قسد تنوع خياراتها في مواجهة تركيا عبر تعزيز التنسيق مع إيران
منذ إعلان الولايات المتحدة عن التحالف الدولي في أيلول 2014، أصبحت وحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لاعباً رئيسياً في المنطقة بدعم أميركي. لكن مع تراجع خطر تنظيم داعش وسقوط الباغوز في 2019، بدأت الولايات المتحدة تظهر مرونة تجاه تركيا على حساب قسد، مما دفع الأخيرة إلى تنويع خياراتها لمواجهة التحديات المتزايدة.
من خلال عملية نبع السلام التي أطلقها الجيش التركي في تشرين الأول 2019، اتهمت قسد الولايات المتحدة بالتغاضي عن الهجمات التركية، مما شكل دافعاً لقسد لتعزيز اتصالاتها مع روسيا وإيران. هذه الاتصالات تأتي في سياق رغبة قسد في الحفاظ على وجودها وتأمين نفسها من التهديدات التركيا المتزايدة خصوصاً بعد استقدام الجيش التركي معدات عسكرية لوجستية هجومية، بما في ذلك دبابات ومدفعية وأسلحة ثقيلة، إلى جانب قوات الكوماندوس المدربة على العمليات الخاصة. هذه القوات تمركزت على الشريط الحدودي مع سوريا والعراق، في خطوة تشير إلى استعدادات تركية لعملية عسكرية محتملة في سوريا والعراق.
تحافظ قسد على علاقات اقتصادية قوية مع النظام السوري، حيث تبيع له النفط بأسعار مخفضة وتورد القمح عبر مركز الحبوب في القامشلي. إضافة إلى ذلك، تعقد قسد جلسات تفاوض مع النظام بهدف التوصل إلى تفاهمات تحول دون أي تحرك عسكري تركي ضدها. ومع ذلك، تصطدم هذه المفاوضات بمطالب النظام بحل الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية وضم قوات قسد إلى الجيش السوري.
تعزز قسد علاقاتها العابرة للحدود مع حلفاء إيران في العراق وعلى رأسها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني، الذي يرتبط بإيران. وتخصص جزءاً من عائدات النفط لتعزيز هذه العلاقة، حيث تقدم دعمًا مالياً شهرياً للحزب وللقوات العسكرية المرتبطة به، كما تمنح قسد شهرياً مبلغ 15 مليون دولار أميركي لقوات مقاومة سنجار الأيزيدية، التي تعد جزءاً من الحشد الشعبي العراقي المدعوم من إيران، والمقربة أيضاً من حزب العمال الكردستاني الذي ينشط شمال العراق ويحظى بدعم عسكري وتقني إيراني، بما في ذلك الطائرات الانتحارية والاستطلاعية المسيرة.
تعتمد إيران على حزب العمال الكردستاني، قوات مقاومة سنجار، والقوات العسكرية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني في محاولات الحد من النفوذ التركي شمال العراق، وتأمين خط العبور البري من إيران إلى سوريا عبر العراق.
تواجه قسد تحديات عديدة، بما في ذلك موقف الإدارة الأميركية تجاهها. هناك أصوات داخل الأوساط الأميركية تطالب بالتعامل مع قسد كحليفة لإيران، مما يخلق ضغوطاً على الإدارة الحالية. من ناحية أخرى، تترقب قسد نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، إذ أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تزيد من فرص التفاهم بين أنقرة وواشنطن على حساب قسد.
الخاتمة:
في مواجهة التحديات المتزايدة من تركيا والولايات المتحدة، تسعى قسد إلى تنويع خياراتها وتعزيز تحالفاتها مع روسيا وإيران والنظام السوري. هذا التنوع في العلاقات والتحالفات يمثل استراتيجية قسد للحفاظ على استقلالها وضمان عدم تعرضها لهجمات عسكرية جديدة، مما يعكس تعقيد المشهد السياسي والعسكري في سوريا.
قسد والنظام واحد الله يخزيهم ..