بطاقة الوافد: إذلال مُهين يتجاوز حدود الإنسانية
تم فرض بطاقة الوافد مايعرف “نظام الإقامة والكفالة” من قبل الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني PKK، على أبناء دير الزور في مناطق مختلفة من سوريا، بما في ذلك قرى الشامية والمدينة، وبعض مناطق الرقة التي تخضع لسيطرة النظام، بالإضافة إلى مناطق أخرى مثل ريف حمص وريف حلب وإدلب. تشمل هذه البطاقة أيضاً المقيمين السابقين الذين يقطنون في مناطق شمال شرقي سوريا منذ عقود، ويمتلكون العقارات والأراضي في تلك المناطق. يجب أن تكون قيودهم في السجلات المحلية مسجلةً في المنطقة التي يعيشون فيها. على سبيل المثال، يشمل ذلك ابن دير الزور المولود والمقيم في الرقة منذ عقود والذي يمتلك عقارات وأراضي، حيث تكون قيوده مسجلة تحت اسم دير الزور، باستثناء مناطق مثل عفرين وتل أبيض ورأس العين.
كيفية استخراج بطاقة الوافد:
- يشترط وجود عقد إيجار مصدّق من البلدية، يعود تاريخه لقبل عام 2022.
- بالإضافة إلى وجود مخطط (كروكي) للعقار.
- يتطلب الأمر وجود كفيلين محليين، حيث يتوجه الكفيل مع أفراد العائلة المكفولة إلى “مكتب الوافدين” لتقديم الطلب.
- بعد تصديق العقد من مكتب العقود في اتحاد “مكتب العقاريين”، يَخضع الكفيل وطالب الكفالة لدراسة أمنية دقيقة في مكتب العقود التابع لقوى الأمن (أسايش)، حيث يتجاوز مدة الدراسة غالبًا شهراً.
- بعد استكمال الموافقة الأمنية، يوقع الكفيل على تعهد بتحمله المسؤولية تجاه أي خطأ يصدر من المكفول.
لقد وصلت البلاد إلى زمن يجب عليك جلب من يكفلك لتعيش في وطنك، وهذا يُعتبر من أقسى أنواع الذل التي تمارسها قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
سياسات تهجير السكان المحليين التي تنتهجها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)
باستخدام استراتيجيات متنوعة ومتعددة، تعمل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على تهجير السكان المحليين من قراهم ومدنهم في مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها. تتضمن هذه الاستراتيجيات عدة ممارسات تهدف إلى تغيير التوزيع السكاني وتحقيق أهداف سياسية وعسكرية.
أحد هذه الأساليب هو استخدام العنف والترهيب، حيث يتم تنفيذ عمليات هجومية وحملات عسكرية ضد المدن والقرى العربية بهدف إجبار السكان على النزوح عبر القمع والترهيب والتخويف. يتم ذلك من خلال حملات الاعتقال وهدم المنازل والقتل، بهدف إجبار الأهالي على النزوح وترك مناطقهم.
وأحد الأمثلة على ذلك، اقدام عناصر من قوات الحماية الشعبية الكردية، التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، بتجريف الأراضي الزراعية والمنازل في قرية السعيدية بريف منطقة الشدادي. حيث قاموا بتجريف منازل المدنيين وأراضيهم الزراعية وهدمها بشكل كامل، وشملت هذه العمليات منازل عشيرة اللهيب، مثل أبناء حج موسى اللاقي الخضر وأبناء العمر والنفاش والبسيس والحسوني والعجيل.
تبرر الوحدات الشعبية أفعالها بادعاء تسلل عناصر تنظيم الدولة إلى المنطقة، مما يدفعها إلى تدمير القرى العربية وتهجير أهلها، كما حدث في عدة بلدات بريف الحسكة ومنطقة الشدادي على وجه الخصوص.
والأنكى من ذلك، أنَّ سياسات تهجير السكان المحليين التي تنتهجها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لا تقتصر فقط على العمليات العسكرية والاقتصادية، بل تشمل أيضاً العناصر الثقافية والاجتماعية. فقد تعمدت قسد إلى تنفيذ سياسات تهميش وتمييز ضد السكان العرب في المناطق التي تسيطر عليها، وذلك من خلال فرض لغة وثقافة وتعاليم تخدم أجندتها السياسية. وذلك بهدف فرض هوية قسد القومية على السكان المحليين، وتغيير وتحريف في الاسلام، بالتزامن مع إدخال عناصر ثقافية غريبة تجانب الإرث الثقافي للسكان المحليين. فقد تم توثيق محاولات فرض تعاليم وطقوس غريبة على الأطفال في المدارس الابتدائية، مثل إدخال أفكار “بوذا“الهندوسية، وتعاليم معبده إلى كتب المناهج الدراسية.
ومن أخطر تلك السياسات، هو ترويج ثقافة العري والانحطاط الأخلاقي المنتشرة في أوساط هذا التنظيم، حيث بدأت قوات قسد بهدم القيم عند الأهالي المحافظين بحجة الحرية والديمقراطية، مما يؤثر سلباً على الأطفال والشباب ويشوه القيم الاجتماعية والثقافية التقليدية في تلك المنطقة.
وبهذا النهج، تسعى قوات قسد إلى تمييز وإذلال السكان المحليين في المناطق التي تسيطر عليها، وذلك من خلال فرض سياسات تهجير تشمل العناصر الثقافية والاجتماعية والدينية، بغية تحقيق أهدافها السياسية الاقتصادية وتثبيت سيطرتها على المنطقة، كي تطبق بشكل كامل على المنطقة الشرقية الغنيَّة بجميع الثروات من نفط وزراعة وثروة مائية.
باستخدام هذه الاستراتيجيات المتعددة، تعمل قوات سوريا الديمقراطية على تحقيق أهدافها السياسية والديموغرافية في المناطق التي تسيطر عليها، وتهجير السكان العرب واستبدالهم بسكان من خلفيات عرقية وثقافية مختلفة تخدم مصالحها وأجندتها السياسية.
كيف استغلت قسد المُرَّحلينَ من العراق إلى سوريا للتغطية على عمليات التهجير القسري التي ترتكبها
تستغل إدارة الذاتية المنتمية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني PKK إعلان إقليم كردستان العراق عن نيته إعادة السوريين إلى بلادهم، كمبرر لعمليات الترحيل القسري التي تقوم بها قسد في شمال شرقي سوريا، مستهدفةً بشكل خاص المكون العربي في المنطقة.
وفي بيان صادر بتاريخ 17 نيسان/ إبريل 2024، أكدت الإدارة الذاتية، التابعة لحزب العمال الكردستاني PKK، وصول أول دفعة من السوريين المرحلين من العراق بناء على قرار حكومي ينص على ملاحقة الأجانب المخالفين لشروط الإقامة وإيقافهم.
وأشار التقرير إلى أن هذه البيانات صدرت رغم عدم تنفيذ أي عملية ترحيل من قبل الحكومة العراقية للسوريين اللاجئين لديها إلى مناطق سيطرة قسد. علاوة على ذلك، لم تقم الإدارة الذاتية بتغطية إعلامية لعمليات النقل المفترضة، كما هو الحال في حالات نقل العوائل العراقية من مخيم الهول بالتنسيق مع الحكومة العراقية.
وأكد التقرير أن البيان الصادر عن قسد يستغل قرارات الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان بحق اللاجئين السوريين المخالفين لتبرير عمليات الترحيل التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني PKK.
كما يظهر التقرير أن عمليات الترحيل تمت قبل ذلك ضد نازحين سوريين في مناطق سيطرة قسد، باستخدام مجموعة متنوعة من الذرائع، مثل عدم امتلاك “بطاقات وافد” التي تفرضها الإدارة الذاتية “قسد” على المقيمين.
وتشير البيانات إلى أن الإدارة الذاتية بدأت حملات في آذار/ مارس 2024 للتدقيق في بطاقات الوافدين في محافظة الحسكة، مع تهجير عدد من العوائل دون تأكيد مخالفتهم لقوانين الإدارة الذاتية.
باختصار، يبدو أن قسد تستغل قرارات ترحيل السوريين من العراق كغطاء لزيادة تكثيف عمليات التهجير التي تقوم بها بشكل متقطع، مستخدمة عدة ذرائع لتبرير هذه العمليات، مع تركيزها على تهجير السكان العرب في المنطقة.
تعليقات 2