كشفت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا عن تفاصيل التفاهمات التي جرت مؤخراً بين الحكومة السورية ووفد من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، خلال اجتماع عُقد في دمشق بمشاركة ممثلين عن الجانب الأميركي، في خطوة تُشير إلى عودة تدريجية لمؤسسات الدولة السورية إلى مناطق شمال وشرق البلاد بعد سنوات من الانقسام الميداني.
عُقد الاجتماع في العاصمة السورية بين نائب الرئيس السوري السيد أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي، بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، وقائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر.
وأعقب اللقاء اجتماع آخر ضم وفد “قسد” مع وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، حيث جرى بحث الخطوات العملية لتنفيذ التفاهمات الميدانية.
أوضحت المصادر أن التفاهمات، التي جرت برعاية أميركية شكلية دون أي التزام سياسي من دمشق، نصت على دمج عناصر “قسد” ضمن صفوف الجيش السوري عبر إنشاء ثلاث فرق وعدة ألوية عسكرية، موزعة في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، لتصبح هذه القوات تحت قيادة وزارة الدفاع السورية بشكل رسمي.
كما تقرر أن تُدمج قوات الأمن الداخلي المعروفة بـ”الأسايش” في وزارة الداخلية السورية، لتعمل تحت سلطة الأجهزة الأمنية الرسمية للدولة.
وبذلك تكون دمشق قد وضعت الإطار المؤسسي لعودة السيطرة الإدارية والعسكرية الكاملة إلى تلك المناطق، مع الحفاظ على بعض الترتيبات المحلية لضمان الاستقرار الميداني خلال المرحلة الانتقالية.
أكدت المصادر أن القيادة السورية وافقت على منح بعض أبناء المنطقة من الموالين للدولة مناصب إدارية محدودة ضمن التشكيلات الجديدة، في إطار سياسة التوازن المحلي، دون المساس بالسيادة أو بسلسلة القيادة المركزية في الجيش والأمن.
ومع استكمال عملية الاندماج، لن تبقى تسمية “قسد” أو “الأسايش” قائمة، بل ستُستبدل بتسميات رسمية معتمدة ضمن مؤسسات الدولة السورية.
اتفق الجانبان على تشكيل لجان مشتركة تحت إشراف وزارة الدفاع لمتابعة عملية الدمج وضبط شؤون المقاتلين، التي يُقدّر عددهم بين 80 و100 ألف عنصر، على أن يخضعوا للتدريب وإعادة التأهيل وفق المعايير العسكرية السورية.
وتؤكد دمشق أن الهدف من هذه الخطوة هو إعادة توحيد البنية العسكرية والأمنية على كامل الأراضي السورية، بما يعزز استقرار الدولة وسيادتها.
تعاون أمني لمحاربة الإرهاب
في السياق ذاته، أشارت التسريبات إلى وجود تفاهم مبدئي بين الحكومة السورية والجانب الأميركي بخصوص تنسيق الجهود في محاربة تنظيم داعش، عبر السماح للجيش السوري بقيادة العمليات ضد التنظيم داخل الأراضي السورية بالتنسيق مع التحالف الدولي.
ويأتي ذلك في إطار رغبة دمشق في استعادة الدور الوطني في مكافحة الإرهاب، بعد أن أثبتت خلال السنوات الماضية قدرتها على دحر التنظيمات المتطرفة في معظم المحافظات.
من جهته، أقرّ مظلوم عبدي في تصريحات إعلامية بأن الاجتماعات الأخيرة أفضت إلى تنسيق شفهي بشأن دمج قواته في صفوف الجيش السوري، مؤكداً قبول المقترحات الأميركية لتشكيل قوة مشتركة ضد داعش.
غير أن مراقبين يرون أن هذه التصريحات تعكس تراجع موقع “قسد” الميداني والسياسي، في ظل التفاهمات التي تجعلها جزءاً من مؤسسات الدولة لا كياناً مستقلاً عنها.
خاتمة:
تشير المعطيات إلى أن دمشق تسير نحو استعادة نفوذها الكامل في الشمال الشرقي بأسلوب هادئ ومتدرج، يعتمد على استيعاب القوى المحلية ضمن مؤسسات الدولة، لا عبر الصدام المباشر.
وهكذا، يبدو أن مرحلة “قسد” كقوة منفصلة عن الدولة تقترب من نهايتها، لتحل محلها سلطة الدولة السورية الموحدة، التي تسعى لتثبيت الأمن والاستقرار على كامل التراب الوطني.