الأخوات والأخوة في القبة الوطنية، السيدات والسادة الحضور، أيّها الحفل الكريم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أهلا وسهلا بكم على هذه الرقعة المخضبة بدماء أبنائها..
أرحب بكم تحت مظلة القبة الوطنية في فعاليتها الأولى بعنوان “وحدة القرار السوري واستقلاله”
ويشرفني أن أشارك في توضيح رؤية الطريق الوطني ومساره كأحد مكونات القبة الوطنية:
*إنّ مشروع الطريق الوطني السوري هو إطار نضالي – وطني – مستقل، يعمل بالتعاون مع كافة القوى الشعبية والتيارات الوطنية السورية على استعادة القرار الوطني، وتوجيه بوصلةَ المسار نحو الطريق الصحيح.
وبهذا فإنّ مشروع الطريق الوطني:
– يعمل على تقديم آلية صحيحة لجمع السوريين على اختلاف مشاربهم، وتشكيل جبهة وطنية سورية موحدة، ودعم فكرة عقد مؤتمر إنقاذ وطني شامل، وتقديم مشاريع حلول للقضية السورية والعمل على تأمين التفاف السوريين حولَها، وهو بذلك؛ لا يصادر تضحياتهم، ولا يدّعي امتلاك الحقيقة المطلقة ولا التمثيل الشامل في برامجِه، ويدعو في أدبياته الى التغيير والإصلاح، ويقبل الاختلاف في وجهات النظر تحت سقف المبادئ الوطنية بغض النظر عن الأيديولوجيا والتحزب.
– العمل الوطني شاق وطويل، ومحفوف بكثير من التحديات والصعوبات، منها؛ السلبية، والنزعة الفردية، والانتهازية، والتبعية، والتشتت، وقوى الأمر الواقع، وغير ذلك. لكن هذا لا يمنعنا من العمل والنضال باتجاه اتخاذ قرار وطنيٍ جريء يرتقي لحجم التضحيات التي قُدّمت على الأرض السورية، ويحمل تطلعات السوريين في حياة كريمة عادلة، وينقل سورية إلى حالة مستقرة خالية من الفوضى وتجار الأزمات، والمنظومات والأنظمة الفاسدة، وساحات الحروب وكنتونات الاحتراب.
– إنّ المشروع الوطني الجامع هو امتحان حقيقي لكافة القوى والتيارات السوريةْ من أجل التأسيس لحالة مستقرة بنظم متينة قابلة للصمود والتحدي، والتطور والاستمرار، واعتماد المنطقية دون إفراط ولا تفريط. ويستلهم من تجارب بعض دول النزاعات المماثلة وكيف ساهمت قواها الوطنية بدعم الاستقرار وتعزيز دور المؤسسات للقيام بخطوات منظمة للانتقال السياسي والاقتصادي تتناسب مع تطورات المرحلة.
– الطريق الوطني يعتبر المسارات الحالية مبادرات ايجابية لإطلاق الحلّ الشامل المتضمن في القرار الدولي/2254/ مرحلة انتقالية، دستور جديد، انتخابات نزيهة. وأنّ أيّ حلّ يجب أن يمر عبر السوريين من خلال ممثليهم الحقيقيين في صناديق الاقتراع، وبالتالي هناك فرصة متبقية للتعبير عن مصالح الشعب السوري وإعادة صياغة الهوية الوطنية على أسس سليمة، وإقرار عقد اجتماعي جديد يأخذ بالاعتبار كلّ معطيات السنوات السابقة.
– إنّ القادة الحقيقيين هم أولئك الذين لا يتنازلون أمام الضغوطات الآنية، ويستطيعون اتخاذ القرارات الصحيحة لمصلحة أهلهم وناسهم، وعلى أساس من إعمال العقل والحكمة، ويتمسكون بتلكَ القرارات ويدافعون عنها، وبذلك فقط، يمكنهم أن يتقدموا شعوبهم في مسير الطريق الوطني وليس العكس، فالشعب السوري مستعجل جداً ويستحق المخاطرة لأجله في سبيل الحصول على حقوقه، وهذا يحتاج إلى بناء فكري متقد، وإلى جهد وطني كبير.
– إعادة قواعد اللعبة العسكرية والسياسية في سوريةَ إلى الطريق الصحيح، وتصويب الانحرافات الكبيرة التي حدثت، والعمل على توحيد سورية أرضاً وشعباً، وتحليل التشابك الدولي والإقليمي والمحلي بالاعتماد على قوى وطنية – سياسية وعسكرية- من أهل الكفاءة والخبرة والاختصاص. تحافظ على تطلعات السوريين وتحقّق المصلحة الوطنية.
– إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على أسس سليمة وفق متطلبات المرحلة، وخضوعها للحوكمة الديمقراطية وسيادة القانون والرقابة والشفافية وعدم تدخلها في الحياة السياسية، والاعتماد على مبدأ الكفاءة وحسن الأداء، واستعادة الثقة المفقودة بين الشعب والجيش الجديد، والاستفادة من خبرات وتجارب الضباط المشهود لهم بالصدق والإخلاص.
– تصور الإطار العام للحل السياسي، مع مراعاة الخصوصيات الاجتماعية والاقتصادية كنقطة انطلاقٍ معقولة، والأخذ بالحسبان الخصائص التي تميز الأنظمة القضائية والإدارية وهيبة النظم القانونية، وكذلك المنظمات والأحزاب السياسية، والمؤسسات الإعلامية، والمستوى التعليمي والتجارب الديمقراطية السابقة، لعبور المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات نزيهة برعاية أممية.
– نجاح المشروعِ الوطني لا يتوقف على إعلان دولي فقط، بل هو نتاج نضالي داخلي مرير، وسيظهر مدى القدرة على تحدي الصعوبات والعمل على تذليلها والتأسيس لحراك سوري يجعل القوى الدوليةَ تستجيب لإصرار القوى المحلية التي تروم جوارا وطنيا شاملا نحو وطن مستقر بمؤسسات جديدة أهم مرتكزاتها المهنية والاحترافية والنزاهة…
* الشعب السوري عانى من التشرد والرصاص، والآن يعاني من سوء المعيشة وتردي الأوضاع. وإذا كان البعض قد وافق على قرارات جنيف مضطرا، فإنّ جزءاً من هذا البعض يحاول اليوم بعد أن حاول سابقا تجميد هذا المسار من أجل دفن العملية السياسية (بموقف مشابه لاتفاقيات مينسك) بسبب نشوء واقعٍ سوري جديد وهو حالة التقسيم الآني لعدة مناطق، وإنّ استمرار هذا التقسيم يحَّول الواقع الى أمر مستدام حسب رغبتهم، وبالتالي تضخّم المأساة السورية ثم إلغاء الدور الوظيفي لسورية ثم تجريفها وإلغاؤها بالكامل، وهذا ما لا نسمح به..
وبناء عل ذلك؛ فإنّنا في الطريق الوطني السوري نؤكد على مطالبنا المحقَّة التي أقرتها الشرعية الدولية، وأهمية التنسيق مع المحيط الإقليمي والعربي على أساس الندّية والمصالح المشتركة وحسن الجوار وضرورة قرب سورية من محيطها العربي, مستمرين بالدفعِ بالعملية السياسية والدفعِ بالشرفاء المشهود لهم بنظافة الأيادي وبياض الصفحات، من عسكريين ومدنيين ونشطاء وأكاديميين باختصاصاتهم المتنوعة والمتعددة، ممّن ترّفعوا عن شغل الكثير من المناصب الوهمية، في مرحلة مضطربة بكافة المقاييس وعلى كافة المستويات، ساعين دون كلل لأجل حرية السوريين ووحدة سورية التي كانت على مرّ الأزمان الملجأ الآمن والطريق العريض لكلّ من ضاقت به سبل الحياة وتعثرت في وجهه الطرق.
ختاما: تحية لشعبنا الصامد، الرحمة لشهدائنا، الشفاء لجرحانا، الحرية لمعتقلينا، والنجاح لمشروع الوطن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الطريق الوطني السوري-النقيب المهندس محمود الشيخ علي – سورية – اعزاز – بتاريخ 10/8/2024