في الثامن من اذار – مارس من كل عام، يُحتفل بيوم المرأة العالمي، وهو مناسبة تعكس أهمية دور المرأة في تطوير المجتمعات وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي. فالمرأة، ركيزة أساسية في النهضة الاجتماعية، وشريك لا يُقدّر بثمن في بناء الأمم وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والثقافي.
السوريون أول من احترم المرأة:
“عشتروت” أو “عشتار” أو”إنانا” ظهرت لأول مرة في بلاد آشور و”عشتروت” في سوريا وبلاد الشام. ومن ثمَّ في بلاد الرافدين حوالي 3500 قبل الميلاد. وانتشرت عبادتها -فيما بعد- في جميع أنحاء الشرق الأوسط القديم، من مصر إلى بلاد فارس. وقد استمرت تلك الطقوس المقدسة إلى أن حلّت المسيحية في القرن الخامس الميلادي، حيث تبدلت تلك الطقوس بأخرى أكثر عصرية وزادها مجيء الإسلام بأنْ كرَّس لها حقوقاً تتساوى مع الذكور مع منحها شرف مقولة ” الجنة تحت أقدام الأمهات”.
ومن يتقصى مفهوم رمزية عشتروت، يتحقق أنَّ الحضارة السورية -رغم تطورها- ما زالت محافظة إلى اليوم على تلك الرمزية التي نلخصها بما يلي:
كانت عشتروت إلهة الخصب (أم الطبيعة) والحب والجمال والحرب.
- تُوّجَت بالعديد من الرموز، مثل:
- الثور: رمز القوة والخصوبة.
- الأسد: رمز القوة والشجاعة.
- النجمة الخماسية: رمز الحماية والجمال.
- القمر: رمز الأنوثة والخصوبة.
أما طقوس عبادتها:
تنوعت طقوس عشتروت عبر الزمن والمناطق، لكن بعض العناصر الأساسية ظلت مشتركة.
- تضمنت طقوس عشتروت ما يلي:
- تقديم القرابين: حيوانات، نباتات، سوائل.
- الرقص والموسيقى.
- تقديم الهدايا: المجوهرات، التماثيل، اللوحات.
- طقوس جنسية رمزية.
- المهرجانات السنوية.
لذلك نحتفل سنوياً بيوم المرأة العالمي، الذي انخرط العالم في المشاركة في هذه الاحتفالية مع بداية ظهور الحركة النسوية في القرن التاسع عشر، وصولاً إلى حقوق المرأة في القرن العشرين، فقد شهد العالم تغيرات جذرية في المواقف تجاه المرأة. وعلى الرغم من وجود تحديات مستمرة، فإن هناك توجهًا عالمياً نحو تعزيز المساواة بين الجنسين وتقدير دور المرأة في كافة المجالات.
تأثير ذلك على تطوير الاقتصاد:
تعد المرأة عاملًا حيوياً في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، حيث تسهم بشكل فعّال في سوق العمل وتحقيق الإنتاجية الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تمكين المرأة اقتصادياً يؤدي إلى تحقيق توازن أكبر في الاقتصاد وتعزيز الاستقرار المالي للأسر والمجتمعات بشكل عام.
توجد العديد من الأبحاث التي تشير إلى أن تمكين المرأة اقتصادياً يسهم في تحقيق نمو اقتصادي أكثر استدامة وعادليَّة. على سبيل المثال، في تقرير لمنظمة العمل الدولية، أشير إلى أن زيادة مشاركة النساء في سوق العمل يمكن أن تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 27٪ في بعض البلدان.
تظهر الأمثلة العملية تأثير تمكين المرأة على التنمية الاقتصادية. في الهند، على سبيل المثال، عملت حكومة ولاية (كيرالا) على تطبيق برنامج لتمكين المرأة من خلال توفير التعليم والتدريب وفرص العمل، مما أدى إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
أسباب تكريس يوم عالمي للاحتفال بعيد المرأة:
تم تكريس يوم المرأة العالمي لتسليط الضوء على قضايا المرأة وتحقيق التغيير الإيجابي في حياتهن. يوفر هذا اليوم مناسبة للاحتفال بإنجازات المرأة وتقدير دورها الحيوي في المجتمع. كما يعتبر يوم المرأة أيضاً فرصة للتأمل في التحديات التي تواجهها المرأة في مجتمعات مختلفة والعمل على تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.
السوريَّات أتقَنَّ دَورَهُنَّ بجدارة:
لن نبحر في تاريخ دور المرأة السورية منذ القدم، خاصة بعد الاستقلال في عام 1946، حيث بذلت المرأة السورية جهوداً كبيرةً في تأسيس العديد من الجمعيات والمنظمات التي تعمل على دعم حقوق المرأة وتحسين وضعها في المجتمع. والأمثلة كثيرة ومنها:
إليك بعض أهم الجمعيات التي أسستها المرأة السورية بعد الاستقلال:
1. جمعية النهضة النسائية عام 1948:
- تأسست جمعية النهضة النسائية في وهي منظمة تعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز دور المرأة في المجتمع.
- تقوم الجمعية بتقديم الخدمات الاجتماعية والتعليمية للنساء، بالإضافة إلى تنظيم الندوات والمحاضرات لتوعية المرأة بحقوقها وتشجيعها على المشاركة الفعّالة في المجتمع.
2. الاتحاد العام لنساء سوريا 1949:
- وهو منظمة تهدف إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع وحماية حقوقها.
- تعمل الجمعية على توفير الدعم والمساعدة للنساء في مختلف المجالات مثل التعليم والصحة والاقتصاد.
3. جمعية نساء سوريا للتنمية عام 1985:
- تأسست جمعية نساء سوريا للتنمية في، وهي منظمة تهدف إلى تحسين وضع المرأة السورية وتمكينها في المجتمع.
- تقدم الجمعية الدعم النفسي والاجتماعي للنساء، بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات والورش العمل لتوعية المرأة بحقوقها وتعزيز مشاركتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
4. جمعية النساء العربيات الرائدات عام 2005:
- تأسست جمعية النساء العربيات الرائدات في وهي منظمة تعمل على تمكين المرأة السورية وتحقيق المساواة بين الجنسين.
- تقدم الجمعية الدعم الاجتماعي والنفسي للنساء، وتنظم الدورات التدريبية والورش العمل لتطوير مهاراتهن وزيادة فرصهن في سوق العمل.
السوريَّات الثوريَّات:
بشكل استثنائي، سنعرض نبذة عن معاصرة المرأة السورية للثورة التي بدأت عام 2011 في البلاد.
لقد كان لها دور اً بارزًا ومؤثراً على مختلف الجوانب الاجتماعية والسياسية والإنسانية. على الرغم من التحديات والمخاطر التي تواجهها، ورغم ذلك ما زالت حاضنة النضال من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وهذه بعض النقاط التي تسلط الضوء على دور المرأة السورية في الثورة:
1. المشاركة في الاحتجاجات السلمية:
- شاركت النساء السوريات بشكل فعّال في الاحتجاجات السلمية في مراكز مختلفة في سوريا، حيث كانت تنظم وتشارك في التظاهرات والمسيرات السلمية للمطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
2. النشاط السياسي والتنظيمي:
- لعبت النساء السوريات دورًا مهماً في تنظيم الحركات المدنية والسياسية، حيث شاركن في تأسيس وتنظيم العديد من المجموعات والمنظمات المدنية والسياسية التي تعمل على تحقيق أهداف الثورة ودعم الضحايا.
3. دور النساء في الإعلام والتوثيق:
- قامت النساء السوريات بدور بارز في التوثيق ونقل الأحداث والانتهاكات الحاصلة خلال الثورة، حيث شاركن في إنتاج ونشر الأخبار والتقارير والصور والفيديوهات عبر وسائل الإعلام الاجتماعية والمنصات الإلكترونية.
4. الدور في العمل الإنساني:
- لعبت النساء السوريات دورًا هاماً في تقديم المساعدات الإنسانية والطبية والنفسية للضحايا والمتضررين من النزوح والقتال، حيث شكلن شبكات للمساعدة المجتمعية والدعم النفسي والاجتماعي.
5. الدور في القيادة المحلية:
- على الرغم من التحديات، لعبت النساء السوريات دورًا مهماً في القيادة المحلية في المناطق المحررة، حيث شاركن في إدارة المجالس المحلية وتقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات المتضررة.
باختصار، دور المرأة السورية في الثورة كان حاسماً ومتعدد الأوجه، حيث سعت إلى تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وظلت تواجه التحديات وتستمر في النضال من أجل تحقيق أهداف الثورة رغم الظروف الصعبة التي تواجهها.
إفاضة لا بُدَّ من ذكرها كخاتمة:
بعد لجوء السوريين إلى بلدان الاغتراب، نشأت العديد من الجمعيات والمنظمات التي تعمل على دعم وتمكين المرأة السورية وتلبية احتياجاتها في بلدان اللجوء. إليك بعض الجمعيات الهامة ونشاطاتها في هذا السياق:
1. “Women Now for Development” (النساء الآن للتنمية):
- هي منظمة غير حكومية تأسست عام 2012 وتعمل على تمكين المرأة السورية في الداخل والخارج.
- تقدم الجمعية الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي للنساء السوريات في بلدان اللجوء، بالإضافة إلى تقديم الدورات التدريبية والورش العمل لتطوير مهاراتهن وزيادة فرصهن في العمل.
2. “Syrian Women’s Network” (شبكة المرأة السورية):
- هي شبكة تضم مجموعة من المنظمات والجمعيات التي تعمل على دعم المرأة السورية في بلدان اللجوء.
- تعمل الشبكة على تنسيق الجهود وتبادل المعلومات والخبرات بين الجمعيات المختلفة، وتنظيم فعاليات وبرامج تثقيفية وتوعوية لدعم حقوق المرأة السورية.
3. “Women’s International League for Peace and Freedom” (رابطة المرأة الدولية من أجل السلام والحرية):
- تعتبر رابطة المرأة الدولية من أجل السلام والحرية واحدة من أقدم المنظمات النسائية في العالم، وتعمل على تعزيز دور المرأة في بناء السلام وحماية حقوق الإنسان.
- قامت الرابطة بدعم النساء السوريات في بلدان اللجوء من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتنظيم الحملات للدفاع عن حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.
4. “Kvinna till Kvinna Foundation” (مؤسسة المرأة للمرأة):
- هي منظمة دولية تعمل على تعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في العديد من البلدان، بما في ذلك بلدان اللجوء.
- تقوم المؤسسة بدعم الجمعيات والمنظمات المحلية التي تعمل على دعم المرأة السورية في بلدان اللجوء من خلال تقديم التمويل والدعم الفني والاستشاري.
هذه بعض الجمعيات والمنظمات التي تعمل على دعم وتمكين المرأة السورية في بلدان اللجوء، وتسعى جميعها إلى تحقيق التنمية والمساواة والعدالة الاجتماعية للنساء السوريات في ظل الظروف الصعبة التي يواجهنها.
أفلا تستحق عشتارات سوريا التبجيل والإكبار.
المرأة السورية لها الدور المميز منذ فجر الحضارة في بلاد الشام ..
Valuable article! Well done and well said!
Thank you
We appreciate your feedback on the article and look forward to engaging with you further on the greatest revolution in history.