استهلال
لمحة عن جبهة تحرير الشام:
هي متحور إرهابي لما كان تعرف سابقًا باسم جبهة النصرة لأهل الشام التي هي بدورها مستنسخة عن الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، المتفرِّعة عن فلول تنظيم القاعدة في العراق. اعتمدت الجماعة اسم تنظيم داعش للتعبير عن طموحها الإقليمي حيث امتدت عملياتها لتتضمن الصراع السوري. قاد تنظيم داعش أبو بكر البغدادي الذي أعلن عن تأسيس خلافة إسلامية في شهر يونيو/حزيران 2014.
وتعتبر إحدى المجموعات المسلحة المعروفة في المناطق المحررة شمال غرب سوريا، وفق بعض المعلومات عنها:
- تاريخ تأسيسها: تم تأسيس جبهة تحرير الشام رسميًا في يناير عام 2012، وكانت تعرف في البداية باسم “جبهة النصرة لأهل الشام”. في عام 2017، أعلنت الجبهة انفصالها عن تنظيم القاعدة وتبنيها لاسم “جبهة تحرير الشام”، في محاولة لتخفيف الضغط الدولي عنها.
- أصولها: جبهة تحرير الشام نشأت كجزء من الجماعات المسلحة المقاتلة التي تدعي زوراً أنها تعمل ضد النظام السوري، ولكنها في الواقع هي ربيبة نظام الأسد وذراعه لخلط الأوراق واجهاض الثورة. تميزت بتبنيها لفكر الجهاد الإسلامي وفق المذهب السلفي الجهادي.
- استراتيجيتها: كانت تعلن أنها معنية في قتال النظام السوري ومؤيديه، لكنها أثبتت أنها تركز جهودها للسيطرة على المناطق المحررة وشل فعالية قوى الثورة في المناطق المحررة. وتوجيه هجمات ضد القوات الكردية في مناطق شمال شرق سوريا.
- نشاطاتها:
- المشاركة في القتال ضد النظام السوري والقوات الموالية له.
- التواجد في الجبهات المعارضة في إدلب وريف حماة وشمال حمص.
- تنفيذ هجمات إرهابية في مناطق سيطرة النظام وفي العاصمة دمشق.
- مشاركة في التصعيد العسكري ضد القوات الكردية في منطقة عفرين ومناطق أخرى.
يجدر بالذكر أن جبهة تحرير الشام تعتبر منظمة إرهابية من قبل عدة دول ومنظمات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
الثوار يرفضون يتصدون
وتشهد مناطق المعارضة شمال غربي سوريا منذ 25 شباط/ فبراير 2024 مظاهرات شعبية مستمرة ضد “هيئة تحرير الشام”، إثر قضية عملاء التحالف التي تسببت بأزمة داخلية غير مسبوقة في صفوفها؛ باتت تُهدّد ما حقّقته من مكاسب منذ نشأتها. يبدو أن الديناميات الحالية للمظاهرات مختلفة عن أي احتجاجات سابقة اندلعت ضد الهيئة.
وفي هذه المقالة، سنستكشف إلى أين تتّجه المظاهرات ضد هيئة تحرير الشام، مع التركيز على الأبعاد العسكرية والسياسية والاجتماعية التي قد تؤثر على مستقبل المنطقة بشكل عام.
الديناميات الحالية للمظاهرات
الديناميات الحالية للمظاهرات ضد هيئة تحرير الشام تعكس تحولاً ملحوظاً في الساحة السورية، حيث تظهر مزيجاً متنوعاً من المشاركين والمطالب. تعكس هذه الديناميات تغيراً في المناهج السياسية والاجتماعية داخل المنطقة المحررة في شمال غربي سوريا، وتعكس أيضاً تحديات متزايدة تواجه الهيئة.
تنوع المشاركين: المظاهرات تجذب مشاركين من خلفيات مختلفة، بما في ذلك النشطاء المدنيين المستقلين، وأعضاء من حزب التحرير، وعناصر من الفصائل المناهضة للهيئة. هذا التنوع في المشاركة يظهر أن هذه المظاهرات لا تقتصر فقط على جماعة محددة، بل تمثل شعوراً عاماً بالاستياء والاحتجاج.
ارتفاع سقف المطالب: المتظاهرون يطالبون بتنحي قادة الهيئة، وتفكيك جهاز الأمن العام التابع للهيئة، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. هذه المطالب تعكس استياءً شديداً من السياسات والتصرفات الغير مقبولة.
جهود الهيئة للاحتواء: تظهر جهود الهيئة للاحتواء وتهدئة الاحتجاجات من خلال الاجتماعات مع النشطاء والإعلاميين والوجهاء المحليين والقادة العسكريين. هذه الجهود تشمل وعود بالاستجابة لبعض مطالب المتظاهرين، ولكنها في الوقت نفسه تظهر استعداد الهيئة لاستخدام العنف في حالة تصاعد الأزمة.
استجابة الهيئة ومحاولات الاحتواء
تقوم الهيئة بجهود لاحتواء الاحتجاجات والأزمة الداخلية المتصاعدة، حيث أجرت اجتماعات مع نشطاء وإعلاميين ووُجهاء محليين وقادة عسكريين، ووعدت بالاستجابة لمطالبهم. في المقابل، أشارت إلى عدم سماحها بتجاوز الخطوط الحمراء واستعدادها لتغيير طريقة تعامُلها مع الأحداث.
الاحتمالات المستقبلية وتأثير المظاهرات
يبدو أن استمرار المظاهرات قد يدفع الهيئة لاختبار استخدام العنف على نطاق تدريجي ومحدود، خاصة إذا استمرت المطالب في التصاعد. إلى جانب ذلك، يبدو أن تنحي الجولاني عن قيادة الهيئة أو تغيير مرجعية الحكم مستبعد حالياً، مما قد يضطرها لاستحضار سيناريوهات بديلة لتفادي تصاعد الأزمة.
أبعاد المظاهرات على المستقبل
الديناميات المعقّدة للمظاهرات تظهر أن لها أبعاداً عسكرية وسياسية واجتماعية. يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مستقبل المنطقة، خاصة إذا لم يتم احتواؤها بشكل كامل. قد يؤدي استمرارها إلى تغيير شكلي في قيادة الهيئة وتغيير فعلي في هيكليتها وموازين القوى داخلها.
كلمة الجولاني:
اتفقوا على بديل عني… ولا يفكر أحد بتجاوز الخطوط الحمر
في كلمته أمام المؤسسات العامة والفعاليات الثورية في إدلب، أكد أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، على ضرورة الالتزام بالوحدة والانضباط في المناطق المحررة، مشدداً على أنه لا يوجد خلاف على السلطة في إدلب، وداعياً الجميع للتفاهم والتعاون من أجل المحافظة على استقرار المنطقة.
تحدث الجولاني عن أهمية عدم تجاوز الخطوط الحمراء في المناطق المحررة، محذراً من أن أي خرق للانضباط قد يؤدي إلى خلق فوضى وتشتيت للجهود المشتركة التي بذلها الشعب السوري لتحرير المنطقة. كما أكد على أهمية الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بفضل تضحيات الأناس، وعدم العودة إلى الوراء بأي شكل من الأشكال.
من جانبه، أشار الجولاني إلى أهمية توافق الفصائل والمجتمع المحلي على شخص يتمتع بشرعية وثقة الجميع، مؤكداً استعداده لتسهيل هذه العملية ودعم أي قرار يتم اتخاذه بهذا الصدد. وتعكس هذه المواقف حرص الجولاني على استقرار المنطقة وضرورة الوحدة والتعاون لتحقيق الأهداف المشتركة.
بهذه الكلمات، يسعى الجولاني إلى تهدئة الأوضاع وتجنب أي تصعيد قد يؤثر على استقرار المنطقة، ويعرض نفسه كوسيط للتوافق والتنسيق بين الفصائل المختلفة، مؤكداً على ضرورة الالتزام بالقواعد والضوابط التي تحافظ على الأمن والاستقرار في إدلب وغيرها من المناطق المحررة في سوريا.
ختاماً:
إن المظاهرات ضد هيئة تحرير الشام تشكل تحدياً جدياً لاستقرار المنطقة. يبدو أن مستقبل هذه المظاهرات وتأثيرها على الساحة السورية سيكون موضوعاً للمتابعة الدقيقة في الفترة القادمة، حيث تتجلى أبعادها المعقّدة في التحولات السياسية والأمنية والاجتماعية التي قد تخضع لها المنطقة.
فهل سينجح المتصدون لها أن يصيبوها بمقتل كي يتفرغوا للتصدي للأسد في الأيام القادمة؟
للأسف وضع الشمال السوري كله غلط بغلط ولايمكن تسميته بالشمال المحرر
نؤيد رأيك بأنَّ لا وجود لمصطلح مناسب لوصف حالة مناطق التهجير الداخلي في سوريا لأنهم مواطنين لهم بيوتهم وأعمالهم ومزارعهم، ولكن الوضع الراهن افتقدهم تلك المسميات، ونتمنى لفترة قصيرة فقط. أما الإعلام استعمل هذا المصطلح لتمييز هذه الفترة من الشظف القاسي الذي ساد البلاد. أشكرك على التعليق.
دراسة جيدة ومفصلة
نشكر اهتمامك في المقالة، ونتمنى أنْ نتلقلى آرائك دائماً.