تعتبر سوريا واحدة من أبرز المسارح التي تشهد المنافسة الجيوسياسية بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تتقاطع فيها المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للعديد من اللاعبين الكبار في الساحة الدولية. تشهد سوريا منذ بداية الثورة السورية ضد نظام القمع والاستبداد عام 2011 -حتى الآن- تدخلات متعددة من قبل دول وجماعات مسلحة وتنظيمات مختلفة، مما أثار تحولات جذرية في المشهد السياسي والعسكري والإنساني والاجتماعي في سوريا.
في سوريا، تتصارع قوى إقليمية ودولية من أجل تأثير أكبر وضمان مصالحها الخاصة. تتباين أهداف هذه القوى، فبعضها يسعى للتأثير السياسي وتثبيت نفوذه في المنطقة والحصول على مكاسب اقتصادية، بينما تركز أخرى على مكافحة التنظيمات الإرهابية وحماية مصالحها الاقتصادية.
أهم اللاعبين في المناورات الجيوسياسية في سوريا
- روسيا: تعتبر روسيا من أهم اللاعبين في المناورات الجيوسياسية في سوريا، حيث تدعم حكومة الرئيس بشار الأسد عسكرياً وسياسياً. تعتبر سوريا قاعدة هامة للتواجد العسكري الروسي في المنطقة، كما تستخدم روسيا النزاع في سوريا كفرصة لاستعادة دورها العالمي وتعزيز تأثيرها الإقليمي.
- الولايات المتحدة: تركز السياسة الأمريكية في سوريا على مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية ودعم المعارضة المعتدلة، بالإضافة إلى الدفاع عن مصالحها الإقليمية، خاصة في ما يتعلق بالتواجد الإيراني وتأثيره في المنطقة.
- تركيا: تركز تركيا جهودها في سوريا على مكافحة الميليشيات الكردية وتأمين حدودها الجنوبية، بالإضافة إلى دعم المعارضة السورية المسلحة. كما تسعى تركيا إلى تأمين مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية من خلال تواجدها في شمال سوريا.
- إيران: تدعم إيران حكومة الأسد بشكل مباشر وتسعى لتعزيز تأثيرها في سوريا وتوسيع نفوذها في المنطقة. تركز إيران جهودها على دعم الميليشيات الموالية لها وتحقيق مكاسب استراتيجية في سوريا ونشر معتقداتها السوداء في التشيع ونشر العقيدة الأثناعشرية السوداء.
- دول الخليج: تدعم دول الخليج المعارضة السورية المعتدلة، وتسعى للتأثير في المشهد السياسي والعسكري في سوريا، بالإضافة إلى تأمين مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.
تشير هذه المناورات الجيوسياسية إلى تعقيدات الوضع في سوريا وتأثيرها على السياسة الدولية والاقتصاد العالمي. تتطلب حل الأزمة السورية جهوداً دولية مشتركة وحواراً بناءاً على احترام سيادة الدولة وحقوق الإنسان، لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
الصراع الأيراني الامريكي في شمال غرب سوريا
إيران تحاول إخراج الولايات المتحدة من سوريا
تتواصل المناورات الجيوسياسية في سوريا بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تسعى إيران إلى تعزيز نفوذها وطرد الولايات المتحدة من المنطقة الشرقية للبلاد، وتحديداً من خلال محافظة الحسكة. يظهر ذلك من خلال تكثيف الجهود الإيرانية لاستخدام المليشيات المحلية ووحدات التشغيل المختلفة لتنفيذ أجندتها في المنطقة.
يسعى النظام الإيراني إلى زيادة تأثيره في شمال شرق سوريا والعراق، مستخدماً القوى المحلية والميليشيات المدعومة منه، مثل “حزب اللات” و”المقاومة الإسلامية في العراق”، لطرد القوات الأمريكية وملء الفراغ الأمني الناتج عن انسحابها المحتمل، بهدف توسيع نفوذه وسيطرته على المنطقة. يتمثل ذلك في استهداف القواعد الأمريكية والتصعيد العسكري عبر هجمات متفرقة، مثل الهجوم الذي استهدف “البرج 22” وأسفر عن سقوط ضحايا أمريكيين.
على الرغم من التصعيد العسكري، تظهر إيران رغبتها في تهدئة الأوضاع مؤقتاً لتفادي اتساع الصراع مع الولايات المتحدة، كما يشير التوقف المؤقت للهجمات بعد الضغط الأمريكي. ومع ذلك، تظل الاستعدادات والتحركات العسكرية المدعومة من إيران مستمرة، مع التركيز على تعزيز الوجود العسكري وتكثيف التأثير في المنطقة.
تأتي جهود إيران في سياق أوسع من توسيع نفوذها في شمال شرق سوريا، حيث تسعى لتوجيه السيطرة على مناطق استراتيجية مثل مدينة القامشلي ومحافظة الحسكة. يتعاون النظام الإيراني مع القوى والميليشيات المحلية، مثل “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”وحدات حماية الشعب”، لتعزيز سيطرته وتأمين مصالحه في المنطقة. ويظهر ذلك من خلال تأسيس فرق عمل وميليشيات جديدة، مثل “سرايا الخراساني“، التي تعمل تحت إشراف مباشر من إيران لتحقيق أهدافها في المنطقة.
تتعقد الأوضاع السياسية والعسكرية في شمال شرق سوريا بوجود عدة لاعبين محليين وإقليميين ودوليين، مما يجعل المنطقة مسرحاً لصراعات معقدة ومتشابكة. يتنافس الأكراد والعرب والأطراف الدولية على السيطرة والتأثير في المنطقة، مما يزيد من التوترات والصراعات.
وفي هذا السياق، تبقى محافظة الحسكة واحدة من أبرز المناطق التي تتصارع فيها القوى المحلية والإقليمية على النفوذ والسيطرة، مما يعكس تعقيد الوضع السياسي والأمني في سوريا وتحديات إدارة الصراعات وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
بالتالي، فإن تصاعد التوترات والتصعيد العسكري في شمال شرق سوريا يعكس الصراعات الإقليمية والدولية في المنطقة، ويظهر تنافس القوى المحلية والإقليمية على النفوذ والسيطرة. ومع استمرار هذا الصراع، من المرجح أن يزداد تعقيد الوضع وتصاعد الاحتكاكات بين الأطراف المتنافسة، مما يجعل تحقيق الاستقرار والسلام في سوريا تحدياً أكبر.
الصراع الايراني الروسي على النفوذ في سوريا
الصراع الإيراني الروسي على النفوذ في سوريا يمثل جانباً مهماً من المناورات الجيوسياسية المعقدة في المنطقة. تتنافس إيران وروسيا على التأثير والسيطرة في سوريا، حيث تمثل كل منهما مصالح استراتيجية واقتصادية هامة في هذا البلد الذي يعتبر بوابة للتواجد والتأثير في الشرق الأوسط. تعمل روسيا على تعزيز حضورها العسكري والسياسي في سوريا من خلال دعم حكومة الرئيس الأسد وتأمين مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، بينما تسعى إيران إلى تعزيز تواجدها ونفوذها من خلال دعم الميليشيات الموالية لها وتحقيق تأثير إقليمي أوسع في الشرق الأوسط. يظهر هذا الصراع تنافساً حاداً بين القوتين على تحقيق أهدافهما في سوريا، مما يزيد من التعقيدات السياسية والعسكرية في البلاد ويعقّد الجهود الدولية لحل النزاع السوري.
الصراع الروسي الأمريكي في سوريا:
منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، كانت روسيا والولايات المتحدة تلعبان أدواراً متنافسة ومتضاربة في سوريا، حيث تتباين أهدافهما ومصالحهما في البلاد.
روسيا، تدعم نظام الأسد وتعتبره جزءاً أساسياً من استراتيجيتها في المنطقة، حيث ترى في النظام حليفاً استراتيجياً يضمن لها التواجد العسكري والسياسي في الشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. من ناحية أخرى، تسعى الولايات المتحدة إلى إزالة الأسد وتحقيق تغيير سياسي في سوريا يضمن تحقيق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة، بما في ذلك تقليل تأثير إيران وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
ومع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، بما في ذلك الهجمات العسكرية المتبادلة والتهديدات بالتدخل المباشر، فإن الصراع الروسي الأمريكي في سوريا أصبح أكثر تعقيداً. يتجلى هذا التنافس في السيطرة على المناطق الاستراتيجية، مثل حلب وإدلب وشرق الفرات، وفي التأثير على مسار الحل السياسي والمفاوضات الدولية المتعلقة بسوريا.
تحاول الولايات المتحدة بناء تحالفات دولية لدعم موقفها في سوريا، بما في ذلك دعم المعارضة المسلحة وتشكيل تحالفات مع القوى الإقليمية والدولية المعارضة للنظام السوري. في المقابل، تواصل روسيا تقديم الدعم العسكري والدبلوماسي للنظام، وتعزز تحالفاتها مع إيران وحزب الله لتحقيق أهدافها في المنطقة.
الصراع التركي الروسي على النفوذ في سوريا
الصراع التركي الروسي يشكل جزءاً هاماً من الديناميكية الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في سوريا. يتجلى هذا الصراع في تنافس النفوذ والمصالح بين تركيا وروسيا، حيث تسعى كل دولة إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية والسياسية في المنطقة بغية تعزيز نفوذها وتأثيرها في المنطقة.
من جانب واحد، تسعى تركيا إلى تحقيق تأثير أكبر في سوريا والمنطقة بدعم المعارضة السورية المعتدلة وإسقاط نظام الأسد. كما تسعى أيضاً إلى حماية حدودها الجنوبية وضمان عدم تمدد الأكراد، خاصة في شمال سوريا، وذلك من خلال دعم فصائل المعارضة السورية والسعي وراء تأسيس مناطق آمنة.
من جهة أخرى، تسعى روسيا إلى تعزيز تأثيرها في المنطقة ودعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك من خلال التدخل العسكري المباشر وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري للقوات السورية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى روسيا إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع سوريا وتحقيق مكاسب استراتيجية من وجودها في المنطقة.
تتعقد هذه الديناميكية بوجود عوامل إضافية مثل الصراعات القومية والعرقية، والتدخلات الخارجية…
مقال قيم جدا
شكراً لك على تواجدك ومرورك الكريم!