أعلنت وزارة العدل السورية، اليوم الثلاثاء، عن بدء التحقيق مع المتهم وسيم الأسد، أحد أبرز تجّار المخدرات في سوريا خلال حقبة النظام السابق، وذلك بعد أن حرّكت النيابة العامة دعوى الحق العام بحقه. ونشرت الوزارة عبر منصاتها الرسمية مقطعاً مصوراً يوثّق لحظة استجوابه أمام قاضي التحقيق المختص، في خطوة وُصفت بأنها محطة محورية على طريق العدالة الانتقالية.
يُعدّ وسيم الأسد ابن عم الرئيس المخلوع بشار الأسد، وقد اشتهر خلال السنوات الماضية بدوره البارز في تجارة حبوب الكبتاغون وتشكيل شبكات إجرامية مرتبطة بالفرقة الرابعة في قوات النظام. التحقيقات الأولية كشفت أنّه لم يكن مجرد تاجر مخدرات، بل موّل تشكيل مجموعات مسلّحة ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، شملت جرائم قتل، اعتداءات طائفية، وإثارة النعرات المذهبية والعنصرية.
كما بيّنت الوثائق أنّه استغل انتماءه للعائلة الحاكمة سابقاً للتدخل في مؤسسات الدولة، وتحصيل مكاسب مالية ضخمة بالتعاون مع شبكات نافذة من كبار تجار المخدرات داخل سوريا.
التهم الموجهة إليه
- وجّهت النيابة العامة إلى وسيم الأسد سلسلة من التهم الثقيلة، أبرزها:
- القتل العمد والاشتراك في جرائم قتل.
- التحريض على النزاعات الطائفية والمذهبية.
- تشكيل مجموعات مسلحة ورديفة بتمويل وتسليح كامل.
- استغلال النفوذ مقابل منافع مالية.
- تجارة المخدرات والارتباط بشبكات محلية ودولية.
وبناءً على ذلك، تمّ إحالة ملفه إلى قاضي التحقيق لمتابعة الإجراءات القانونية بحقه، مع دعوة جميع المتضررين وأسر الضحايا إلى تقديم الأدلة والبراهين التي تثبت تورطه، في إطار التزام السلطات الانتقالية بمحاسبة كل من تورط في الانتهاكات.
يُعتبر اعتقال وسيم الأسد في 21 حزيران 2025 أول عملية من نوعها تطال أحد أفراد عائلة الأسد منذ سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024. وتكمن أهمية هذه الخطوة في رمزيتها، إذ تمثل بداية حقيقية لتفكيك إرث الإفلات من العقاب الذي امتد لخمسين عاماً، ورسالة واضحة بأن المرحلة الجديدة في سوريا تسعى إلى بناء دولة قانون ومؤسسات، بعيداً عن الامتيازات العائلية والطائفية.
يشكّل مثول وسيم الأسد أمام القضاء اختباراً جدياً لمدى التزام السلطات الانتقالية بمبدأ العدالة، ليس فقط عبر محاسبة المتورطين في الجرائم، بل أيضاً عبر إرساء ثقافة قانونية جديدة تُطمئن الضحايا وذويهم بأن حقوقهم لن تضيع. فالمحاكمة المرتقبة لا تقتصر على بعدها القانوني فحسب، بل تحمل أبعاداً سياسية واجتماعية عميقة، إذ تعكس بداية مسار طويل نحو تفكيك منظومة الفساد والعنف التي حكمت سوريا لعقود.
📌 خلاصة:
اعتقال وسيم الأسد والتحقيق معه لا يُعدّ مجرد حدث قضائي، بل هو مفصل تاريخي في مسار سوريا الجديد، إذ يجمع بين البعد الرمزي المرتبط بمحاسبة أحد رموز العائلة الحاكمة، والبعد القانوني الذي يكرّس مبدأ العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لمستقبل البلاد.