يراقب الشعب السوري بفارغ الصبر ماذا ستفضي اليه عملية التفاوض الحالية الجارية بين نظام بشار الأسد وهيئة التفاوض السورية التي تعتبر هيئة سياسية جامعة تُمثّل أوسع نطاق من قوى الثورة والمعارضة السورية، وكيان وظيفي مهمته التفاوض مع نظام الأسد ضمن مسارات ترعاها الأمم المتحدة، والتي تم تشكيلها في كانون الأول 2015، من مختلف قوى المعارضة السورية المختلفة “في مؤتمر الرياض 1 في السعودية، والذي حضره نحو 150 شخصية معارضة وتم في نهايته الإعلان عن تأسيس “هيئة التفاوض السورية” (كانت تُعرف آنذاك باسم الهيئة العليا للتفاوض)
تقوم هيئة التفاوض بكل شفافية بالاجتماع مع السوريين بمختلف شرائحهم، ويقوم رئيس الهيئة بتقديم إحاطة إضاءات حول عمل الهيئة واجتماعاته مع الدول والمنظمات الأوروبية الفعالة، لكن إذا ما وضعنا مضمون طروحات على المحك يتبين بأنها تفيد نظام الأسد أكثر مما تفيد السوريين. لأنها لا تمس بنية نظام الأسد ولأتخوض بخفايا دولته الثيوقراطية العميقة وممارساتها، ولا تقترب من الميلشيات الطائفية وإدارتها الإيرانية التي تقود الدولة السورية.
في واقع الأمران ما يحصل في جنيف من جولات عقيمة متوالية هي عبارة عن تحقيق رغبة كبيرة كان يتمناها نظام الأسد من أجل حرف البوصلة عن جرائمه وتسليط الضوء على قضايا ثانوية غير ذات قيمة وأهمها ملف اللاجئين وملف المخدرات، ولو فرضنا جدلاً بأن اللاجئين عادوا وتم القضاء على تجارة المخدرات، وبقيت البنية التنظيمية لهذا الجيش الطائفي وأفرع الأمن المغتصبة للسلطة ولحقوق المدنيين فما الفائدة من العودة الى ما قبل عام 2011 الى نظام القهر والتسلط والاستبداد والفساد والتغول بالسلطة.
في بداية الأمر إن التفاوض بين الطرفين ليس تفاوض بين دولتين، وإنما هو تفاوض بين شعب مدني أعزل تعرض للظلم والقهر والاضطهاد والتهجير القسري لاحول له ولاقوه وبين رئيس ممسك بزمام كل مفاصل الدولة من الجيش والشرطة والأمن والاستخبارات بكافة أنواعها وهي التي قتلت الشعب وأرغمته على الهجرة والفرار خارج الوطني مستقويا بميلشيات طائفية إرهابية عابرة للحدود.
هيئة التفاوض السورية تناقش مع وفد نظام الأسد ملف إعادة اللاجئين و نظام الأسد بكل سرور مرتاح لهذا الطرح وهو المستفيد الأول والأخير من أموال مؤتمر المانحين الذي ترعاه الدول الغربية والأوروبية، ملف اللاجئين الذي يحتاج الى إعادة إعمار وبنية تحيته فهو يضع عودة اللاجئين مقابل إعادة الإعمار والتعافي المبكر، وإغداق الأموال عليه من المانحين، لاستعواض العجز الحاصل وإخراجه من عزلته، وهو عبارة عن فرصة لإقامة بنية تحتية لتوطين مئات الأف من عائلات الأفغان والباكستانيين والعراقيين وحزب الله والإيرانيين، الذين كسبوا الجنسية السورية ووعدتهم إيران بالتوطين في سوريا، وعودة اللاجئين السوريين لا تقبله إيران لأنها عملت بشكل دموي وقتلت السوريين من أجل التغيير الديموغرافي على الجغرافية السورية، فاللاجئين يتكفل برعايتهم القانون الدولي، وليس هيئة التفاوض، وبالأساس إذا كانت هيئة التفاوض تريد تحقيق رغبة اللاجئين فهم رفعوا شعار لا نعود والأسد موجود، وبالأساس البعض من أبناء سوريا رفض البقاء في جيش الأسد ومنهم من رفض الجندية الإلزامية كي لا يستخدمهم بشار الأسد لقتل أهلهم ، فما الجدوى من إعادة اللاجئين مع وجود الجيش الطائفي والأجهزة الأمنية والميلشيات الإيرانية والإرهابية العابرة للحدود وأجهزة المخابرات التي قهرتهم واعتقلت أهاليهم الذي لايزال حوالي 000,500 ألف معتقل يئن داخل السجون ومعتقلات الأسد، ولا يزال الكثير من السوريين الموجودين تحت سلطة الأسد يبيعون ممتلكاتهم ومنازلهم ويركبون البحر للخلاص من نير الأسد المغتصب للسلطة في سوريا.
أما فتح ملف المخدرات مع وفد نظام الأسد هو أكثر عقما من ملف اللاجئين وهذا الملف العقيم الذي جاء كأحد الخيارات الهامة لتذويب الجليد المحيط ببشار الأسد، وبالفعل نحج به وهو ليس من أولويات الهيئة أن تناقش ملف المخدرات لأن ملف المخدرات من أنشاءه وطوره نظام الأسد مع حزب الله ووضع مفاتيحه بيده وهذا الملف عالمي يتضرر منه المجتمع الدولي برمته، وبشار سَخر كل اركان حكومته من أجل مشروع المخدرات لكي يكون المرجعية الأوفر حظاً كي يتقدم الأسد مكافحة مشروع المخدرات ويساهم بالصدارة مع المجتمع الدولي في محاربة تجارة المخدرات وأستطاع أن يعيد نفسه من جديد لكي يظهر بأنه أكبر مكافح ومحارب ضد الكبتاغون والمخدرات بكل أشكالها.
المخدرات هي المدخل الرئيسي لنظام الأسد لاختراق النظام العربي والإقليمي، والعالمي والتلاعب به من جديد كما تلاعب حافظ الأسد بالعرب من خلال شماعة القومية والوحدة العربية ومقاومة إسرائيل، لذا وجدنا معظم الدول التي تضررت من المخدرات هي الدول العربية و أوروبا قاطبة فكان الأولى بها و الأجدر أن تطالب من على المنابر الدولية في مجلس الأمن والأمم المتحدة بتشكيل تحالف دولي ضد نظام الأسد ، لكن رأينا بان الدول التي تتضرر مجتمعاتها والنسيج المجتمعي بالمخدرات كانت هي من أوائل التي سارعت بالهرولة الى نظام الأسد والتطبيع معه وجره الى الجامعة العربية ، وفتح سفاراتها معه، لذا علينا ان لا نكون ملكيين أكثر من ملوك العالم.
أولويات هيئة التفاوض مع وفد نظام الأسد
إن من أولويات هيئة التفاوض بما أنها نسيج الشعب السوري وليست دولة جارة او إقليمية لذلك يجب أن تخوض في الأسباب التي دعت اللاجئين إلى مغادرة البلاد والأسباب لازالت قائمة حتى الأن فالأجدر أن تطالب بـــــ:
أولاً- المطالبة تجريم القياد العسكرية التابعة لبشار الأسد بشار الأسد وتجريم ومحاكمة بشار باستغلال الجيش السوري من حماية حدود الوطن الى حماية عرشه وتحويله الى جيش قاتل تشبيحي وتعفشي يعمل لصالحه الشخصي ، وتسخير الحرس الجمهوري الذي تم تسليحه من أموال الشعب السوري بأحدث الدبابات والعربات القتالية المدرعة والمدفعية والوسائط الصاروخية لقتل السوريين وحماية عرشه.
ثانياً – المطالبة بالعمل على تفكيك الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة وتشكيلات الجيش وتجريم قائد الفرقة الرابعة بأشراف دولي تحت الفصل السابع وتجريم وقادتها على ارتكاب مجازر بحق الشعب السوري والإتجار بالمخدرات وترويجها ونقلها الى الدول المجاورة وإغراق الأسواق والموانئ العالمية بالمخدرات.
3 – تشكيل جيش وطني سوري من جميع أبناء الشعب السوري وتغيير البنية التنظيمية للجيش المبني على أساس طائفي كما هو الحال بكل الفرق العسكرية والأفرع الأمنية السيف المسلط على رؤوس المدنيين الذي كان سبب بقتل السوريين وتهجيرهم ومآسيهم.