مقدمة
لا يمكن اختزال الثورة السورية أو تحويلها إلى مجرد فكرة ومشروع للأجيال اللاحقة، بل هي حقيقة قائمة على جزء من الجغرافيا السورية. هذا الجانب الجغرافي مهم للغاية، حيث لا يمكن أن تقوم الثورات في بلاد المنافي والاغتراب. تحتفظ الثورة السورية بحاضنة شعبية كبيرة ومؤسسات وقوى عسكرية قوية، فضلاً عن اعتراف دولي بشرعيتها ومشروعيتها في أن تكون الجزء الأهم في المستقبل السوري.
عجز الجميع عن هزيمة الثورة السورية عسكرياً، فلجأوا إلى استخدام الحرب النفسية ونشر الإشاعات بهدف إحباط القاعدة الشعبية للثورة وبث الفوضى. تعتبر إشاعات عودة العلاقات بين تركيا ونظام الأسد واحدة من أبرز الأمثلة على هذه الحرب النفسية. يدرك أعداء الثورة أن تركيا هي الحليف الأبرز للثورة السورية، ويقومون بنسج قصص وسيناريوهات حول اتفاقات لتسليم تركيا مناطق الشمال إلى نظام الأسد دون مقابل.
من بين الشخصيات الإعلامية التي لعبت دوراً كبيراً في نشر هذه الإشاعات، يبرز سمير متيني كأحد أبرز الأبواق الإعلامية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد). متيني، المعروف بترويجه للأكاذيب والمعلومات المضللة، استخدم منصاته الإعلامية لبث الفتنة وزعزعة الثقة بين الثورة السورية وحلفائها. يعتمد متيني على إثارة الشكوك وتلفيق الأخبار حول لقاءات سرية واتفاقات غير مؤكدة بين تركيا ونظام الأسد، بهدف إضعاف الروح المعنوية للثوار وإحباط حاضنتهم الشعبية.
حيث يلجأ أعداء الثورة او الذباب الإلكتروني إلى تسليط الأضواء على مقالات رأي لكتاب وصحفيين اتراك، ينشرون في صحف صفراء مجهولة ومقربة من أحزاب يسارية تركية معارضة او علويين أتراك عنصريين لا يملكون أي رصيد سياسي في الشارع التركي. تعزز هذه المقالات إشاعات عن لقاءات أمنية بين مسؤولين أتراك ونظام الأسد في قاعدة حميميم. رغم عدم وجود تأكيد رسمي من الأطراف الثلاثة (الروس، الأتراك، ونظام الأسد) لحدوث هذه اللقاءات، تبقى هذه الأخبار عادية ولا تستحق الاهتمام الكبير.
تحليل الإشاعات
الإشاعات غالباً ما تكون ضعيفة ومتناقضة، مثل الادعاء بعقد لقاء أمني في سوريا ورعاية روسية، ومن ثم الاتفاق على عقد جولة أخرى في بغداد، وهو ما يتناقض مع المنطق. فلو نجح اللقاء في سوريا، لكان من المنطقي أن تعقد الجولة التالية في تركيا نفسها وليس في بغداد. يبدو أن صانع الإشاعة أراد ربطها بوساطة عراقية بين أنقرة ودمشق، في ضوء زيارة رئيس الوزراء العراقي لأنقرة مؤخراً.
ولتخويف الجمهور، تنتشر منشورات الذباب الإلكتروني الموالي لنظام الأسد، مثل حسين مرتضى وعمر رحمون، عن قرب تسليم إدلب للنظام وملاحقة الدولة التركية لكل من يقف ضد التطبيع المرتقب. تترافق هذه الأخبار مع إشاعات عن اعتقال العميد أحمد رحال، الذي نفى بنفسه تلك الأخبار مؤخراً.
لتبديد الإشاعات وتوضيح الحقيقة، يجب مراقبة الحركة على الأرض. هذا يتطلب تركيز الجهد على الأرض بنسبة تزيد عن 90% لفهم ما يدور، والباقي يؤخذ من تصريحات وأفعال المسؤولين الرسميين. يمكننا التأكيد على أن هذه الإشاعات والحروب النفسية لن تنال من عزيمة الشعب السوري في مواصلة طريقه ولن تؤثر سلباً على العلاقة الاستراتيجية بين تركيا والثورة السورية.
خاتمة:
في النهاية، تظل الثورة السورية صامدة أمام التحديات، متجاوزة الإشاعات والحروب النفسية التي تهدف إلى إضعافها. الحقيقية الواضحة على الأرض تؤكد أن الشعب السوري ماض في طريقه نحو تحقيق أهدافه في الحرية، مستنداً إلى دعم حلفائه وإيمانهم بعدالة قضيته. ومع استمرار التماسك الداخلي والوعي بالحروب النفسية التي يشنها الأعداء، تبقى الثورة السورية قوية وصامدة أمام كل محاولات الإحباط والتشكيك التي يبثها الذباب الالكتروني.
حتى النصر