بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها بتحدد الفترة الواقعة ما بين (3 فبراير 2025) حتى نهاية (3 فبراير 2026) كموعد نهائي لتقديم طلبات المتضررين من اجرام الأسد الابن (بشار الطاغية) ويرغبون في مشاركة أدلتهم التي تدين هذا المجرم، تتمنى القبة الوطنية السورية من جميع السوريين المعنيين بمتابعة حقوقهم من قبل هذه المحكمة العادلة أن لا يتوانوا عن استثمار هذه الفرصة من أجل مصلحتهم ومصلحة سورية ما دامت المحكمة قد قبلت ما ورد في الطلب المرفوع إليها من قبل دولتي هولندة وكندا بشأن محاكمة نظام الاسد بتهمة انتهاك اتفاقية حقوق الانسان. وننوه أنَّ هذه المرجعية القضائية تعتبر أعلى سلطة قضائية دولية، وقراراتها النهائية مبرمة وغير قابلة للطعن أو عدم التنفيذ لأي سبب كان، وفي حال حاول المحكوم عليهم الرفض أو التملص أو تعطيل الاجراءات التنفيذية، من قبل أية دولة كانت بما فيها الدول التي ترأس مجلس الأمن ولها حق الفيتو، ينطبق عليها وجوب تنفيذ قرارات هذه المحكمة.
وفي هذا السياق، قصدنا إعادة الكتابة عن جرائم الأسد الأب لتذكير الذين تقاعسوا في استثمار فرص مشابهة لهذه المحاكمة التي أعلنت اليوم، ومثال ذلك عندما طلبنا شخصياً في وقت سابق من الكثير من أهالي حماه ألا يفوِّتوا الفرصة التي كانت متاحة لمحاكمة رفعت الأسد في محاكم دولية أخرى، ولم يتجرأ أي أحد من المتضررين بالأرواح والممتلكات من القدوم على فرنسا على نفقة مؤسسات سورية حيث كان هناك محامون أكفاء ينتظرون ثلاثة شهود فقط لتقديم طلب الإدعاء، لكنَّ وللأسف كان خوف المتضررين من انتقام عائلة الأسد من عائلاتهم وأقربائهم في الداخل هو الذي تسبب بالخوف. لذلك لم يقبل المدعي العام فتح المحاكمة، وتم طي الدعوى آنذاك. اليوم نعود لتذكيرهم بأحداث مجزرة تدمر، وفي مقال لاحق سنتعرَّض للتذكير في مجزرة حماة أيضاً لأننا نتوقع أن تفتح ملفاتهما قريباً إن شاء الله.
مجزرة سجن تدمر
بلد المجزرة: سوريا
الموقع: سجن تدمر
الإحداثيات: 34°33′32″N 38°17′07″E
التاريخ: 27 حزيران 1980
الهدف: سُجناء سجن تدمر (غالبيتهم من جماعة الإخوان المسلمين)
نوع الهجوم: إبادة جماعية
الدافع: الانتقام من محاولة اغتيال حافظ الأسد
الوفيات: مابين 600 – 1200 قتيل
المنفذون: الجيش السوري سرايا الدفاع – الكموندس
مقدمة:
تاريخ عائلة الأسد حافل بالمجازر والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومن بين أبشع هذه الأحداث تبرز مجزرة سجن تدمر التي وقعت في الثمانينيات من القرن الماضي. تعد هذه المجزرة نموذجًا صارخًا للقمع والإجرام الذي تمارسه نظام الأسد بحق شعبه.
تمت مجزرة سجن تدمر في يوم 27 حزيران 1980، حيث تمت عملية اقتحام وحشية للسجن تم خلالها إعدام المئات من السجناء بطريقة وحشية وبدون محاكمة عادلة. وقد كانت معظم الضحايا معتقلين سياسيين يعارضون نظام الحكم في سوريا، وغالبًا ما كانوا ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين. كما أنَّ كثير من السجناء المسجونين في تلك الفتر بجرائم فرار داخلي أو التخلف عن خدمة العلم ، أو قضايا مسلكية أثناء الخدمة العسكرية، كانوا يشكلون رقماً لا بأس به من عدد الضحايا… وهذا منتهى الإجرام أيضاً.
الأحداث:
أمر حافظ الاسد بتنفيذ المجزرة كجزء من حملة قمع واسعة النطاق ضد المعارضين له. حيث تمت عملية القتل بطرق وحشية، حيث تم استخدام الرصاص الحيّ والقنابل وغيرها من الأسلحة لإعدام السجناء دون محاكمة عادلة أو فرصة للدفاع.
في السابع والعشرين من حزيران عام 1980، وقعت مجزرة مروعة في سجن تدمر الواقع في مدينة تدمر الصحراوية بسوريا. كانت هذه المجزرة نتيجة لأوامر صادرة من حافظ الأسد، حيث أُعطيت وحدات كوماندوس من سرايا الدفاع تحت قيادة شقيق الرئيس، رفعت الأسد، تعليمات بمهاجمة السجن وقتل جميع المعتقلين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين المعارضة. وتم تنفيذ هذه العملية بمشاركة أكثر من مائة عنصر، حيث نُقلوا من دمشق إلى مطار تدمر العسكري عبر مروحيات، ثم توجهوا نحو السجن ودخلوا زنازينه ليقوموا بإعدام المئات من السجناء رمياً بالرصاص واستخدام القنابل المتفجرة. تشير التقديرات إلى أن عدد القتلى تجاوز الألف شخص، والذين كانوا غالباً محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين. تم نقل جثامين الضحايا ودفنها في حفر مُعدة مسبقاً في وادي يقع شرق تدمر. تُعتبر مجزرة سجن تدمر واحدة من أبشع المجازر التي وقعت في تاريخ سوريا ضد المعتقلين، وما زالت ذكراها تخيم على الشعب السوري تاركة مآسي اجتماعية ورضوض نفسية حادة حتى اليوم، حيث لم تتمكن منظمات المجتمع المدني من تقديم المسؤولين عن هذه الجريمة إلى العدالة حتى الآن رغم انهم كانوا يسرحون ويمرحون على اراضيهم. لقد كانت سوريا تعيش ضمن ستار حديدي يغيب فيه الاعلام العالمي ولا لايمكن أن يتسرب أي خبر عن هذه المجزرة إلا بعد انقضاءردهاً من الزمن، والأنكى، أنَّ الكثير من سجناء تلك الفترة ما زالوا مجهولي المصير ودون صك وفاة رسمي حتى اليوم.
أعداد ضحايا مجزرة تدمر:
تبقى أعداد الضحايا لمجزرة سجن تدمر موضوعًا محاطًا بالغموض والتأويلات نظراً للتكتم الرسمي والتضارب في التقديرات. فعلى الرغم من جهود العديد من المنظمات الحقوقية والشهادات الشخصية، فإن تحديد الأعداد الدقيقة للضحايا يبقى أمراً صعباً. فبعض التقديرات تشير إلى أن عدد القتلى قد تجاوز 600 شخص، بينما تقديرات دولية أخرى تشير إلى تجاوز عددهم الآلاف. ومع ذلك، فإن مصادر حقوقية تذكر أن العدد قد يصل إلى حوالي 1200 قتيل، مما يؤكد على وحشية الجريمة وتأثيرها الواسع في التاريخ السوري.
ردود فعل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي على مجزرة تدمر
ردود الفعل على مجزرة سجن تدمر كانت عنيفة ومؤثرة، حيث أدانت منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي بشدة هذه الجريمة البشعة. منظمة هيومن رايتس ووتش أشارت إلى أن وحدات الكوماندوس التابعة لسرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد قامت بقتل ما يقدر بنحو 1000 سجيناً أعزل، معظمهم من الإسلاميين، كان ذلك انتقاماً من محاولة اغتيال فاشلة ضد حافظ الأسد. كما طالبت منظمة العفو الدولية بإجراء تحقيق في المجزرة، ونشرت مواقع حقوقية سورية شهادات لعناصر شاركوا في تنفيذ المجزرة، تؤكد أن مهمتهم كانت مهاجمة سجن تدمر. وقد وصف أحد المشاركين السابقين في المجزرة الرؤية التي شاهدها بأنها مروعة، حيث شهد الأيدي والأرجل ملطخة بالدماء. وأكدت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن المجزرة تعدت حدود جرائم القتل العمد، معتبرة الذين أمروا بها وكل منفذيها مسؤولين جنائياً عن هذه الجريمة البشعة.
تستمر مجزرة سجن تدمر في أن تكون شاهداً على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها السلطات السورية ضد شعبها. تبقى هذه المجزرة تحدياً للعدالة الدولية وتحث على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم إلى العدالة.
مجزرة تدمر 1980 ليست الوحيدة التي وقعت في سجن تدمر خلال عهد حافظ الأسد، بل تم توثيق سبع مجازر جماعية أخرى في السجن خلال فترة السبعينيات وبداية الثمانينيات. هذه المجازر أسفرت عن مقتل مئات السوريين، حيث تم تنفيذ عمليات إعدام جماعية بين عامي 1980 و 1983.
منظمات حقوق الإنسان قد وثّقت هذه الأحداث الوحشية، وأفاد سجين سياسي سوري سابق، الذي لم يُكشف عن هويته، بأن عمليات الإعدام جماعية تكررت بشكل منتظم، حيث كانت تتم مرتين في الأسبوع، وقد حدثت خلال الفترة الممتدة بين عامي 1981 و 1983. وتؤكد هذه التقارير أن هذه المجازر تمثل جزءاً من سياسة قمعية وقتل ممنهجة ضد المعارضين السياسيين في ذلك الوقت.
هذه الأحداث تبرز الظروف القاسية التي كان يتعرض لها السجناء السوريين في ذلك الوقت، وتكشف عن مدى الانتهاكات الجسيمة التي يمارسها نظام الأب والابن ضد أي صوت مخالف أو معارض لهم أو الشك بذلك كان يؤدي للموت.
شكراً لزيارتك الموقع.