في مفاجئة لم تكُ متوقعة، أعلنت الفصائل العسكرية عن بدء عملية عسكرية جديدة تحت اسم “ردع العدوان“. تأتي هذه العملية في ظل استمرار تهديد قوات نظام الأسد للمناطق المحررة، حيث صرح المقدم حسن عبد الغني، القيادي في غرفة العمليات العسكرية، أن الهدف الأساسي للعملية هو “الدفاع عن أمن وأمان أهلنا في وجه الخطر الوشيك الذي يستهدف وجودهم.”
السيطرة على بلدة قبتان الجبل
أفادت مصادر عسكرية بأن الفصائل العسكرية تمكنت من السيطرة على بلدة “قبتان الجبل” الواقعة في ريف حلب الغربي. ورغم عدم وجود تأكيد رسمي حتى اللحظة، فإن هذا الإنجاز يُعد تطوراً استراتيجياً يعكس تقدم الفصائل في مناطق القتال. وبالتزامن مع الإعلان عن العملية العسكرية، شهدت المناطق المحررة تصعيداً خطيراً من قبل قوات النظام السوري بتغطية من الطيران الروسي:
- إدلب تُقصف
تعرضت مدينة إدلب لقصف مُكثف بصواريخ الراجمات، مما تسبب في حالة من الذعر بين المدنيين. كما أنَّ بلدات “جبل الزاوية” مثل دير سنبل ومعربليت والبارة شهدت قصفاً مدفعياً وصاروخياً مكثفاً، أصاب الأهالي بالذعر والاحتماء في البراري خشية الموت بصَليَات راجمات النظام.
- منطقة مطار تفتناز في قلب الأحداث
على مدى مساحات شاسعة في محيط مطار تفتناز، قام الطيران الروسي بشن جوية، تزامنت مع استهداف طائرات النظام مناطق قرب مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي.
- كما جرى استهداف محيط القاعدة التركية بــ”آفس“
دلالات عملية ردع العدوان ورسائلها
عملية “ردع العدوان” تحمل رسائل واضحة للنظام السوري وحلفائه:
- التأكيد على الدفاع المشروع: تأتي العملية كخطوة -علها في بعض المناطق استباقية- كي تؤكد جاهزية الفصائل الثورية للدفاع عن المناطق المحررة في مواجهة التهديدات المستمرة.
- رفع معنويات المدنيين: تسعى الفصائل من خلال هذه العملية إلى طمأنة السكان المحليين بأنها مستعدة لحمايتهم من أي عدوان محتمل، وتحفيزهم على الصبر حتى يأتي الانتصار.
- اختبار التحالفات الدولية: تعكس العملية أيضاً بالونات اختبار لمواقف القوى الدولية الفاعلة، وخاصة تركيا التي تمتلك نفوذاً كبيراً في الشمال السوري.
سيناريو يكرره النظام دائماً
من المستجدات، قيام طيران النظام الحربي باختراق أجواء إدلب لأول مرة منذ اتفاق آذار 2020، وهو بمثابة تطور عسكري لافت، إذ دخلت الطائرات الحربية التابعة لنظام الأسد إلى أجواء محافظة إدلب، حيث شنت غارات جوية استهدفت مناطق عدة. ويعد هذا التدخل الجوي الأول للنظام السوري منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في آذار 2020.
وقد شكل هذا الاتفاق تحوّلاً حاسماً في مسار الصراع، إذ تم تحديد مناطق وقف إطلاق النار في شمال غربي سوريا، ما أدى إلى وقف الغارات الجوية من قبل طيران النظام، الذي كان قد تعرض لخسائر كبيرة إثر إسقاط طائراته بواسطة مضادات جوية تركية في محيط سراقب قبل توقيع الاتفاق. ومنذ ذلك الحين، اقتصر التدخل الجوي في إدلب على الطيران الحربي الروسي، ما جعل هذه العودة للطيران النظامي بمثابة خرق للهدنة الموقعة، ويعكس تصعيداً ملحوظاً في وتيرة القتال في المنطقة.
ويرى المراقبون للمشهد السوري أنَّ دخول طائرات النظام الحربية إلى الأجواء السورية في إدلب يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل الاتفاقات القائمة والتطورات العسكرية المحتملة في الشمال السوري. فهل ستكون هذه الحادثة الخطوة الأولية لتطوير الأحداث تباعاً لتعقيد المواقف وإطالة مدة سيطرة النظام توخياً لفرض أمر واقع جديد لصالح الأسد، يُستفاد منه عند تدخل الرئيس الأمريكي لحلّ الأزمة السورية.
ختاماً
تتجه الأنظار إلى تطورات العملية العسكرية ومدى قدرتها على تغيير المعادلة على الأرض. وبينما تستمر الفصائل في تقدمها، يبقى المدنيون في المناطق المحررة يدفعون الثمن الأكبر لهذا الصراع المستمر، وسط غياب أفق سياسي واضح ينهي هذه المعاناة المستمرة منذ سنوات.