الطائفية في سوريا: تعريف وتاريخ
الطائفية في سوريا هي ظاهرة اجتماعية وسياسية معقدة تمتزج فيها العوامل الدينية والقومية والسياسية. يُعرّفُها البعض على أنها التمييز والتفرقة بين الأفراد والمجتمعات بناءً على الانتماء الديني أو العرقي او السياسي، وهو ما يشكل حقل ألغام يمكن تفجيره لخلق الصراعات والتوترات بين الطوائف المختلفة.
تاريخياً:
تشكلت الطائفية في سوريا على مر العصور نتيجة لعدة عوامل، منها السياسات الاستعمارية التي فرضتها القوى الغربية خلال الاستعمار وبعد انتهائه، وكذلك التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للبلاد. كما ساهمت سياسة النظام البعثي القمعية والتمييزية التي اتبعها نظام الأسد في تأجيج الصراعات الطائفية وتعميق الانقسامات بين الطوائف المختلفة تحت شعار فرق تسد.
في العهد الحديث:
خلال فترة حكم نظام حافظ الأسد (الأب) ووريثه (الابن) بشار، تبنى النظام سياسة القمع والتمييز ضد الطوائف غير العلوية، خاصة السنة والأكراد والدروز والمسيحيين، في محاولة لتعزيز سيطرته والحفاظ على نفوذه. فقد قام النظام بتعيين مسؤولين من الطائفة العلوية في المناصب السيادية الحكومية، وقام بتهميش واضطهاد أفراد من الطوائف الأخرى، مما أدى إلى تفاقم التوترات والصراعات بين الطوائف المختلفة.
لذلك حرص النظام على القيام بتأجيج التوترات الطائفية من خلال استخدام الدين والطائفة كوسيلة لتشتيت الانتفاضات الشعبية والحركات الديمقراطية التي نشأت خلال الربيع العربي في سوريا عام 2011. كما استخدم القمع العنيف ضد المتظاهرين السلميين من مختلف الطوائف، وقام بتحريض الطائفة العلوية ضد الطوائف الأخرى، مما أدى إلى اظهار الثورة على أنها صراعات طائفية عنيفة أدت إلى تصاعد العنف بشكل كبير في سوريا.
بالتالي، يمكن القول بأن الطائفية في سوريا لم تكن يوماً ظاهرة اجتماعية، بل جاءت نتيجة لتاريخ طويل من السياسات التمييزية والقمعية التي افتعلها النظام السوري كي تظهر للرأي العام بأنها مجرد حالة من الانقسامات والصراعات التي تعصف بالبلاد منذ سنوات عديدة.
دور النظام السوري في تعزيز الطائفية
بدأت الطائفية في سوريا في التصاعد بشكل كبير خلال الأزمة السورية التي بدأت في عام 2011. وقد ساهم النظام السوري بشكل كبير في تعزيز هذه الفتنة وزعزعة استقرار البلاد من خلال عدة آليات:
1. استغلال الطائفية للحفاظ على السلطة:
- استخدم النظام السوري خطاب الطائفية لتبرير وجوده واستمراريته في الحكم، مما أدى إلى تأجيج التوترات بين الطوائف المختلفة بهدف تقويض أي حركة احتجاجية أو ثورية.
2. تكتيك الانقسام والفرز الطائفي:
- نشر النظام السوري الفوضى والانقسامات الطائفية في البلاد، وشجع على تشكيل ميليشيات طائفية تدعمه، مما أدى إلى تصاعد الصراعات الدموية وتفاقم الأزمة الإنسانية.
3. القمع الطائفي والانتهاكات الحقوقية:
- قامت قوات النظام والميليشيات الطائفية كحزب الله ومليشيات فاطميون وما شابهها بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان ضد المعارضة، مما زاد من التوترات وزعزع الثقة بين مختلف الطوائف.
الطائفية كأداة سياسية
استخدم النظام الأسدي الطائفية كأداة سياسية بهدف تحقيق أهداف سياسية معينة، لا نستطيع تبرأتها من الارتباط بأجندات جيوبوليتيكية دولية، التي مكنته من تعزيز سيطرته والحفاظ على السلطة، لتورية قضايا الفساد أو الفشل في القضايا الاقتصادية الملحة، حيث كان تفتيت التماسك الاجتماعي والمعارضة السياسية ضرورة لا بدَّ منها لدوام سيطرته على البلاد.
والمعروف جليَّاً، عندما تتبنى الحكومات أو الأنظمة الطائفية سياسات تمييزية تعطي أحد الطوائف ميزة على حساب الطوائف الأخرى، ستكون مفرزاتها تفاقم الانقسامات والتوترات الطائفية في المجتمع. وتشمل هذه السياسات التمييز في التوظيف والفرص الاقتصادية، والتمييز في منح الحقوق والامتيازات، واستخدام السلطة القانونية لقمع الطوائف الأقل حظاً.
علاوة على ذلك، يمكن أن تستخدم الطائفية كأداة للتحكم في السلوك السياسي والاجتماعي للمواطنين وحرمانهم من حقوقهم المدنية، حيث تقوم الجهات الأمنية بتحريض أفراد المجتمع على الولاء الطائفي وممارسة العنف ضد الطوائف الأخرى. لذلك تبنى نظام الأسد سياسات التحريض والتأجيج للكراهية والانقسامات الطائفية من خلال وسائل الإعلام والخطابات السياسية.
هذه قائمة تشمل بعض الطوائف المعروفة في سوريا، ومن الممكن أن تكون هناك طوائف أخرى غير مذكورة تعيش في مناطق محددة داخل البلاد.
- مسلمون سنة: يشكلون حوالي 69% من سكان سوريا.
- شيعة وإسماعيليين: يشكلون حوالي 2% من سكان سوريا.
- علويون: يشكلون حوالي 16% من سكان سوريا.
- دروز: يشكلون حوالي 3% من سكان سوريا.
- يزيديون: يشكلون نسبة صغيرة جدًا من سكان سوريا.
- يهود: يشكلون نسبة صغيرة جدًا من سكان سوريا.
- آشوريون-كلدان-سريان: يشكلون حوالي 2.5% من سكان سوريا.
- أرمن: يشكلون حوالي 4% من سكان سوريا.
- المسيحيين الآخرين: يشكلون حوالي 1.5% من سكان سوريا.
بشكل عام، يعكس استخدام الطائفية كأداة سياسية انحيازاً للمصالح الضيقة للفئات الحاكمة على حساب مصلحة المجتمع بأسره، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات والتوترات في المجتمع وتعطيل الديمقراطية وبناء الدولة المدنية.
خاتمة
بشكل عام، فإن تفاقم الطائفية في سوريا يعود جزئياً إلى سياسات النظام السوري واستغلاله للطائفية كأداة للحفاظ على السلطة. ومن المهم فهم دور الطائفية كأداة سياسية في زعزعة استقرار المجتمع السوري، وضرورة التصدي لهذه الظاهرة من خلال العودة إلى تعزيز الحوار والتسامح الديني والمجتمعي.
تعليقات 1