في تحول تاريخي تشهده سوريا، أعلنت الأمم المتحدة أن نحو 1.2 مليون سوري عادوا إلى مناطقهم الأصلية منذ كانون الأول 2024، وذلك بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد. هذا الإعلان يسلط الضوء على معاناة النازحين واللاجئين السوريين، ويكشف عن التحديات التي تواجههم في رحلة العودة إلى ديارهم، وسط واقع لا يزال محفوفاً بالمخاطر والصعوبات.
كشف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، خلال مؤتمر صحفي في نيويورك، أن من بين العائدين 885 ألف نازح داخلي و302 ألف لاجئ عادوا إلى مناطقهم الأصلية خلال الأشهر الماضية. ورغم هذا الرقم الكبير، فإن العودة لا تزال غير متوازنة بين المناطق المختلفة في البلاد، حيث لم يعد سوى 100 ألف شخص فقط من أصل مليوني نازح داخلي في شمال غربي سوريا، الأمر الذي يعكس استمرار المخاطر الأمنية ونقص الخدمات الأساسية.
التحديات أمام العائدين
تواجه العائلات العائدة عقبات كبيرة تعرقل استقرارها، من أبرزها:
- غياب البنية التحتية والخدمات الأساسية: تعاني معظم المناطق من دمار واسع في المنشآت الحيوية، مثل المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء، ما يجعل الحياة فيها شبه مستحيلة.
- المخاطر الأمنية: لا تزال بعض المناطق غير مستقرة بسبب انتشار الميليشيات المسلحة والألغام التي تهدد حياة المدنيين، مما يقلل من إمكانية العودة الآمنة.
- افتقار العائدين للوثائق القانونية: يشير التقرير الأممي إلى أن العديد من السوريين فقدوا وثائقهم الرسمية خلال النزوح أو اللجوء، وهو ما يشكل عقبة أمام استعادة حقوقهم القانونية والممتلكات.
إدلب.. عودة محدودة رغم التحرير
في شمال غربي سوريا، وخاصة في محافظة إدلب، لم تتجاوز أعداد العائدين 20 ألف عائلة فقط من أصل 270 ألف عائلة لا تزال تعيش في المخيمات. وأوضح فراس كرداش، مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في إدلب، أن استمرار النزوح يعود إلى عدة أسباب، أبرزها:
- حجم الدمار الهائل في المناطق المحررة، ما يجعلها غير صالحة للسكن.
- نقص الدعم الدولي في عمليات إعادة الإعمار، مما يُعيق تجهيز المناطق لاستقبال العائدين.
- انتشار الألغام في المنازل والحقول الزراعية، وهو ما يشكل خطراً دائماً على السكان.
هل تكون العودة دائمة؟
رغم الأرقام المشجعة حول عودة السوريين، يبقى السؤال الأساسي: هل ستكون هذه العودة دائمة أم مؤقتة؟ يعتمد ذلك على قدرة الحكومة السورية الجديدة والمنظمات الدولية على تحسين الظروف المعيشية، وإعادة بناء البنية التحتية، وتوفير فرص عمل للعائدين، إضافة إلى ضمان أمنهم واستقرارهم.
خاتمة
تمثل عودة 1.2 مليون سوري خطوة إيجابية نحو إنهاء مأساة النزوح واللجوء، لكنها لا تزال غير كافية أمام حجم التحديات التي تواجه البلاد. تحقيق عودة آمنة ومستدامة يتطلب جهوداً دولية مكثفة لإعادة الإعمار، وتعزيز الاستقرار، وضمان حياة كريمة للعائدين، حتى لا تتحول هذه العودة إلى تجربة مؤقتة تنتهي بموجة نزوح جديدة.