رمضان 2024 في سوريا: بين ارتفاع الأسعار وواقعين متناقضين
أيامٌ ويدخل رمضان المبارك 2024 عبر بوابة الزمن ليَهب السوريين بركتَه المشحونة بلمسات السعادة والروحانية، ولكنَّه سيتفاجأ من الحالة المعيشية المُزرية التي يعيشها السوريون اليوم. فرمضان يأتي كي يُذكّر الأغنياء بالتصدّق على الفقراء والمساكين، ولكنَّه في هذه السنة، سيختلف هذا المعيار كثيراً، لأنَّ الأغنياء إزداد شجعهم بنهب هؤلاء المساكين، وما دامت العلّة تدور مع المعلول، فما من جدوى تنفع كي يتمكّن رمضان من المحافظة على هيبته المقدسة، لإنَّ بطون الأغنياء لا تشبع ما دامت كسرة الخبز تسد جوع فقراء القوم وهم صابرون.
السؤال الذي يدور في أذهان السوريين، كيف سيواجه رمضان التحديات اللامتناهية – يوماً بعد يوم – ما دام نظام الأسد يتفنن في خلق الظروف الاقتصادية والسياسية التي تجبر هؤلاء المحبين لرمضان أنْ يهاجروا قسراً بعيداً عن وطنهم؟
رمضان في مناطق سيطرة نظام الأسد
في مناطق سيطرة نظام الأسد، يتسبب النظام القمعي والفاسد في زيادة الضغوط على المواطنين، حيث يعانون من تدهور الاقتصاد وانهيار القيمة النقدية للعملة المحلية. يواجه السوريون هناك تحديات كبيرة في تأمين متطلبات شهر رمضان، إذ يرتفع السعر الى ارقام لم تكن متوقعة مسبقاً. بالإضافة إلى ذلك، تفتقر المناطق الخاضعة لسيطرة النظام إلى الاستقرار الأمني، مما يزيد من صعوبة حياة السكان ويزيد من عزلتهم عن المساعدات الإنسانية.
وفقاً لتصريحات حصلت عليها القبة الوطنية السورية فإن التضخم في أسعار السلع الغذائية وصل إلى ما يقرب من 40 بالمئة منذ بداية العام، بينما تراوح في العام 2023 بين 100 حتى 150 بالمئة، مما أدى إلى تراجع قوة الشراء للمواطن بنسبة تصل إلى 100 بالمئة في دمشق.
وفي هذا السياق، أكد احد الخبراء الاقتصاديين أن تكلفة وجبة الإفطار لخمسة أشخاص قد تصل حالياً إلى الحد الأدنى من 150 ألف ليرة سورية، وهو ما يعكس ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بتكلفتها في الأعوام السابقة خصوصاً في مناطق سيطرة نظام الاسد.
وتعزى هذه الزيادة في تكلفة وجبة الإفطار إلى عدة عوامل، منها ارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء، والتي أثرت بشكل مباشر على تكاليف المصانع التي تنتج السلع الغذائية، مما دفع بعض المنتجين الزراعيين إلى عدم قطف ثمارهم بسبب تكلفة القطاف والنقل التي تجاوزت قيمة بيع المحاصيل.
مناطق الشمال السوري المحررة
أما في المناطق المحررة، فإن الوضع لا يزال مأساوياً، حيث يتمثل التحدي الأكبر في تأمين المأوى و السلع الأساسية والخدمات الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يضطر السكان هناك للتعامل مع غياب البنية التحتية والخدمات الأساسية مابين الحرب وزلزال شباط، مما يزيد من معاناتهم خلال هذا شهر رمضان المبارك.
وبين هذين الواقعين المتناقضين، يظل الشعب السوري مصمماً على الصمود ومواجهة التحديات بكل قوة وإصرار. في ظل هذه الظروف الصعبة، يبقى رمضان المبارك فرصة للتآزر والتضامن بين السوريين، حيث يتعاونون مع بعضهم البعض لتخطي الصعاب وتحقيق الأمل في مستقبل أفضل للجميع.
في ظل التضخم المتزايد وارتفاع أسعار السلع الغذائية، يجد المواطن السوري نفسه مواجهاً لتحديات اقتصادية خطيرة، خاصةً خلال شهر رمضان المبارك، حيث ترتفع تكلفة وجبة الإفطار بشكل ملحوظ، مما يضغط على ميزانيات الأسر ويؤثر سلباً على مستوى المعيشة.
وتشهد الأسواق السورية موجة غلاء مستمرة، حيث ارتفع سعر ليتر البنزين في السوق السوداء ليتجاوز الـ20 ألف ليرة، وهو ما يعكس حجم الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها سورية عند النظام وحتى في المحرر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اتساع الفجوة بين دخل المواطن والمصاريف يجعل الحاجة إلى تدابير اقتصادية عاجلة لتخفيف العبء عن كاهل الأسر، سواء من خلال زيادة الرواتب لمواكبة معدلات التضخم، أو من خلال توفير سلع أساسية بأسعار معقولة. ففي المحرر يبلغ راتب المعلم 55 دولار والحد الادنى للانفاق هو 300 دولار.
رمضان أهلاً وسهلاً .. تعال ولا تخجل
يستقبل السوريون شهر رمضان هذا العام بترحاب رغم ما حملوه من آلام ثقيلة من الأزمات المتراكمة والكوارث الطبيعية التي لا زالت تكبر ككرة الثلج مع مرور 12 عاماً على الحرب المستمرة التي خلفت دماراً هائلاً وتشريداً للملايين حيث يجدون أنفسهم أمام تحديات اقتصادية صعبة جداً. تعال رمضان إلينا لتشهد بأم عينك آثار الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الذي أضاف معاناة جديدة وأضراراً هائلة، مما أدى إلى فقدان العديد من الأرواح وتشريد العديد من الأسر.
ولكن عندما تحلُّ يا رمضان علينا ضيفاً سوف تعاني مع السوريين النقص الحاد في الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والغذاء، مما يجعل من الصعب على السكان الاستعداد لاستقبالك يا شهر الصيام ونحن منذ أعوامٍ صائمون قسراً بالطريقة الأسديَّة.