لايزال الجرح ينزف !
في مثل هذا اليوم، قبل عام واحد، ضرب زلزال مدمر سوريا وتركيا في ساعات الفجر الأولى من صباح 6 شباط، مخلفاً وراءه أثراً مأساويا لا ينسى حيث بلغت شدته 7.5 درجة على مقياس ريختر، وكانت تأثيراته المؤسفة تشمل أرقاماً كبيرة من الخسائر البشرية والمادية الضخمة، خاصةً مدينة عفرين – أحياء جنديرس في ريف حلب الشمالي حيث دمر الزلزال مناطق واسعة مخلفاً الالاف من الارواح التي انهكتها كثرة النزوح والام الحرب.
في الوقت الذي كانت فيه العديد من الأسر تستريح في أحضان النوم، ضرب الزلزال بشكل مفاجئ وعنيف، محول اللحظات الهادئة إلى مأساة لا يُنسى. ترك الزلزال آثاره المدمرة على العديد من المدن والقرى، حيث تهدمت المباني وانهارت الهياكل، مما أسفر عن مقتل وجرح الآلاف وشرد المئات من العائلات.
لم تكن الخسائر محصورة فقط في الأرواح البشرية، بل تجاوزت ذلك إلى الخسائر المادية الهائلة، حيث تضررت البنية التحتية والمرافق العامة بشكل كبير، مما أثر على حياة السكان واقتصاد البلدين.
عام مر على ذلك اليوم الكارثي، ومع ذلك، لا يزال الألم والحزن يخيمان على قلوب الناس الذين فقدوا أحباءهم وممتلكاتهم، ويحملون آثار تلك الكارثة في ذاكرتهم وروحهم.
ومع ذلك، تظل هذه الذكرى تجسدًا لروح الصمود والتضامن، حيث تجتمع الشعوب لدعم بعضها البعض في مواجهة التحديات وإعادة بناء المجتمعات المتضررة، مما يعكس الروح الإنسانية العظيمة التي تنطلق في أصعب الظروف.
فلنتذكر هذا اليوم بكل ما فيه من دروس وعبر، ولنعمل معاً على تعزيز الإجراءات الاحترازية للحد من تأثير الكوارث المستقبلية، ولنظل متحدين في وجه الصعوبات، بغية بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة.
ومن المؤسف بعد مرور عام من كارثة الزلزال، لم تقم أيّ جهة دولية بدعم مشاريع إعادة إعمار المنازل المتضرّرة من الزلزال أو إنشاء وحدات سكنية بديلة، وكأنَّ هنالك خط أحمر دولي حول مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، حيث أنَّ ذلك من شأنه ترسيخ عملية التغيير الديموغرافي، لكون أسباب النزوح الداخلي تعتبر مؤقتة ريثما يتم الوصول إلى حل سياسي يحسم الأزمة السورية”. ولكنَّ بطء الاستجابة الدولية لإغاثة المنكوبين عقب حدوث الزلزال جاءت متأخرة ومتواضعة جدًّا، وما زالت أقل من حجم المساعدات التي وصلت في العام السابق للزلزال”.
ولكن التبرّعات الفردية، من السوريين أو بعض الشخصيات والمؤسسات العربية، استطاعت سد حجم صغير من الاحتياجات الأولية للمتضررين من الزلزال، وكذلك قدمت دعماً متواضعاً لمشاريع الترميم والصيانة للمنازل المتضررة.
ولعبت بعض المنظمات الوطنية الخاصة في الداخل السوري دوراً نشيطاً في الحشد والمناصرة للضغط على المجتمع الدولي الذي بدأ يتجاوب بشكل طفيف متأخرًا. وعادة تقوم الجهات الدولية المانحة بتقييم احتياجات المتضررين بشكل يخدم الجماعات في مناطق الكوارث وليس الأفراد كل حسب حاجته واوضاعه المعيشية، مما يتسبب في تأخر الإجراءات – بالرغم من بساطتها – لأنَّ عمليات التمويل تحتاج إلى دراسات تتعلق تداعيات الكارثة، ووضع تصورات لإعادة بناء الحيز المكاني لدعم سبل العيش.
أما النظام الذي كان سبباً في نزوح الأهالي قسرياً وتوضعهم بشكل عشوائي في مناطق الزلزال، قام بقصفهم جواً وبراً دون أي رحمه لاستكمال مخططه في التخلص من أكبر عدد من الأهالي إما بالقتل أو اخافتهم من الموت ليرحلوا نهائياً خارج سوريا.
اليوم وفي هذه الذكرى الأليمة، تتقدم إدارة وأعضاء منصة القبة الوطنية السورية، بأصدق التعازي وأحر التعاطف إلى أهالي وأحباء ضحايا زلزال تركيا وسوريا، وإلى كل الذين فقدوا أحباءهم وممتلكاتهم في هذه الكارثة المدمرة. ونشاطركم الألم والحزن في هذا الوقت العصيب، داعين الله أن يمنحكم القوة والصبر لتجاوز هذا المحنة، وأن يرحم الله الضحايا ويشفي المصابين، ويعينكم على إعادة بناء حياتكم ومجتمعاتكم. قلوبنا معكم، وسنظل نقدم كل الدعم والمساعدة التي يحتاجها أهلنا، مؤكدين لهم التضامن والوحدة كمفتاح لتخطي هذه التحديات الصعبة. والله ولي التدبير.
نطلب من الله أن يحفظكم ويحميكم، وأن يجعل هذه التجربة تقوي أواصر التلاحم والتعاون بين أفراد مجتمعنا، لبناء مستقبل أفضل وأكثر استقراراً وسلاماً يعمُّ الجميع.