يتساءل المتابعون للشأن الأمريكي والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي تقود التحالف الدولي لمحاربة داعش شرق سوريا وتتخذها مقرا لقواعدها في المنطقة، فما هو السر بالسماح لإيران بهامش واسع في سوريا، وهي ذات النظام الثيوقراطي المعادي لليبرالية الغربية بالتغلغل في الجغرافيا السورية، فهل أصبحت أمريكا ذات رؤية جيبوليتيكية قاصرة في الجغرافية السورية ام أنها تستخدم إيران لتنفيذ مخططاتها الإستراتيجية في المنطقة.
بما أن الجيوبوليتيك علم دراسة تأثير الأرض على السياسة (برها وبحرها ومرتفعاتها وجوفها وثرواتها وموقعها) في مقابل مسعى السياسة للاستفادة من هذه المميزات وفق منظور مستقبلي فلماذا يسمح الجيـوبوليتيك الأمريكي في سوريا التنازل لإيران عن ثروات كثيرة تم كسبها، كالفوسفات والغاز والفضاء والسواحل والميناء.
يدرك المتابع بان أمريكا اعطت لإيران دور وظيفي في سوريا والعراق واليمن ولبنان يرتكز على الحرب بالوكالة من أجل التقسيم والتخريب وبناء الكيانات وانتعاش الدويلات على حساب الدولة، وتهديد الدول وابتزازها.
لم يعد خافياً على أحد أن نفوذ الولايات المتحدة في سوريا يشهد منافسة روسية قوية مستغلة الإسترخاء الأمريكي أمام إيران، ويأتي هنا دور روسيا باستغلال التقارب الروسي من إيران بالاستحواذ على حقول الغاز في حمص والقلمون، والفوسفات، تعمل كل يوم على تحويل قوتها الاقتصادية إلى قوة عسكرية، وإستخدام الميادين والأراضي والمحافظات السورية لتجريب أسلحتها الإستراتيجية في محاولة منها على مزاحمة الولايات المتحدة في هيمنتها على العالم، والأمر الذي جعل البعض من الدول التحول من الفلك الأمريكي إلى الروسي ومنهم إلى الصيني الذي يعمل على الهيمنة على بحر الصين ودول جنوب شرق آسيا.
لاشك بأن سوريا والعراق تراجعت في سلم الأولويات لدى الأمريكي، وخاصة الشرق الأوسط، وبات الخليج “الفارسي” يحتل المرتبة الثانية أو الثالثة في سلم الأولويات الاستراتيجية الأمريكية، وما يبقيها في مياه الخليج ليس اعتمادها على نفط الخليج، فهي لم تعد كذلك، بل بشكل أساسي للسيطرة على منابع وطرق النفط التي تتزود منها هذه القوى الصاعدة التي تنافسها.
معركة حزب الله مع العواميد
عملت إيران على خلق كيانات مختلفة ومتفرقة على أساس إيديولوجي من أجل تنفيذ مخططاتها ومشاريعها في الدول العربية بالإعتماد على الخطاب الديني المستند على أساطير وخرافات واضعة امام أعين أتباعها عدو دائم ، قائم على المظلومية من أجل تجييش وتحريض الأتباع المجندين للإنخراط ضمن صفوف ميلشياتها والقتال بدون تفكير ومعرفة من هو العدو.
لاشك بأن الصواريخ الإيرانية البالستية الدقيقة (ذات الدقة العالية) المتواجدة في عهدة ما يسمى حزب الله وأذرع إيران من زينبيون وفاطميون ونجبا والرضوان وفيلق القدس ولواء القدس ، المتواجدة في الدول العربية ليست موجّهة نحو اسرائيل، ولن تكون يوماً، بل هي مبرمجة لقصف المدن العربية،(كما تعمل جماعة الحوثي في قصف المناطق النفطية في السعودية ) والسبب يكمن في عقيدة المشغل الأكبر لحزب الله والميليشيات الإيرانية بأكملها.
ولو تسائلنا عن أفعال حزب الله القتالية وانخراطه المدروس في تنفيذ رمايات الإزعاج العبثية على اراضي الزراعية المفتوحة خارج دائرة الاشتباك الحقيقية.الدائرة في غزة والتي لاتسمن ولاتغني من جوع من جنوب لبنان على الأراضي الفلسطينية ، وعدم التأثير أو تدمير أي هدف إستراتيجي هام من الأهداف الإسرائيلية ، ومن مختلف الوسائط النارية والرمايات المدفعية والصاروخية .والتي صبت جام غضبها على عواميد الإرسال وكاميرات المراقبة التي لا تمثل أي شيء في ميزان الخسار والربح ، وإنما هي حركات صبيانية من اجل خلق مسوغ لإسرائيل في قصف لبنان وتدميرها، وإنهاكه إقتصاديا وسياحياً وعسكريا ً وحضاريا وعلميا وزراعياً من خلال منع الطلاب من الذهاب للمدارس والمزارعين بالذهاب الى حقولهم واللجوء الى الملاجئ.
وكذلك إطلاق الحوثي صواريخ بالستية من اليمن باتجاه الكيان الإسرائيلي ماهي إلا متنفس لإسرائيل التي تواجه ضغط خارجي وداخلي لإيقاف الحرب على غزة ، وتشجعها إعلامياً بأنها تواجه خطر كبير يهدد وجودها ، كما هي رمايات حزب الله اللبناني التابع لإيران ، التي تساعد نتنياهو على المضي قدماً بالحرب ، والتغاضي عن أصوات اهالي الأسرى المتعالية بوقف الحرب ، كرسائل داخلية وخارجية بمواجهة إسرائيل لشر مستطير.
لذا نجد ان ميليشيا حزب الله تعمل بقرار إيراني خارجي بالاتفاق والتنسيق مع أمريكا وإسرائيل من أجل أن يكسب الحزب امرين:
الأول : يتجلى في حفظ ماء الوجه امام جمهوره من اللبنانيين والسوريين خاصة والعرب عامة الذين ينظرون له بأن الفدائي والمقاوم الأول في المنطقة للحفاظ على البروباغاندا الممانعة والمقاومة لإسرائيل وأمريكا ، وكي لايتم النظر الى قتله السوريين بأنه مبني على اساس طائفي وإنما قتلهم بدواعي الممانعة
والثاني: هو الإيحاء للجمهور اللبناني بأنه بموقع المدافع وليس مهاجم لإسرائيل. علما انه لولم يقوم بحركات الرعونة والمغامرة ( الزعرنة ) لوفر الكثير على الشعب اللبناني.
فهل يمتلك ما يسمى حزب الله القرار لينخرط في المعركة سواء كانت الرمايات المباشرة أو غير المباشرة مجدية أو تمويه على العمالة التي ينتهجها في نشأته المشبوهة وتاريخه الأسود.
في الواقع مثل هذه الاحزاب التي تعمل خارج نطاق الدولة وتتبع بالدعم لدول اقليمية تسمى هذه ميليشيات ذات بندقية مأجورة كونها تأخذ مخصصاتهما التأمين المالي والقتالي من خارج الدولة، ولاتتبع لجيش الدولة الذي يعيش ضمن جغرافيتها كـ لبنان على سبيل التحديد.
لو عدنا الى الوراء اثنا عشرة سنة لنتحقق من دخول ما يسمى حزب الله السريع والسهل الى سوريا وانخراطه الفوري في قتل المدنيين السلميين في الأول عندما نفذوا إنزال بالحوامات القتالية في اليوم الثامن عشر من آذار 2011 ،وبدؤوا بإطلاق الرصاص الحي على الشعب السوري في منطقة القتل.
لايمكن لإيران وحزب الله كونهما من الانظمة الثيوقراطية أن تدخل لسوريا دون اذن امريكا
وخاصة أن إيران هي من دول محور الشر.
يعطيك العافيه دكتور مقال موفق
نيابة عن الدكتور الأسعد، هيئة التحرير تشكر زيارتك واستحسانك للمقال.
مقالات رائعة وتستحق الاطلاع وجهد مقدر في البحث وراء الحقائق .اراء جرئه وشجاعة
هذا يعزز ويشجع الموقع بأن يجذب أمثالك من النخبة الباحثة عن الحقيقة. وشكراً على التعليق.
مقالا يستحق القراءة. شكرا لك
شكراً لك على تواجدك ومرورك الكريم!