تاريخياً، يقولون “إنْ عطسَت سوريا تُصاب لبنان بالرشح، والعكس صحيح” وذلك للعلاقة الجيوبوليتيكية الحيوية بينهما.
واليوم نعاصر نتائج الموقف الذي أسفرت عنه الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت في أيار 2022 التي وضعت لبنان وسوريا على مفترق طريق جديد عبر تحولات سياسية هامة قد تؤثر على ديناميكية العلاقة بين البلدين. يثير هذا الوضع التساؤلات تتمحور حول كيفية تأثير ما يجري في لبنان على الملف السوري، خاصة في ظل تراجع حلفاء النظام السوري في لبنان وتقدم القوى المعارضة.
التأثيرات على الملف السوري
لقد جاءت أبرز النتائج الانتخابية بعد عامين على نقصان الحلفاء لنظام الأسد لعدد من المقاعد في البرلمان اللبناني، وبالتالي فقدانهم لبعض من مساحة نفوذهم. وقد شهدنا بجلاء تحسناً في أداء قوى التغيير والمستقلين، الذين يسعون لإحداث تغييرات جذرية في السياسة اللبنانية، بما في ذلك التقليل من تأثير إيران وحلفائها في المنطقة.
- أولاً وقبل كل شيء، يجب التنويه أنَّ لبنان يلعب دوراً ليس بقليل للتأثير الإقليمي بما يتعلق بسوريا. إذ بينت تاريخياً، أن الأحداث في لبنان تؤثر على الوضع السوري بشكل مباشر أو غير مباشر.
- ثانياً، بالنسبة بملف اللاجئين السوريين، يبدو أن هنا محاولات جديّةكي تتم عودتهم إلى بلادهم في ظل التوافق الكبير بين الأطراف السياسية اللبنانية على هذا الأمر. وفي هذا الصدد، يجب تناول هذا الموضوع بشيء من الحذر، حيث قد يتم تجميد هذه العملية بسبب تحديات معقدة تسيطر على الساحة الداخلية في لبنان.
- ثالثاً، يمكن أن يؤدي تغيير المشهد السياسي في لبنان إلى زيادة الضغوط على النظام السوري. لأنَّ بعض الأطراف اللبنانية المعارضة بدأت بالدعوة بشكل علني ونشيط إلى إسقاط النظام وإعادة النظر في العلاقات اللبنانية – السورية. وهذا قد يؤدي إلى تعقيد الأوضاع للنظام السوري وضغط إضافي عليه من جهات إقليمية ودولية.
- رابعاً، قد يؤدي تقليل نفوذ إيران في لبنان إلى تأثير سلبي على القدرة السياسية لحزب الله في سوريا. بع أن فقد الحزب بعضًا من قوته في لبنان، مما قد يؤدي إلى تقليل دعمه للنظام السوري، خاصة بعد أنْ اتخذ نظام الأسد موقفاً يشوبه الغموص حيال موقفه من إيران التي تخلت – ولو ظاهرياً – عن دعم حماس في حربها مع إسرائيل في قطاع غزة. ومن الملاحظ حالياً ظهور تصريحات تتهم بعض شخصيات أمنية في نظام الأسد بالتعامل مع الإسرائيليين من خلال تزويدهم بمعلومات أمنية ساعدت على اعتيال قادة ايرانيين يقيمون سرياً في سوريا.
سياقات أخرى طارئة
أصبح موقف اللبنانيون اليوم أكثر وضوحاُ حيال تقييمهم المستجد بأنَّ العلاقة بين لبنان وسوريا ليست قضية (عرقة ثنائية) فحسب، بل إنها تتأثر بالعديد من العوامل الإقليمية والدولية. لذلك، قد تكون نتائج الأزمة السيادية اللبنانية وعدم اتفقاهم على تسمية رئيس للبلاد وقائد للجيش وسواها من الخلافات مؤشراً قوياً للمراهنة على مستقبل العلاقة بين البلدين، خاصة لأنها تشكل جزءاً من سياق أوسع يجب مراعاته عند التنبؤ بالتطورات المستقبلية.
في النهاية، فإن ما يجري في لبنان يستحق الانتباه والمتابعة، لأنه قد يلعب دوراً مهماً في تحديد مسار المستقبل لسوريا والمنطقة بأكملها.