مقدمة
يتحاشى حزب الله كثيراً استخدام الأجهزة اللاسلكية الدقيقة المتطورة تقنيا، للتهرب من قدرات إسرائيل التكنولوجية المتقدمة في المراقبة، وذلك في أعقاب مقتل عدد من قادة الحزب في غارات جوية إسرائيلية. ويعتمد بشكل واسع ورئيسي على الأجهزة السلكية التقليدية في المراسلات الحربية التي طالما تم اختراقها كثيرا من قبل إسرائيل من خلال عملاء من داخل الحزب زرعوا أجهزة تنصت على الكابلات الرئيسة، ويستخدم الأجهزة اللاسلكية من الجيل القديم من أجل سهولة الاستخدام من قبل قياداته وعناصره ذوو الخبرات القليلة والمهارة المتواضعة، وتخوفا من الاختراقات الأمنية والاستخباراتية التجسسية السيبرانية التي يمتاز بها الجانب الإسرائيلي، للحفاظ على سلامة الاتصالات والبقاء فترة طويلة في حالة عمل متواصلة لان أجهزة البايجر وجيله لا تحتاج لطاقة كبيرة وتستمر لفترة أطول أثناء مجرى المعركة.
السيناريوهات والتحليلات كثيرة التي سَتبحث عن كيفية حدوث عملية تفجير البيجر التي يستخدمها حزب الله في اتصالاتهم الداخلية ، لان هذه العملية بمقدار هي معقدة والتي نُفذت بطريقة تجسس أمني استخباري سيبراني نموذجية بكل المعنى الحقيقي للكلمة ، كان عامودها الأساسي هو الجانب الاستخباراتي وادواتها التنفيذية العملية السيبرانية البسيطة التي لا تحتاج لعناء مع الأجهزة التقليدية مثل البيجر، والتي ذهب ضحيتها 54قتلى وأكثر من 2750 جريح بينهم قادة كبار من الحزب.
فالتكنولوجيا التي استخدمت ليست سيبرانية معقدة، بل عملية تفخيخ استغرقت الكثير من الزمن والمتابعة المخابراتية من خلال العقل المثابر والدؤوب الصامت قليل الكلام وكثير الجهد والمتابعة الحثيثة والفكر الإجرامي الذي لا يتوقف عن البحث عن وسائل مبتكرة للقتل وخلق التفوق والحفاظ على اسطورة الجيش الذي لا يقهر وعقلية الإرهاب المتجذر المتكبر لشعب الله المختار.
على الرغم من الإصرار على استخدام الأجيال القديمة من الأجهزة اللاسلكية، سواء كانت البيجر أو للـــ ووكي توكي فإن حزب الله وقع في استراتيجية خاطئة فادحة وجسيمة تكمن سلبياتها في عدم التشفير لهذه الأجهزة البدائية التي لا يوجد بها مصادقة ثنائية ويعتمد على موجات طويلة UHF و VHF كما هو الراديو ترانزستور بسيط الارسال، يسهل التقاطه عن طريق الترددات السابحة والتنصت عليه بسهولة ، وحتى يمكن الدخول على الموجات والتلاعب فيها.
استطاعت إسرائيل تحديد الموجات والمستخدمين والشبكات العاملة على البيجر في الضاحية والجنوب ودمشق وريف دمشق وقطعت احداثياتهم ، وقامت من خلال الاختراق السيبراني إرسال عشرات الالاف من الرسائل في لحظة واحدة الى ما يسمى التردد الموحد (البيج) في محطة البث الرئيسة التي تعمل عليه هذه الأجهزة بآن واحد لذلك هذا الهجوم السيبراني المكثف عطل بشكل قوي وضاغط جدا القدرة على تحليل المعطيات من خلال الكم الهائل من الرسائل، جعل من البيجر الرئيسي مرتبك (متجمد) غير قادرة على الاستيعاب وتحليل الأوامر واصبح الموضوع خوارزمي صرف بحيث وصلت الرسائل بشكل عشوائي مما سبب خلل في بطاريات أجهزة البيجر وارتفاع حرارتها بشكل مفاجئ وعنصر الليتيوم الأساس عنصر متفجر فقام بتفجير الكمية الصغيرة من المتفجرات التي زرعت بالعمل المخابراتي وحدث انفجار مزدوج من خلال العنصر الوسيط من مادة “PETN” شديدة الحساسية، الذي فجر الليتيوم وحصل مع كل المشتركين في وقت واحد.
تم تتويج عملية التفخيخ بالضربة السيبرانية القاصمة، التي فجرت كل الأجهزة المفخخة بوقت واحد وفي أمكنة متعددة تشير إلى أن شحنة أجهزة الباجيرز جميعها من نفس تاريخ الشحنة التي تم نفجيرها ،مدروسة بدقة من حيث الزمان الموحد والأماكن المختلفة وماجري على الأرض شيء يضفي على العملية طابع تجسسي ليس بجديد، لأنه يتواجد على الأراضي اللبنانية (التربة الخصبة للعمل التجسسي ) عناصر تجسس من داخل حزب الله ومن البيئة الديموغرافية الحاضنة مأجورة و تعمل بدقة ومتابعة حثيثة مساعدة لما يقوم به الجانب الإسرائيلي بشكل دراماتيكي في ارض الميدان و يرفضون سياسات حزب الله، وهؤلاء كثيرون.
الإستخبارات الإسرائيلية وخطة تتبع حركة شراء صفقات الأجهزة لصالح حزب الله كانت حاضرة بعد اغتيال مجموعات كبيرة من القادة وتصريحات نصرالله بعدم استخدام القادة لأجهزة حديثة تلقفتها الاستخبارات الإسرائيلية وبدأت البحث في أسماء الشركات المصدرة للأجهزة اللاسلكية التي يتعامل معها حزب الله، والتواصل مع هذه الشركات التي تنتج وتبيع الأجهزة لحزب الله، وهذه المصانع محدود في العالم حيث لا يوجد سوى مصنعين فقط في العالم التي تصنع هذا النوع من الأجهزة لذا تم التوصل إلى الجهة التي ستبيع لحزب الله، و إما ان يكون قد تم في المصنع التعديل على وضع البطارية، فجهاز البيجر تريبل إي تعمل على بطارية القلم وهو غير مستهلك كثيرا للطاقة واقتصادي جداً يعمل على مبدأ الترانستور ذو الموجات المحدودة هناك احتمال اخر بأن الموساد أعترض الصفقة في مكان محدد وقام بتبديل الأجهزة بأجهزة مفخخة، وهناك احتمالات أخرى بأن مصانع أخرى مشابهة للمصنع تم إنشاؤها في دول أخرى بتنسيق إسرائيلي مع مخابرات هذه الدول.
حزب الله الذي طلب من الشركة المصنعة ان توضع في الأجهزة بطاريات الليتيوم طويلة الأمد والليتيوم في طبيعة الحال عنصر متفجر، فقام العملاء سواء من داخل الشركة أومن خارجها بعمل مخابراتي بأن وضعت كمية قليلة جدا بمقدار كمية بسيطة بمقدار أونصة من المتفجرات في كل أجهزة الصفقة، ليأتي بعدها عنصر المفاجأة السيبراني الذي سيكتشف الموجات والترددات التي تغطيها بمساعدة عملاء لوجستيين والراشدات التي تعمل على الترددات السابحة لتحديد عمل هذه الأجهزة وهذا سهل جدا بالنسبة لأجهزة البيجر التي تعمل على موجات قصيرة جدا.
وأن الجولة الثانية من تفجير الأجهزة اللاسلكية تدل على أن سلطة الاحتلال الإسرائيلي ناشطة استخباراتيا ومتابعة تتابع حثيث لتحركات الحزب وهي متغلغلة تغلغل عميق في قيادة الحزب وعناصره، وعلى دراية تامة بتوزيع أجهزته جغرافيا على في سوريا ولبنان وهذا ظهر جليا في تحليق طيران الاستطلاع الإسرائيلي في الأجواء السورية واللبنانية بنفس التوقيت وتلاه اليوم الثاني عندما فجر أجهزة الأيكوم في محافظة دير الزور المنطقة الشرقية من سوريا.
العملية بلا شك كشفت سوءة ايران مع حزب الله من خلال التقصير الاستخباراتي الذي يجب ان يترافق مع التدابير الاحترازية الأمنية التي تتزامن مع شراء الصفقات التي تقضي دراسة الشركة المصدرة وعلاقتها مع الكيان الصهيوني، لكن التسريبات التي تتوالى بعد العملية تشير بأن إيران والحزب ليسوا على درجة حذر ويقظة تتناسب مع الحرص على أرواح المقاتلين بالحزب، والأخطر من ذلك هو بعد التفجير كانت التدابير المضادة للهجوم السيبراني من قبل قيادة حزب الله هزيلة ، بحيث لم يتم سحب الأجهزة لجيل البيجر من نفس الصفقة والتي تعمل على نفس الموجات مما تسبب في اليوم التالي الى إعادة التفجير بنفس الطريقة حيث كان من الأجدر تحديد الأجهزة اللاسلكية التي تم استجرارها بنفس الصفقة والتخلص منها.