منذ تأسيسه في عام 2003، لطالما ارتبط حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ارتباطاً وثيقاً بحزب العمال الكردستاني PKK، وهو التنظيم المصنف إرهابياً في عدة دول. يعكس هذا الارتباط تأثير حزب العمال على سياسات حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، إذ يتبنى الأخير فلسفة “الأمة الديمقراطية” التي يروج لها عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال المعتقل في تركيا. على مدار العقدين الماضيين، عمل حزب الاتحاد الديمقراطي على تعزيز نفوذه في شمال شرق سوريا عبر مشروع الإدارة الذاتية، مما أثار الكثير من الجدل حول مدى انخراطه في القضية الوطنية السورية مقابل التزامه بالأجندة الكردية الإقليمية.
في 21 أيلول/سبتمبر 2024، عقد حزب الاتحاد الديمقراطي PYD مؤتمره العاشر، وهو حدث غير عادي لا يهدف سوى لتعزيز التبعية لحزب العمال الكردستاني الإرهابي، بدلاً من خدمة مصالح الشعب السوري كما يضن البعض ويراهن. يأتي هذا المؤتمر في ظل تصعيد كبيرة تواجه المنطقة، إلا أن الحزب وقيادته ظلوا مصرين على الانصياع لأوامر قيادة حزب العمال الكردستاني المعروف بتاريخه الإرهابي وتورطه في أعمال عنف دموية تسببت في مقتل آلاف الأبرياء في تركيا وسوريا على حد سواء.
رغم أن المؤتمر عُقد في فترة حرجة على المستويين الداخلي والخارجي، إلا أنه استغل فقط لإعادة ترتيب الأولويات التي تخدم أجندة حزب العمال الكردستاني. تمت تغييرات تنظيمية داخل حزب الاتحاد الديمقراطي ليس بهدف تحسين أوضاع السوريين ضمن المناطق التي يحتلها الحزب أو تعزيز مبدأ الديمقراطية كما يدّعي، بل لتعزيز سيطرة التنظيمات المتطرفة مثل “الشبيبة الثورية” و”مؤتمر ستار” المرتبطين بحزب العمال، مما يزيد من تبعية لحزب العمال الإرهابي.
هذه التغييرات شملت تقليص عدد أعضاء المجلس العامّ للحزب من 145 إلى 90 عضواً، في خطوة لتعزيز نفوذ التيار المتطرف داخل حزب الاتحاد من خلال تقوية الكتلة الصلبة لحزب العمال الكردستاني في المناصب القيادية. تم اختيار غريب حسو كرئيس مشترك، وهو من القيادات الإيزيدية ذات الروابط الوثيقة بحزب العمال، ويعتبر أحد كوادره القديمة. إلى جانب ذلك، تم توسيع دور التنظيمات التابعة لحزب العمال مثل الشبيبة الثورية ومؤتمر ستار في مجالس القيادة.
تم تقليص تمثيل المكونات الأخرى داخل الحزب، وخاصة العرب والسريان، لصالح زيادة تمثيل المكون الكردي. تم تخفيض عدد أعضاء المجلس العام لحزب الديمقراطي PYD مما أدى إلى تقليص تمثيل المكونات العربية والسريانية، وحصرهم في ممثلين عن بعض مناطقهم أو مؤسسات الإدارة الذاتية.
بالنسبة لمشروع الإدارة الذاتية، لم يُجرِ الحزب أي تعديلات في سياساته تجاهه. بدلاً من ذلك، ربط المشروع بالقرار 2254 (2015)، ودعا إلى تمثيل الإدارة الذاتية في العملية السياسية. كما أبدى الحزب انفتاحاً على التواصل مع القوى الكردية الأخرى في سوريا والعراق، ويبدو أنه يراهن على نجاح المفاوضات “الكردية – الكردية” لنيل الاعتراف بالمشروع، في ظل تعثر مساعيه للحصول على اعتراف نظام الأسد، والتحديات المتزايدة التي قد تنشأ في حال مضى التطبيع بين النظام وتركيا قدماً.
من الواضح أن حزب الاتحاد الديمقراطي لا يمثل بأي شكل من الأشكال الشعب السوري. في كل مؤتمراته، يُصرّ الحزب على الاستمرار في تبعيته الكاملة لحزب العمال الكردستاني، وتبنّي “فلسفة الأمة الديمقراطية” التي تدعو في جوهرها إلى خدمة مصالح القومية الكردية فقط على حساب القضية الوطنية السورية. من خلال شعاره “معاً من أجل تحقيق الحرية الجسدية للقائد اوجلان، يبرهن الحزب بشكل واضح على التزامه الكامل بزعيم حزب العمال الإرهابي عبد الله أوجلان، ويكشف أن مشروعه المزعوم للإدارة الذاتية ما هو إلا غطاء لتحقيق أهداف حزب العمال القومية وليس خدمة الشعب السوري.
يتزامن عقد هذا المؤتمر مع استمرار الضغوطات على حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، خاصة مع توسع العمليات العسكرية التركية التي تستهدف معاقله. إلا أن حزب الاتحاد الديمقراطي، بدلاً من محاولة إنقاذ السوريين من ويلات الصراع، يعزز ارتباطه بحزب العمال ويواصل تقديم الدعم لهذا التنظيم الإرهابي. كما فشل الحزب في تسويق مشروعه داخلياً، خاصة في مناطق دير الزور حيث اندلعت اشتباكات بينه وبين المكوّنات العربية، مما أدى إلى تفكك المجالس العسكرية والمدنية في تلك المنطقة.
إلى جانب هذا، يستغل النظام السوري وإيران هذا الوضع لزيادة نفوذهما في دير الزور، مستفيدين من حالة الفوضى التي يسببها الحزب وتزايد الانقسامات الداخلية. بدلًا من البحث عن حلول سياسية تُنقذ الشعب السوري، يستمر الحزب في إغراق المنطقة في الفوضى والتطرف.
حزب الاتحاد الديمقراطي مشروعٌ إرهابيٌّ يخدم أجندة خارجية
يبدو واضحاً أن حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني يواصلان المراهنة على مشروعها الطائفي المنبوذ في شمال شرق سوريا. إلا أن هذا المشروع يواجه تهديدات متزايدة بسبب فشل الحزب في الحصول على أي اعتراف شرعي من النظام السوري أو القوى الإقليمية. كما يواجه الحزب تهديداً أكبر في حال مضى التطبيع بين النظام السوري وتركيا، وهو ما قد يضع حداً نهائياً لطموحات هذا التنظيم الإرهابي في المنطقة.
الخلاصة:
لا يخفى على أحد أن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ما هو إلا واجهة لحزب العمال الكردستاني الإرهابي. يواصل الحزب، من خلال مؤتمراته وبياناته، التأكيد على ولائه الكامل لحزب العمال وأهدافه القومية التي لا تعترف بحقوق السوريين. بدلاً من أن يعمل على بناء مستقبل أفضل لسوريا وشعبها، يستمر في إشعال الفوضى وزرع الانقسامات وتعزيز التطرف. إن مشروع الحزب هو مشروع انفصالي عنصري، لا يخدم سوى أجندة خارجية تسعى إلى تقسيم سوريا وتدميرها.