في ظل التصعيد الإسرائيلي المتزايد في المنطقة، تشير تقارير روسية إلى أن سوريا قد تكون الهدف التالي لإسرائيل، كجزء من خطة أوسع لتحقيق ما يعرف بـ “إسرائيل الكبرى“. ويأتي هذا في سياق القصف الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، خصوصاً في مناطق دمشق وحمص وحماة وحلب ودير الزور.
في تقرير نشره الكاتب الروسي ديمتري نيفيدوف على موقع “المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات“، يسلط الضوء على أن إسرائيل تتجه بشكل متزايد نحو التوسع الإقليمي، وأن سوريا قد تكون الساحة التالية لتصعيد هذا التوجه، بعد لبنان. ويرى نيفيدوف أن الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، بما في ذلك الهجوم على طرطوس في 24 سبتمبر الماضي، تحمل دلالات استراتيجية تتجاوز مجرد استهداف المواقع العسكرية السورية فقط.
الهجوم على طرطوس.. رسائل إسرائيلية لروسيا وسوريا
منذ بداية الحرب السورية، شنت إسرائيل العديد من الهجمات على مواقع داخل سوريا، لكن الهجوم الأخير على طرطوس يحمل رمزية خاصة، وفقاً لنيفيدوف. طرطوس ليست مجرد مدينة ساحلية؛ إنها تضم نقطة الدعم اللوجستي رقم 720 للبحرية الروسية، وهو موقع ذو أهمية قصوى ليس فقط لروسيا وسوريا، بل أيضاً للتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط.
الهجوم على طرطوس يأتي في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، حيث تسعى إسرائيل للحد من النفوذ الإيراني في سوريا. ولكن يبدو أن هذا الهجوم يمثل أيضاً رسالة واضحة لروسيا، التي تحتفظ بوجود عسكري قوي في طرطوس وتستخدمه كمركز لدعم عملياتها في الشرق الأوسط. ورغم هذا، فإن روسيا لم ترد على الهجوم، ما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقات الروسية الإسرائيلية في هذه المرحلة.
حدود سوريا ولبنان.. مرحلة تصعيد جديدة
يشير التقرير إلى أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة لا تستهدف لبنان فقط، بل تتجاوز ذلك إلى الحدود السورية اللبنانية، حيث تسعى إسرائيل لخلق بيئة ملائمة لتصعيد عسكري يمكن أن يشمل سوريا. الهدف النهائي لتصرفات إسرائيل في لبنان، وفقاً للتقرير، هو إثارة حرب مع سوريا قد تؤدي إلى إسقاط نظام بشار الأسد. هذا التحرك يخدم مصالح الولايات المتحدة والغرب، اللذان يسعيان منذ سنوات لإضعاف نظام الأسد وتغيير موازين القوى في المنطقة.
الهجمات المتكررة على لبنان وسوريا تأتي في ظل فوضى داخلية متفاقمة في لبنان، قد تؤدي إلى تدفق اللاجئين نحو الحدود السورية، مما يضع دمشق أمام تحديات إنسانية وأمنية جديدة. وإذا استمر هذا الضغط، قد تجد سوريا نفسها مضطرة للتدخل في لبنان، ما قد يؤدي إلى تصعيد الصراع على جبهتين متزامنتين.
نيفيدوف يشير إلى أن “الصقور” في إسرائيل يتطلعون للسيطرة على جنوب لبنان ليس فقط لتحقيق مكاسب عسكرية فورية، بل كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى الضغط على دمشق من أكثر من جبهة. هذه الاستراتيجية قد تشمل استهداف سوريا من الجنوب الشرقي، ومن الغرب والجنوب الغربي، وهو ما قد يضع دمشق في موقف جيوسياسي شديد التعقيد.
التحالفات الدولية والدور الأميركي
من الواضح أن التحركات الإسرائيلية في لبنان وسوريا لا تأتي بمعزل عن الدعم الأميركي والغربي. فالولايات المتحدة ترى في هذه التحركات فرصة لإضعاف إيران وحلفائها في المنطقة، بما في ذلك حزب الله ونظام الأسد. من الناحية الاستراتيجية، قد تكون الفوضى في لبنان والانهيار المحتمل للنظام السوري جزءًا من خطة أميركية لإعادة تشكيل الخريطة السياسية في الشرق الأوسط.
ورغم أن روسيا تلعب دوراً أساسياً في سوريا، إلا أن موقفها تجاه الهجمات الإسرائيلية يبدو متردداً. قد يكون هذا جزءاً من تفاهمات ضمنية بين موسكو وتل أبيب، حيث تسعى روسيا للحفاظ على مصالحها في سوريا دون الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
هل ستنجح إسرائيل في تحقيق حلمها في إسرائيل الكبرى؟
في نهاية المطاف، يرى نيفيدوف أن إسرائيل تسعى لتحقيق ما يعرف بـ “إسرائيل الكبرى” من خلال تعزيز نفوذها الإقليمي وتوسيع حدودها. ولكن السؤال الأهم هو: هل ستتمكن إسرائيل من تحقيق هذا الهدف في ظل التعقيدات الجيوسياسية والتوازنات الدولية؟
لا شك أن التوترات بين إسرائيل وسوريا تضع المنطقة على حافة صراع جديد قد يكون له تداعيات واسعة النطاق. وإذا استمرت التحركات الإسرائيلية تجاه الحدود السورية اللبنانية، فقد نجد أنفسنا أمام مواجهة إقليمية أوسع تشمل دولاً أخرى في المنطقة في اطار مطامع إسرائيل في دول الجوار لتحقيق حلمها في ان تكون دولة كبرى.
تعليقات 1