في مشهدٍ غير مسبوق منذ عقود، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، صباح الأحد 21 أيلول/سبتمبر 2025، إلى العاصمة الأميركية واشنطن، في زيارة وُصفت بالتاريخية، كونها الأولى من نوعها لرئيس سوري يطأ الأراضي الأميركية منذ أكثر من نصف قرن.
وبحسب مصادر دبلوماسية، يرافق الرئيس الشرع وفد حكومي رفيع يضم أربعة وزراء على الأقل، على أن تستمر الزيارة لمدة خمسة أيام. ومن المقرر أن تشمل لقاءات مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، إلى جانب اجتماعات مع مراكز أبحاث وشخصيات سياسية بارزة في الكونغرس.
وأكد موفدو وسائل الإعلام أنّ الرئيس سيجتمع مساء اليوم مع أبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة، في مدينة نيويورك، حيث ينتظر أن يوجه لهم رسالة تحمل أبعاداً سياسية وإنسانية، في ظل التحديات التي واجهها السوريون على مدى سنوات الحرب والنزوح.
الزيارة تحمل على أجندتها ملفات شائكة، أبرزها إمكانية إعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين واشنطن ودمشق منذ سنوات طويلة، بما في ذلك إعادة افتتاح السفارة السورية رسمياً في العاصمة الأميركية. خطوة كهذه، إن تحققت، قد تمثل منعطفاً حاسماً في مسار إعادة إدماج سوريا الجديدة في النظام الدولي بعد سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي.
ومن أبرز محطات الزيارة، الكلمة التي من المرتقب أن يُلقيها الرئيس الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهي أول كلمة لرئيس سوري في هذا المحفل الدولي منذ عام 1967. ومن المتوقع أن يطرح خلالها رؤيته لمستقبل سوريا بعد التغيير السياسي، ويؤكد على توجهات بلاده الجديدة نحو المصالحة الوطنية، وإعادة الإعمار، والانفتاح على المجتمع الدولي.
مقارنة تاريخية
تعود آخر زيارة موثّقة لرئيس سوري إلى الولايات المتحدة إلى حزيران/يونيو 1967، حين شارك الرئيس نور الدين الأتاسي في دورة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة عقب هزيمة حزيران، المعروفة عربياً بـ”نكسة 67″. ومنذ ذلك الحين، ظلت العلاقات السورية – الأميركية عالقة بين القطيعة والتوتر.
تأتي هذه الزيارة في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، عقب عملية “ردع العدوان” التي قادها أحمد الشرع بصفته زعيماً لتحالف عسكري – سياسي أطاح بالنظام.
يرى مراقبون أن هذه الزيارة تحمل رسائل متعددة الاتجاهات:
للداخل السوري: تأكيد على شرعية السلطة الجديدة، والتزامها بمسار سياسي ودبلوماسي منفتح.
للولايات المتحدة: دعوة لإعادة النظر في العلاقة مع دمشق، وتجاوز عقدة الماضي المرتبط بالأسد.
للمجتمع الدولي: إشارة إلى أن سوريا تسعى للعودة كدولة فاعلة، بعيداً عن سياسات العزلة والصراع.
وبينما تترقب الأوساط السياسية نتائج هذه الخطوة غير المسبوقة، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن في تدشين مرحلة جديدة من العلاقات السورية – الأميركية، أم أنها ستبقى مجرد محطة بروتوكولية في سجل التحولات التي تشهدها سوريا ما بعد الأسد؟