساعدات إلى بلدان المنشأ، وبالتالي مكافحة التهريب والهجرة غير القانونية إلى ألمانيا.
البطاقة الجديدة تعتبر بطاقة خصم، حيث يتم تعبئة ائتمان شهرياً بالرصيد، مما يقلل من السيولة النقدية ويجبر على الاعتماد على الدفع الإلكتروني. ويتم تحويل جزء من مساعدات اللاجئين إلى هذه البطاقة، مع سماح محدود للسحب النقدي.
تحديث مبلغ مساعدات اللاجئين لعام 2024 يعكس زيادة في راتب الجوب سنتر، مما يعني أن اللاجئين سيتلقون مساعدات أعلى بقيمة 563 يورو شهرياً. وبموجب الخطة الجديدة، يتم تحويل 460 يورو شهرياً كرصيد على بطاقة الدفع، مع إمكانية السحب النقدي بحد أقصى 50 يورو شهرياً.
الآثار المترتبة على اعتماد بطاقات الدفع بدلاً من النقد:
الآثار السلبية المحتملة لاعتماد بطاقات الدفع بدلاً من النقد على اللاجئين في ألمانيا قد تكون متنوعة:
- قد يسهل القرار عملية مراقبة التحويلات المالية ويقلل من التلاعب والاحتيال.
- يؤدي إلى صعوبة إدارة الأموال لللاجئين وتقليل قدرتهم على دعم عائلاتهم في بلادهم.
بشكل عام، يثير هذا القرار تساؤلات حول توازن الأمن المالي والاحتياجات الإنسانية، وضرورة توفير الدعم المالي اللازم للأشخاص الذين يعانون من ظروف صعبة داخل سورية، دون التأثير سلباً على حريتهم المالية وقدرتهم على تحقيق الاستقرار.
مثال واقعي:
السيد أ- د:
لاجئ يخصص كل شهر حوالي 100 يورو لشراء الأدوية لأخته التي تعاني من فشل كلوي في سوريا وتحتاج إلى أدوية غير متوفرة في الصيدليات العامة، مما يضطرهم في بعض الأحيان لشرائها من لبنان. يعبر “أ- د” عن قلقه بشأن كيفية تأمين الأدوية لأخته بعد تطبيق مثل هذه القرارات، ويعتبر أن الحكومة الألمانية قد تنظر إلى اللاجئين على أنهم بحاجة فقط إلى الطعام والشراب.
من الجدير بالذكر، أنَّ الحكومة الألمانية اتخذت سلسلة من الإجراءات للحد من الهجرة غير النظامية، حيث أكدت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فايزر أنها حققت نجاحاً كبيراً في هذا الصدد خلال الأشهر القليلة الماضية. تتضمن هذه الإجراءات إصلاحات مخطط لها في سياسة اللجوء الأوروبية المشتركة، بالإضافة إلى التغييرات التشريعية الوطنية لتسهيل عمليات الترحيل وفرض ضوابط إضافية على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك وسويسرا في أكتوبر الماضي.
وفيما يتعلق بمدى استمرارية هذه الضوابط، التي كان من المفترض في البداية أن تستمر حتى منتصف حزيران القادم، أكدت الوزيرة “فايزر” أنها سيبقى تطبيق هذا القرار ضرورياً -على الأقل- حتى يتم ايجاد وسائل أخرى للحد من الهجرة غير النظامية. وتشير إلى أن الإصلاحات المخطط لها على مستوى الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى توزيع مختلف للمهاجرين وتعزيز السيطرة على الحدود الخارجية. وهذه الإجراءات يمكنها أن تقلل -بشكل دائم- من أعداد الوافدين بشكل غير شرعي.