قالت وكالة “رويترز” إن الرئيس السوري، أحمد الشرع، اتخذ خطوات صارمة تجاه مقربين وموالين له، بعد ظهورهم بسيارات فارهة عند استقباله، كما قام بتقييد النشاط التجاري لشقيقه جمال الشرع، وأغلق مكتباً له ومنع الجهات الحكومية من التعامل معه، في إطار محاولاته لفرض النظام ومكافحة الفساد.
وفق مصادر مطلعة حضرت لقاءً عُقد في 30 آب الماضي في مقر الشرع السابق بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا، بدا الرئيس محاطاً بمسؤولين أمنيين رفيعين، حيث استهجن ما رآه من مظاهر الترف: أكثر من مئة من الموالين له وصلوا بسيارات فارهة مثل “كاديلاك إسكاليد ورينج روفر وشيفروليه تاهو”. وخاطبهم الشرع قائلاً: “ألستم أبناء الثورة؟ هل أغرتكم الدنيا بهذه السرعة؟”، ما اعتبره مراقبون تحذيراً من الاستمرار في استغلال المناصب.
وأمرت السلطات الموظفين الذين يمتلكون سيارات فاخرة بتسليم مفاتيحها، مهدداً بتحقيقات حول الكسب غير المشروع، فيما أشار الحضور إلى أن عددًا قليلًا فقط امتثل للأمر. من جهتها، وصفت وزارة الإعلام اللقاء بأنه “ودّي وغير رسمي”، ونفت تسليم مفاتيح السيارات، مؤكدة على موقف الشرع الصارم تجاه شبهات الفساد.
تصف “رويترز” هذا التوجه بأنه يمثل تحديًا للرئيس البالغ من العمر 43 عامًا، الذي يسعى للانتقال من قيادة حركة مسلحة إلى إدارة دولة دون إعادة إنتاج الفساد المتجذر في عهد نظام الأسد. وأوضح الباحث حسام جزماتي أن الشرع لم ينشأ في مؤسسات الدولة، بل في بيئة ميليشياوية قائمة على الولاءات والاحتكار منذ عام 2003، محذراً من أن السماح للموالين بـ”غنائم الحرب” قد يهدد سلطته ويستنزف موارده المالية اللازمة للسيطرة على إدارة الدولة.
“لا استثناءات” للعائلة
ويحاول الرئيس السوري فرض النظام داخل أسرته، حيث يشغل شقيقاه الكبيران مناصب رفيعة: حازم الشرع مسؤول عن الأنشطة الاقتصادية ودمج المقاتلين السابقين في الاقتصاد، فيما يشغل ماهر الشرع منصب أمين عام رئاسة الجمهورية ويترأس اجتماعات رسمية، من بينها لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أما جمال الشرع، فقد تم إغلاق مكتبه ومنعه من أي نشاط تجاري بسبب اتهامات بالكسب غير المشروع، فيما حضر الرئيس اجتماعاً عائلياً شدد خلاله على منع استغلال اسم العائلة.
رغم الإجراءات الجديدة، أشار تسعة من رجال الأعمال ومسؤولين إلى أن الفساد مستمر بأشكال مختلفة، مثل دفع رشى للإفراج عن معتقلين أو لاستعادة ممتلكات مصادرة. وتابعت وزارة الإعلام أن هذه الممارسات ليست واسعة، وأن الجهات المتورطة خضعت للتحقيق الفوري.
تشرف لجنة مكافحة الكسب غير المشروع على تسويات إعادة تأهيل الأصول المصادرة منذ أيار الماضي، على أن تُنقل لاحقاً إلى صندوق سيادي جديد يضم مئات الشركات والممتلكات والمصانع. لكن بعض المحققين في اللجنة وُضعوا قيد الاعتقال للاشتباه في تورطهم بقضايا فساد، ما يعكس التحديات المستمرة أمام جهود الشرع لمكافحة الفساد وإعادة هيكلة السلطة.











