في الأشهر الأخيرة، تصدرت تقارير حول دعم إيران لحزب العمال الكردستاني (PKK) بتكنولوجيا الطائرات المسيرة الانتحارية وصواريخ الدفاع الجوي عناوين الصحف. ووفقاً لمعلومات نشرتها صحيفة “يني شفق” التركية، زودت إيران الحزب الكردستاني بما يزيد عن 50 طائرة مسيرة انتحارية، بالإضافة إلى أنظمة دفاع جوي متقدمة مثل صاروخ 358 وصواريخ حرارية لإسقاط الطائرات المسيرة التركية. هذا الدعم العسكري يعد جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز نفوذ إيران في المنطقة من خلال دعم الجماعات المسلحة.
بحسب المصادر، اختارت إيران مطار السليمانية في إقليم كردستان العراق كمسار رئيسي لنقل هذه الشحنات إلى PKK. تم استخدام طائرة مدنية تعمل لصالح ميليشيا الحرس الثوري الإيراني لنقل هذه المعدات. بالإضافة إلى الطائرات المسيرة الانتحارية، قدمت إيران للحزب أجهزة رؤية حرارية روسية المنشأ ونظام مراقبة جوية واسع الزاوية، مما يتيح للحزب الكشف المبكر عن الطائرات المسيرة.
افتتحت الميليشيات الإيرانية مركزاً تدريبياً للطائرات المسيرة شرقي دير الزور، حيث تتواجد قوات الحرس الثوري الإيراني بشكل مكثف. وتزامناً مع هذه التحركات، دخلت قافلة عسكرية محملة بالأسلحة والذخيرة تابعة للحرس الثوري منطقة تل رفعت-كفر نصوح شمالي حلب، ترافقها عناصر من PKK. هذا يعكس تعاونا عسكريا وثيقا بين الطرفين، حيث سلم الحرس الثوري بعض مقاره إلى PKK في شمال سوريا.
انتشار الأسلحة الإيرانية
في مارس الماضي، نشر الجناح العسكري لـ PKK مقطع فيديو يظهر استهداف طائرة مسيرة تركية (TAI ANKA) باستخدام صاروخ إيراني من طراز 358 في أجواء شمالي العراق. هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها هذا السلاح الخطير في أيدي جماعة غير مرتبطة أيديولوجياً بإيران. صاروخ 358 يجمع بين خصائص صاروخ أرض-جو والطائرة المسيرة الانتحارية، وقد استخدم بنجاح في اليمن والعراق ولبنان.
لم يقتصر الدعم الإيراني على الطائرات المسيرة وصواريخ الدفاع الجوي فقط، بل شمل أيضا تجهيزات أخرى مثل صواريخ كونكورس المضادة للدروع ومدافع الهاون عيار 120 وصواريخ فجر 1. هذا الدعم المتزايد عزز من قدرات PKK على المستوى التشغيلي والإعلامي، حيث أظهر مقاطع فيديو لإسقاط طائرات مسيرة تركية من طراز (Aksungur) و(Bayraktar/Akıncı) باستخدام صواريخ دفاعية.
PKK has acquired a new tech to hit Turkish drones and it is likely supplied by Iran, regional sources say
• 358 missile is a loitering munition that can hit high altitude UAVs. It was first spotted by @hursitdingil https://t.co/jMoOs3h8B3
— Ragıp Soylu (@ragipsoylu) June 10, 2024
أهداف ايران من تسليح ودعم حزب العمال الكردستاني (PKK)
إيران لديها عدة أهداف استراتيجية وراء تسليح ودعم حزب العمال الكردستاني (PKK)، ويمكن تلخيصها كما يلي:
1. تعزيز النفوذ الإقليمي
إيران تسعى لتعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعم جماعات مسلحة إرهابية مثل PKK. هذا الدعم يمكنها من التأثير في مجريات الأحداث في مناطق النزاع المجاورة، وخلق أوراق ضغط على خصومها الإقليميين مثل تركيا.
2. إضعاف تركيا
تركيا هي خصم إقليمي رئيسي لإيران، ودعم PKK الذي يشكل تهديداً أمنياً كبيراً لتركيا يمكن أن يضعف قدرتها على التركيز على تحديات أخرى في المنطقة. بزيادة قوة PKK، تُجبر تركيا على تخصيص موارد أكبر لمكافحة التمرد على حساب سياساتها الإقليمية الأخرى.
3. التحكم في الأكراد
إيران لديها أقلية كردية كبيرة، ودعمها لـ PKK يمكن أن يُستخدم كورقة ضغط على الأكراد داخل إيران. من خلال هذا الدعم، تستطيع إيران توجيه الأكراد بعيداً عن التحركات الانفصالية داخل أراضيها وتعزيز نفوذها بين الجماعات الكردية في العراق وسوريا.
4. مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها
دعم PKK يمكن أن يكون جزءاً من استراتيجية إيران لمواجهة النفوذ الأمريكي وحلفائه في المنطقة. بالذات في شمال سوريا والعراق، حيث تتواجد القوات الأمريكية وقوات التحالف، يمكن لإيران استخدام PKK لأثبات وجوده في المنطقة.
5. توسيع نطاق الحرب غير التقليدية
إيران تعتمد بشكل كبير على الحرب غير التقليدية من خلال دعم الميليشيات والجماعات الإرهابية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. دعم PKK يتماشى مع هذه الاستراتيجية، مما يمكنها من تحقيق تأثير كبير بتكلفة منخفضة نسبياً.
الخاتمة:
توضح التقارير والمشاهدات الميدانية أن إيران لا تكتفي بدعم الحلفاء التقليديين في المنطقة فحسب، بل تسعى أيضاً لتوسيع دائرة نفوذها من خلال تزويد جماعات مثل PKK بتكنولوجيا متقدمة وأسلحة نوعية. هذا الدعم يثير تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية لإيران وتأثير ذلك على استقرار المنطقة وأمنها. من المؤكد أن تورط إيران في تسليح ودعم الجماعات المسلحة سيظل موضوعاً مثيراً للجدل ومركزاً للاهتمام الدولي.