في خطوة مفاجئة، قام النظام السوري مؤخراً بإغلاق مكتب تجنيد كان قد أنشأه “حزب الله” بالقرب من مقام السيدة زينب في ريف دمشق، والذي كان يستهدف استقطاب مقاتلين سوريين للانضمام إلى صفوف “المقاومة الإسلامية” في لبنان لمواجهة إسرائيل على الجبهة الجنوبية. هذا القرار جاء رغم التحالف القوي بين النظام السوري وحزب الله منذ بداية الثورة السورية في 2011.
أبدى نظام الأسد رفضاً واضحاً للسماح بتجنيد أي سوري للمشاركة في القتال ضد إسرائيل تحت راية حزب الله، وذلك بالرغم من العلاقات الوثيقة بين الجانبين. ووفقاً لمصدر أمني، فقد أجرى ضباط من مكتب الأمن الوطني السوري لقاءً مع الحاج “أبو علي ياسر“، المسؤول عن مكتب التجنيد، وأكدوا على ضرورة إغلاق المكتب فوراً، مشيرين إلى أن الوضع العسكري في سوريا لا يسمح بفتح جبهة جديدة مع إسرائيل.
أوضح المصدر أن الرسالة التي نقلها الضباط إلى المسؤول في حزب الله تضمنت تحذيرات من مغبة تصعيد الأوضاع في الجبهة الجنوبية، والتي قد تجر النظام السوري إلى إعلان تعبئة عامة لقواته، في وقت يعاني فيه النظام من تحديات داخلية عدة. وقد أشار الوفد الأمني إلى وجود معلومات استخباراتية تشير إلى استعداد بعض الفصائل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام لشن هجمات على مواقع تابعة للنظام، مما يزيد من تعقيد الأوضاع حسب ما قال.
نقل أعضاء الوفد رسالة حازمة تفيد بأن أي مواطن سوري يتطوع للقتال خارج سوريا دون موافقة النظام سيعتبر “مطلوباً أمنياً” وسيتم إدراج اسمه في قائمة المطلوبين على المعابر الحدودية، مع تهديد بملاحقة الشبكات والأفراد المتورطين في عملية التجنيد دون تنسيق مسبق مع الجهات الأمنية.
بعد فشل مساعي تجنيد السوريين، قدم حزب الله مقترحاً لتجنيد مقاتلين من جنسيات أخرى مثل العراقيين والأفغان والباكستانيين المقيمين في سوريا، مستنداً إلى فتاوى دينية صادرة عن مرجعيات شيعية تدعو لدعم المقاومة ضد إسرائيل. وقد تم الاتفاق بين حزب الله والنظام السوري على السماح بتجنيد هؤلاء المقاتلين بشكل سري، مع ضمان عدم الكشف عن هوياتهم.
من ضمن الشروط التي فرضها النظام السوري في هذا الاتفاق هو ضرورة تقديم قوائم بأسماء المتطوعين إلى فرع الأمن الخارجي، مع إبلاغ السلطات السورية بمواعيد مغادرتهم وعودتهم إلى سوريا. كما اشترط النظام أن يتم نقل المصابين وجثث القتلى بسرية تامة لتجنب أي تداعيات أمنية.
محاولة تأسيس شركة أمنية
في سياق آخر، حاول حزب الله الحصول على ترخيص لتأسيس شركة أمنية داخل سوريا، بحجة توفير غطاء قانوني لنشاطاته، بما في ذلك تجنيد المقاتلين وحماية معسكراته. ولكن وزارة الداخلية السورية رفضت الطلب بسبب عدم تقديم بيانات دقيقة.
مع تصاعد التوترات على الجبهة الجنوبية اللبنانية، بدأ حزب الله في إعادة ترتيب قواته في المنطقة، حيث استدعى أكثر من 700 مقاتل من وحداته المنتشرة في عدة دول عربية، بما في ذلك سوريا. ورغم أن هذا الاستدعاء لا يعكس انسحاباً كاملاً، إلا أنه يشير إلى تغيير في استراتيجيات الحزب الذي يبدو أنه يركز جهوده حالياً على مواجهة إسرائيل، مع الإبقاء على وجوده في سوريا لحماية مصالحه الاستراتيجية.
الخلاصة
يبعث إغلاق مكتب التجنيد رسالة قوية بأن النظام السوري يسعى لتجنب الانخراط في أي تصعيد جديد مع إسرائيل، في ظل وضع داخلي هش ومعقد. وفي الوقت نفسه، يحاول حزب الله تأمين وجوده ومصالحه في سوريا عبر تكتيكات جديدة تشمل تجنيد مقاتلين غير سوريين والاعتماد على شركات أمنية، مما يعكس تحولاً في استراتيجيته لمواجهة التحديات الإقليمية.
الهريبة تلتين المرجلة