في تطور سياسي واقتصادي لافت، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، عن تقديره الكبير للانفتاح الذي أبداه الرئيس السوري أحمد الشرع، معتبراً إياه خطوة مفصلية نحو بناء شراكة جديدة بين سوريا والاتحاد الأوروبي، وذلك عقب مكالمة هاتفية جمعت بين الطرفين لبحث آفاق التعاون المشترك بعد رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية عن دمشق.
كوستا، الذي شارك تفاصيل الاتصال عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، أشار إلى أن القرار الأوروبي القاضي برفع العقوبات يشكل “فرصة حقيقية” أمام سوريا للخروج من عنق الزجاجة، والانطلاق في مسار تعافٍ اقتصادي طال انتظاره. وأكد أن هذا التطور من شأنه فتح الأبواب أمام استثمارات أوروبية محتملة، خصوصاً في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.
وفي معرض حديثه، شدّد رئيس المجلس الأوروبي على أهمية ربط الدعم الاقتصادي بمسار التحول الديمقراطي، واصفاً ذلك بأنه “الضمانة الوحيدة لبناء اقتصاد مستقر وجاذب للاستثمارات الأجنبية”، مضيفاً أن الرئيس الشرع أبدى التزاماً واضحاً بالسير في هذا الاتجاه.
كوستا كشف أيضاً عن نية الرئيس السوري إطلاق حوار سياسي رفيع المستوى مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، معتبراً ذلك دليلاً على رغبة دمشق في إعادة الاندماج ضمن محيطها الإقليمي والدولي بعد سنوات من العزلة والعقوبات.
هذه التصريحات تأتي بعد أيام قليلة من إعلان الولايات المتحدة، في قرار وصفه بالمفاجئ، رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، ما أعطى دفعة قوية للمباحثات الأوروبية، وأسهم في تهيئة بيئة جديدة للتفاهمات الدولية بشأن مستقبل سوريا.
رفع العقوبات: بداية لا نهاية
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن، يوم الأحد الماضي، عن موافقته الأولية على رفع جميع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على سوريا، باستثناء العقوبات المتعلقة بحظر السلاح وتجميد الأصول المرتبطة ببعض الشخصيات المقربة من النظام السابق.
وذكرت تقارير أوروبية أن القرار يشمل فك الحظر عن النظام المصرفي السوري وإعادة السماح له بالدخول إلى السوق المالية الدولية، ما سيتيح لسوريا استعادة جزء من قدرتها على تمويل المشاريع التنموية وتحريك عجلة الاقتصاد.
في هذا السياق، رحّبت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بهذا التطور، معتبرة أن رفع العقوبات هو خطوة إيجابية على طريق تحقيق الاستقرار في سوريا والمنطقة، إلا أنها شددت في الوقت ذاته على ضرورة أن يكون هذا الرفع مشروطاً بإصلاحات حقيقية وملموسة، تضمن حقوق السوريين وتكرّس مبدأ الشفافية والمساءلة.
خلاصة
الانفتاح الأوروبي على سوريا يعكس تحوّلاً نوعياً في المقاربة الدولية للأزمة السورية، حيث لم يعد الركود والتجميد مجديين في ظل تعقيد المشهد الإقليمي والدولي. وبينما تبدو دمشق مستعدة لاستغلال هذه اللحظة التاريخية لإعادة التموضع، فإن الأنظار تتجه إلى خطواتها المقبلة في مجال الإصلاح الداخلي والانفتاح السياسي، والتي ستكون حجر الأساس لأي شراكة مستدامة مع الاتحاد الأوروبي.