الرُمّان في حوران
لهم نَخبهم في الويسكي والبيرة والريّان ولنا نخبنا في عصير الرمان وكما كانت حيفا الفلسطينية عاصمة الليمون والبرتقال وغزت حينها أسواق أمريكا وأوربا وباقي البلدان وكذلك وكما كانت لبنان عاصمة التفاح سيما أنواع الغولدن والستاركن وأذكر ونحن في سن الطفولة كيف كان يأتينا بصناديق خشبية جميلة ملفوفاً بأوراق الزبدة وعِطرها يفوح ويملأ المكان كذلك اليوم نجد الرمان في حوران …
كأس من عصير الرمان في حوران يُعدِّل المزاج ويُدرّ البول وحتى قشره صيدلية متكاملة وها هو اليوم في حوران بمتناول الجميع ك البطيخ في باقي البلدان ومن لا يصله ثمار الرمان فالسبب يعود لبخل بعض الملّاك وقد عاقبهم الله بجفاف الآبار وشُح الماء وصِغَر الثمر وداء التشقق …
أجمل فاكهة في حوران الرمان.
الرمان في حوران ليس وليد السنوات الأخيرة وإن شهدت هذه السنوات زيادة مفرطة في زراعته على حساب أشجار الزيتون والعنب وأذكر أنه من عقود مضت حيث كانت تغص به أودية كويا وحيط وما حولهما وكان ثمره أنذاك من أفضل الثمار وصنفه عالي الجودة وأما حجمه فقد تصل الحبة الواحدة إلى ثلاثة كغ وكان يشكل مخزوناً استيراتيجيا ويصل إلى أسواق بعيدة وقريبة وكان يشكل مصدر دخل عال للسكان وأذكر في عام ١٩٨٧ وهو العام الذي شهد بداية تدريبي في مهنة المحاماة ونيابة عن أستاذي رافقت هيئة المحكمة إلى مزرعة موكلنا “عزّات” في وادي كويا وأذكر كيف مشينا بصعوبة بالغة وحذر شديد على الأقدام وصولاً إلى المكان والذي تعرض لحملة ممنهجة من الجهات المسؤولة عن الزراعة بالنظام السابق هدفها قلع كل أشجار الرمان واستبدالها بغرف بلاستيكية وهو المشروع الفاشل الذي ساهم حينها في تدمير المكان والقضاء على شجرة مباركة تعود بالنفع على البلاد وأذكر أنه كان في مكتبنا أنذاك المزيد من قضايا الرمّان وكنّا نُدلعها بالرمانيات وعلى ذكر بلدة كويا علينا أن لا نمر عليها مرور الكرام لأنها اليوم تشكل رمزاً للبطولة والفداء فأهلها يقفون صفاً واحداً في وجه العدو الصهيوني وبات العدو قبل اقتحامه يحسب ألف حساب لأهل هذه البلدة وقد استشهد من ابنائها ثلة من رياحينها وهي بلدة تغص بمئات الشهادات العلمية والجامعية العالية ففيها العشرات من المحامين والقضاة والأطباء والمهندسين والضباط والمعلمين وهي تنافس على الصدارة على مستوى حوران وأمام فيض مكارم هذه البلدة وكرم أهلها لا بد من تمرير هذه الطرفة حيث يُذكر بأن عابر سبيل طلب من حارس مزرعة حبة رمان فأعطاه لكنه عاد وقطف حبة دون استئذان وهنا نزل عليه الغضب وجاء أمر الحارس بأنه عليك أن ( تُعلِّجها ) كما ( عَلّجها ) الله وإلّا هههه …
وفي تلك الأونة التي ذكرتها وفي بلدة حيط التي يجاورها واد سحيق كان للرمان بصمة وهيبة ووقار وأذكر حين كان خطيب خالتي – وهو من هذه البلدة – يحضر لزيارة أهل خطيبته كان يرافقه الرمان …
جُمعتكم يا أحباب رُمّان وأمن وأمان وراحة بنوعيها سادة ومحشية وهداة بال …
اعذروني لم أستطع المقاومة فقد استسلمت اليوم قبل الإفطار لكأس من عصير الرمان عالي التركيز ولا أخفي عليكم بأن زجاجته تجاورني في سريري عند المنام وإن أَثقلت عليَّ بالذهاب إلى الحمام …
أرفق لكم صورتي ومن شرفة بيتي الريفي الجميل المطل على مزارع الرمان وبيدي كأس من نخب عصير الرمّان …











