كان واضحاً منذ الأسابيع الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا أنّ القيصر وقع في حفرة سيصعب عليه الخروج منها، والبعض يراه فَخاً تَمّ نصبه له، وتببن أيضاً اخطأ الحسابات وتقدير الموقف الذي صيغ قرارات الديكتاتور المغرور صاحب العقلية الإمبراطورية العابرة للحدود الوطنية وصاحب الطموح بإعادة روسيا كقطب عالمي منافس للولايات المتحدة، ويمكننا القول باختصار إنّ بوتين نطح جدار الناتو بقرون من عجين.
يرى البعض أنّ استدعاء بوتين لبشار أسد في 23 تموز الماضي والاجتماع به منفرداً ،كان لأما خطير لا يصلح أن ينقله له سفير او وزير، وقد افصح الإعلام الروسي عن عنوان اللقاء وهو أنّ بوتين حذر الأسد من تصعيد كبير في المنطقة قريب وسيشمل سوريا، ويمكن أن يكون قد قال له، إنّ الهدف الأمريكي من التصعيد في المنطقة والتذرّع بأنّ نتياهو هو من يَجرّ الولايات المتحدة لحرب هو كمن يقتنع ان الجدي ممكن أن يجرّ التيس، وإنّ حقيقة الهدف الغربي هو إخراج إيران من المنطقة وإخراج الروس من سوريا، وإنّ دخول بري إلى لبنان وجنوب سوريا ليس مُستبعداً، إذ بدون ذلك الدخول لا يُمكن للضربات الجوية والاغتيالات وتدمير القنصليات أن يؤدي لإخراج إيران دون الإمساك بالأرض.
وإنّ أيّ انهيار أو خروج بَرّي للميليشيا الإيرانية من سوريا سَيُبقي القواعد الروسية في سوريا دون أرجل تحملها أو أيدي تدافع عنها ، خاصةً أنّ المأزق الروسي في الحرب في أوكرانيا عميق وأنّ الأسطول الحربي مُحاصراً عملياً بسبب إغلاق الأتراك المضائق في وجه القطع الحرببة وبالتالي قد تكون لا جدوى استراتيجية من الحفاظ على تلك القواعد ومن الممكن أن تتعرّض القواعد لهجمات كما تعرضت قوات فاغنر في أفريقيا.
اجتماع بوتين مع الأسد حدث في 23 تموز، وازدادت الأمور سوءاً على القيصر وبات الآن في وضع أصعب من السابق حيث حدث الاختراق الأوكراني الكبير للأراضي الروسية في 5 آب ، وهي عملية مفاجئة للروس ولكنها مُخطّطة ومدروسة جيداً من الناتو ، حيث شاركت دبابات ليوبارد الألمانية في الاقتحام مع تمهيد جوي بطائرات F16 والتي استلمها الجيش الأوكراني من الولايات المتحدة مُؤخراً.
يرى البعض أنّ الخرق الأوكراني واحتلال أراضي روسية له عدة أهداف:
- إضعاف الروح المعنوية للشعب والجيش الروسي وإذلال القيصر الذي تتعرض بلاده للغزو.
- إرباك أيّ خطط روسية وسحب قوات النخبة لعدم توسّع الخرق من جبهات مشتعلة في أوكرانيا مما سيؤدي لإضعافها.
- سقوط أهمّ خط أحمر روسي والتهديد بحرب عالمية ثالثة ( ممكن أن تكون نووية ) إذا ما تم غزو الأراضي الروسية…
- تأكيد الضوء الأخضر الغربي لكييف باستعمال أسلحة الناتو في الهجوم على الأراضي الروسية ، وعدم الخشية من أيّ رد فعل روسي اتجاهها.
- إذا ما تمّ إيقاف أو تدمير محطة ضخ الغاز الروسية الموجودة في كورسك إلى بعض دول القارة الاوربية فإنّ ذلك يعني حرمان الخزينة الروسية من 18 مليار دولار سنوياً.
- والأهمّ من كل ما سبق، استباق وصول ترامب للرئاسة (فيما لو فاز بالانتخابات ) من أيّ عَبَث بهذا الملف ويكون العرض الأوكراني المدعوم غربياً لحل الأزمة وإيقاف الحرب هو الأرض مقابل الأرض، بمعنى انسحاب روسي من كل الأراضي الأوكرانية المحتلة، مقابل انسحاب أوكراني من الأراضي الروسية المحتلة وتجريد بوتين من كل أوراقه التفاوضية ، ويرى البعض أنّ إضافة شرط الانسحاب الروسي من سوريا قد تكون واردة أيضاً..
يتمّ الآن كسر الساقان اللتان حملتا الأسد ومنعت سقوطه، ولأيمكن التصوّر أبداً أن يبقى الأسد واقفاً دون ساقين.