هل ينجح المسار العربي بعد فشل جنيف وأستانا؟
في ظل الأوضاع المعقدة التي تمر بها سوريا، تبرز التساؤلات حول فعالية المسار العربي في تحقيق تقدم حقيقي نحو حل سياسي شامل في سوريا، خاصة في ضوء الفشل المتكرر لمساري جنيف وأستانا. بيان المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي في دورته رقم 160 المنعقدة في الدوحة بتاريخ 9 حزيران 2024، أكد على ضرورة تنفيذ النظام السوري لبيان القاهرة الصادر عن لجنة الاتصال الوزارية العربية منتصف آب 2023، وكذلك بيان عمان الصادر في 1 أيار 2023. هذه البيانات تهدف للتوصل إلى حل سياسي ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ودعم جهود المبعوث الخاص لسوريا غير بيدرسون.
موقف متجدد للمجلس الوزاري الخليجي
رحب المجلس الوزاري في دورته رقم 157 ببيان القاهرة في مسقط بتاريخ 7 أيلول/ سبتمبر 2023، كما أيده بيان المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في دورته رقم 44 في الدوحة بتاريخ 5 كانون الأول/ ديسمبر 2023. ولكن غاب بيان القاهرة عن الدورة 159 في الرياض بتاريخ 3 آذار/ مارس 2024. بيان القاهرة وضع النظام السوري في موقف حرج في مسار التطبيع العربي، حيث لم يتمكن النظام من تقديم رد مكتوب يوثق تنفيذه للمطالب العربية، مما أدى إلى إلغاء اجتماع اللجنة الوزارية في بغداد في آذار/ مارس الماضي.
فشل النظام في تنفيذ المطالب العربية
النظام السوري فشل في عدة جوانب هامة أبرزها:
- شمول اللاجئين السوريين بشكل حقيقي في مراسيم العفو الرئاسي.
- إنشاء منصة لتسجيل أسماء اللاجئين الراغبين في العودة بالتنسيق مع الدول المستضيفة وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة.
- توفير المعلومات عن احتياجات المناطق التي ستشهد عودة اللاجئين إليها.
- إنجاز قائمة لعودة ألف لاجئ متفق عليها مع الأردن.
- الإعلان عن الخطوات المتخذة لإطلاق سراح جميع المعتقلين، والإفصاح عن معلومات المفقودين.
- ضبط الحدود السورية الأردنية لمنع تهريب المخدرات والأسلحة.
- مكافحة إنتاج المخدرات بشكل فعال.
بيان القاهرة في القمة العربية
بيان القاهرة لم يقتصر على دول مجلس التعاون الخليجي، بل ظهر أيضاً في قرار القمة العربية الأخيرة رقم 33 في البحرين بتاريخ 16 أيار/ مايو 2024، حيث طالبت الجامعة النظام بتنفيذه إلى جانب بيان عمّان وقرارات الأمم المتحدة.
الاستراتيجيات الجديدة والمسارات المتعددة
الموقف العربي والخليجي يشير إلى أن النظام السوري عاجز هذه المرة عن تمرير سياساته المعهودة، التي تشمل:
- إغراق المفاوضين بالتفاصيل دون تقديم خطوات ملموسة.
- محاولة الخروج عن أطر الحل السياسي الدولية مثل بيان جنيف وبياني فيينا والقرار 2254.
- الابتعاد عن المفاوضات الجماعية والسعي نحو مفاوضات ثنائية مع كل دولة على حدة.
النظام السوري كان يستخدم مساري جنيف وأستانا لتجميد الأوضاع والحصول على تنازلات من الأمم المتحدة أو المعارضة السورية، ولكنه يبدو أن المسار العربي يفرض إطارين جديدين للحل السياسي يضافان إلى أطر الأمم المتحدة، مما يعتبر انتكاسة للنظام.
فرص نجاح مسار الجامعة العربية
المسار العربي يبدو مختلفاً عن المسار الأممي، حيث لا توجد تنازلات مالية أو سياسية مقابل تعطيل المسار. مع استمرار الموقف الأوروبي الرافض لرفع العقوبات، والموقف الأمريكي بعدم رفع العقوبات عن النظام السوري، تبدو احتمالات نجاح المسار العربي مرتفعة. يتطلب هذا النجاح التزاماً حقيقياً من النظام السوري بتنفيذ البيانات والقرارات العربية والدولية.